فى أيام قلائل أُختزلت كرامة الأٌمة فى قضية كاميليا شحاته ، وسكنت بالنفوس مشاعر متزايدة بالقهر والذهول والأسى حيال ما وصلنا إليه من مهانة ودونية وازدراء من نشطاء وعشاق إثارة الفتنة فى الكنيسة ، الكنيسة التى من المفترض أنها تعيش فى ذمتنا ورعايتنا و كنفنا ، إلا أن الأمر لم يعد كذلك فأصبحت الكنيسة لا أقول دولة داخل الدولة بل دولة فوق الدولة وفوق سيادة القانون ، وفى هذا مؤشر خطير ونذير شؤم بتقطيع أوصال الوطن الواحد ، والوصول الى حالة من اللامعيارية والفوضى داخل الدولة. ورغم أن الحقائق قد تكشفت ، وبدا واضحاً أمام الجميع بأن كاميليا شحاته لم تُختطف ولم تُجبر على شىء ، إلا أن هناك إصراراً لا مبرر له من الكنيسة وتحد واضح لاستمرار أسر إنسانة لم ترتكب جُرماً لتحاسب عليه ، ولو افترضنا أنها قد إرتكبت جرماً بالفعل فإن الكنيسة بتصرفها هذا تضع نفسها خارج إطار القانون والشرعية ، اذ أنها ليست الجهة المنوطة بمحاسبة الجانحين ، وفى هذا تعدٍ خطير على حق الدولة وتعطيلاً لدستورها. وبالرغم من كل النداءات والإحتجاجات التى طالبت وناشدت الكنيسة لفك أسر المواطنة كاميليا شحاته - إلا أننا لم نجد إلا آذاناً صما وعيوناً لا تبصر الحق ، مع كل استعلاء وتكبر وعناد من رواد إثارة الفتنة فى الكنيسة . يحدث هذا فى الوقت الذى يتنصر فيه من من المسلمين - فى ظل خوائهم الدينى أوفقرهم والاغداق المادى من الكنيسة – من يتنصر دون أن يخرج المسلمون فى مظاهرات للمطالبة بتسليمهم أو إقامة الحد عليهم ، بل إنهم يتركون ليمارسوا حياتهم بصورة طبيعية ، ويظهرون فى القنوات التليفزيونية ليعبروا عن آرائهم المناهضة للاسلام دون أن يتعرض لهم أحد ، فلم نسمع يوماً أن شيخ الازهر أو المفتى أو غيرهما طالبوا بتسليم شخص تنصر للتحفظ عليه وإجراء ما يطلق عليه بلغة الكنيسة "عمليات غسيل المخ المغسول" ، أو ايداعه فى وادى (اللى يروح ما يرجعش)!!!!! لم يحدث أبداً ، ولو تخيلنا حدوث هذا فإن الدولة لم تكن لتسمح بمثل هذا التجاوز!!! ، بل إن القانون كان سيأخذ مجراه ، اليس كذلك؟؟؟. والسؤال الذى يطرح نفسة : ماذا يكون الحال لو كان الذى حدث هو العكس ، مسلم تنصر وقام المسلمون بالتظاهر حتى قامت الجهات الامنية باعتقاله وتسليمه لهم ، فقاموا باحتجازه فى مكان مجهول ، فطالب المسيحيون بفك أسره ، فلم يستجب لهم أحد وقيل ان هذا شأن إسلامى وليس من حق أحد أن يتدخل فيه ، هل سيكون هذا الامر متقبلا من المسيحيين ؟ بالطبع لا ، وقتها كانت الدنيا سوف تقوم ولا تقعد فى الداخل والخارج!!!!!! إن العقلاء من المسيحيين يدركون جيداً ان الكنيسة بتصرفها المتعنت هذا واصرارها عليه ، يجعلها ترتكب خطأً جسيماً فى حقها وحق المسيحيين ، كما أن هذا التصعيد والتعنت غير المسئول سابقة خطيرة يمكنها ان تعصف بأمن هذا الوطن الذى عاش فيه المسلمون والمسيحيون كنسيج واحد فى وطن واحد على مدى التاريخ فى اطار "لكم دينكم ولى دين". ولذلك أقول لمن بيدهم زمام الامور ، ولحكماء المسلمين والمسيحيين: أدركوا السفينة قبل غرقها (لا قدر الله) ، وكفانا ممارسة لدور المتفرجين ، فلا يمكن التعامل مع القضية من خلال تجاهلها أو الهروب منها أو نسيانها ، بل بمواجهتها ، لا تمكنوا النافخين فى الجمر والعابثين بأمن هذا الوطن وسلامته أن يدمروا وحدته أو أن يشعلوا نيران الفتنة فيه ، لاسيما ونحن نعيش فى إطار عالم يكرس اهتمامه بالمواطنة والحرية والشفافية وحقوق الإنسان ، فليتحمل كل مسئوليته قبل أن يصل الاحتقان الى ما لا تحمد عقباه . وما ريد التأكيد عليه إن قضية كاميليا شحاتة لا يجب النظر اليها باعتبارها قضية مسلمين ومسيحيين ، بل يجب وضع القضية فى مكانها الحقيقى كشأن يخص كرامة الإنسان المصرى وحقه فى تقرير مصيره ، فى ظل سيادة الدولة والقانون.