إن دراسة العلم دون عقد النية الجازمة للعمل به وبال على الدارسين؛وذلك لأنهم في هذه الحالة ستنصرف قلوبهم إلى عرض الدنيا وزينتها،فتأخذهم أمواج الهوى وتتشعب بهم ليقعوا في شراك الشيطان وزخرف الدنيا،فهم قد ورثوا دراسة العلم ولم يرثوا حقيقية العلم فضلوا أنفسهم وأضلوا الناس معهم،فدارستهم وتفقهم للعلم مجرد عرض يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا،مظهر العلماء واضح للناس وحقيقية العلم غائبة،ورغم ذلك يتألهون هم وأتباعهم على الله أنهم سيغفر لهم،مع أنهم خالفوا العهد مع الله ومع الناس،خالفوا كلمة الحق بل وحرفوها،فاشتروا الدنيا بالآخرة،وهذا ما حذر منه القرآن الكريم:" فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون"(الأعراف:169). هؤلاء الدارسون للعلم الذي لا يخالط قلوبهم ،المحتالون الذين يحرفون الكلم عن مواضعه يبحثون عن مخارج للفتاوى مهما كان لها من آثار مدمرة على الفرد والمجتمع لنيل عرض الحياة الدنيا . وبعد ذلك يقولون سيغفر لنا!!! مع أن النبي – صلى الله عليه وسلم- لم يضمن لأهل بيته هذه المغفرة إلا مع العمل الصالح ورحمة الله،فأهل بيته أمرهم ألا يتكلوا على قرابة أو حسب أو نسب،فيوم القيامة لا أنساب ولا أحساب،لذا قال:" .. اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا..بل إن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: سددوا وقاربوا وابشروا، فإنه لا يدخل أحدا الجنة عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة. ما هذه الجرأة من أناس المفترض فيهم أنهم هم ورثة الأنبياء في العلم والتقوى والخوف من الله...!! ما الذي يحصلونه من وراء فتواهم النارية التي يكتوي بها صاحبها كما يكتوي بها أتباع الهوى الذين يبحثون عن فتاوى التفصيل،الفتاوى الجاهزة المعلبة سريعة الذوبان!! يا علماء سيغفر لنا إن من يبرر للناس الباطل باسم الدين هو خائن لله ورسوله ولوطنه.. فتوبوا إلى الله فقد استبحتم الأعراض والدماء وخربتم البلاد وغرتكم الأماني،فلا تنسوا الله حتى لا يشغلكم بأنفسكم فتنسوا أنفسكم فتكون التهلكة... ويا من اتكلتم على فتوى علماء سيغفر لنا واستبحتم دماء الأبرياء بغير حق اتقوا الله فإن الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس؛ فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه؛ ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه.ومن أكبر المحارم على الأرض التعدي على من خلقه الله بيديه وهو الإنسان،فيحرم التعدي على دمه وماله وعرضه ،ولا يغتر أي إنسان بفتوى المضللين التي تبيح وتستبيح الدم والعرض والمال بغير حق فهي لم ولن ترفع عنك السؤال بين يدي الله فهؤلاء مهما بلغ علمهم،فكل يأخذ منه ويرد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم-،وهم لم يغنوا عنك من الله شيئا يوم القيامة كل نفس بما كسبت رهينة.