الإنسان يتم تأسيسه منذ البداية أى منذ الصغر ومنذ نعومة أظافر الفرد وفى حداثة العمر ، وقد اختفى هذا الكنز واندثر وتلاشى فى زحمة الحياة وضغوطها والسبب هو سيطرة المادة على حركة الحياة ونبضها خاصة فى ظل الغلاء الفاحش والبطالة والتباين الرهيب فى رواتب الحكومة والمعاشات مقارنة برواتب القطاع الخاص والقطاع الاستثمارى .. فى هذا كله يهتز ويتزلزل البناء الأخلاقى للمجتمع ويتآكل صرح المبادىء والقيم الأصلية التى كانت لسلفنا الصالح فى ذلك الزمن الذى أصبح معروفاً بالزمن الجميل والسعيد .. ! وإذا أردنا أن نصل إلى تعريف محدد للأخلاق فهى أولاً جمع خلق والخلق هو صفة راسخة فى النفس البشرية تدعوها إلى فعل الخير أو فعل الشر كفعل الشجاعة أو فعل الجبن أو الظلم أو العدل أو الكرامة أو البخل وهذه الصفات هى التى يتميز بها الإنسان العاقل عن سائر المخلوقات الأخرى ، لأن العقل ميزة ميزنا بها الخالق سبحانه وتعالى . فالأخلاق هى شكل من أشكال الوعى الإنسانى يقوم على ضبط وتنظيم سلوك الإنسان فى كافة مجالات الحياة الاجتماعية بدون استثناء فى المنزل مع الأسرة وفى التعامل مع الناس وفى معاهد العلم وفى الأمكنة العامة والسؤال هنا هل هنالك أشخاص لديهم كنز أخلاقى محافظين حتى وقتنا الحال عليه يورثونه كما ورثوه أم باعوه وتناسوه وأهدروه فى زحام الحياة وبالمثل أيضا هنالك أشخاص ليس لديهم أخلاق ولكن لديهم من الرؤية والبصيرة الذهنية الدافع لشراء الخلق وللأسف الأخلاق لا تباع ولا تشترى فهى ليست سلعة ولكنها صفة تغرس فى الفرد ( النفس البشرية ) منذ المهد وتكون معه حتى مماته ونحن لابد وأن نسأل أنفسنا ونحاسب أنفسنا إذا فقدنا هذه الصفة لأنها نعمة وليست نقمة لأنها تميز الفرد عن غيره من المخلوقات ولكن المفاجأة والطامة الكبرى نجدها فى أطفال الشوارع والأحداث والمتسولون الذين لا يعرفون ما معنى السلوكيات ولا حتى معنى الأخلاقيات ولا ما هى القيم وما هى المبادىء وليس لديهم دافع لتعلمها أو لاكتشافها لأن لديهم ما هو أعمق وأعظم من ذلك ألا وهو اللهث وراء لقمة العيش ، الهم الأعظم بالإضافة إلى المخدرات والتسول وغيرها .. إن الفرد منا قد يستطيع أن يغير من مظهره وملبسه ومسكنه ولكنه لا يستطيع أن يغير من سلوكياته وأخلاقياته التى تربى ونشأ عليها وترعرع عليها وغرسها فيها أفراد عائلته منذ نعومة أظافره وذلك لأنهم لا يعلمون ما هو الهدف الذى يسعون وراءه فشئت أم أبيت فأن الآخرين يتأثرون بأفعالك وقد يقلدونك سواء قصدت ذلك أن لم تقصد ، وإحذر إذا كنت مثل أعلى لأحد الأشخاص سواء أكان هذا الشخص قريباً لك أو صديق أو زميل وعلى سبيل المثال ففى مجال العمل الوظيفى سوف نجد الموظف الصغير إدارياً أو الحديث وظيفياً فى محل العمل عندما يجد زملاءه المحيطين به ورؤسائه لا يبالون بأخلاقيات العمل المهنى وسلوكياته فأنه قد يقلدهم وذلك ما لم يكن لديه وازع أخلاقى . أما طغيان المصلحة العامة على المصلحة الخاصة فسوف يحول الفرد إلى آلة ميكانيكية ضمن مؤسسة كبرى لا يستفيد منها إلا شبع بطنه وكسوته ، وينتج عن ذلك قتل روح الطموح فى نفسه واعتبار ذاته كأى عامل يستوفى أجره فى نهاية كل شهر ، سواءً عمل بإخلاص أم لم يعمل . وهكذا يتحول هؤلاء العمال إلى أناس يتكل البعض منهم على الآخر فى إنجاز أعماله ، فتنعدم روح الأخلاق والتفانى والتضحية ما دام هذا العامل لا يستفيد من كل هذا الإنتاج إلا الشىء اليسير . وإذا أراد المجتمع أن يطور من نفسه فهو يحتاج أن يبحث عن هذه السلوكيات الخاطئة التى تنتج التخلف ليصححها ، وتصحيحها لابد وأن يشارك فيها كل من الخطيب فى المسجد والكاهن فى الكنيسة والمعلم فى المدرسة والأب والأم فى المنزل والمحاضر فى قلعة العلم ( الجامعة ) وعن طريق وسائل الإعلام أيضا ودور النشر ( الصحافة ) . كل هؤلاء وآخرين واجبهم يلزمهم أن يبحثوا عن هذه السلوكيات الخاطئة ويتعلموا كيف يغرسونها فى الفرد منذ الصغر .
بقلم / فوزى فهمى محمد غنيم عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.