كتب المحلل الإسباني (داريو فالكارسيل) في يومية (آبي ثي) الصادرة في مدريد يوم 20 أبريل 2005 مقالاً بعنوان"إيران... التفاوض أم الحرب؟". تناول فيه احتمالات المواجهة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية على خلفية الخلاف الحاد بين الطرفين حول برنامج إيران النووي، محذراً من تكرار سيناريو العراق في المنطقة، وانفراد واشنطن وصقور الإدارة الأمريكية بخوض الحرب ضد طهران، متجاهلين قرارات الشرعية الدولية والاتحاد الأوروبي. وقال (داريو فالكارسيل) في مقاله: في الأيام الاثني عشر الأخيرة اتخذ البيت الأبيض مواقف متناقضة أمام التحدي النووي الإيراني. بعض الأصوات المقربة من الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني أشارت إلى إمكانية التدخل العسكري، لكن الرئيس في الوقت الحالي تراجع عن هذا السيناريو، قائلاً: إن الولاياتالمتحدة تستبعد مثل هذا الخيار في الوقت الحالي، ليعود يوم 18 أبريل قائلا : إن جميع الاحتمالات تظل واردة ! هذا التغير في المواقف يبين الشعور بانعدام الأمن. غير أن التفاوض مع إيران لا يعني أن خيار الحرب لم يعد وارداً. هناك في واشنطن بالتأكيد أصدقاء للحرب، أناس لا يخشون شيئاً، ويرون أن هناك ما يمكن أن يربحوه، ولوبيّات قوية تشجع على خوض القتال. وهؤلاء الداعون إلى الحرب يجهلون في الحقيقة ساحة المعارك وحقائقها الرهيبة. إنهم يتناسون الجرحى والقتلى والمآسي المختلفة للحروب .. (ريتشارد هاس) مسؤول التخطيط الإستراتيجي في وزارة الخارجية على عهد كولن باول أعلن يوم 12 إبريل أن أي ضربة عسكرية لإيران سوف تؤدي لا محالة إلى مضاعفات خطيرة، ورفع سعر برميل البترول إلى مائة دولار، ذلك أنه ليس من السهل أن يحدث في المنطقة نزاع محدود أو سريع في الزمن. فالإخفاق الأمريكي في العراق كان مراً، لكنه في إيران سيكون أكثر مرارة. إن تدمير المنشآت النووية الإيرانية يتطلب تعزيزات عسكرية كبيرة، كما أنه من الصعب التفكير في أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة يمكن أن تصدر قراراً بجواز ذلك، زدْ على هذا أن الضربة الجوية ينبغي أن يليها التدخل العسكري البري، وسيكون لذلك نتائج غير مرغوب فيها، تقود إلى توحيد الإيرانيين في جبهة مقدسة، بعد أن كانوا منقسمين. إن الأمل في الوصول إلى اتفاق مع طهران احتمال ضئيل، ولكنه موجود. هناك اليوم تسع دول تمتلك القنبلة النووية، وإذا ما قُدّر لإيران أن تكون لها قنبلتها فسنكون إذن أمام (20) دولة نووية أو أكثر، وهي وضعية يصعب مراقبتها بالنسبة للاتحاد الأوروبي. قد يتعاون الصينيون والروس مع الأوروبيين، لكنهم لن يوافقوا على ضربة عسكرية لإيران، وإذا أقدمت واشنطن على مثل هذه الضربة فإن العالم سيتساءل مرة أخرى: كيف يمكن لدولة كبرى يقدر سكانها ب 4.7% من سكان العالم أن تقرر وحدها مواقع وطرق التدخل العسكري دون إذن من مجلس الأمن الدولي؟! إن ثقة الولاياتالمتحدة في الاتحاد الأوروبي محدودة، فعلى الرغم من أنه حتى اليوم لا يدعم بوش في سيناريو التدخل العسكري، إلاّ أنّ الاتحاد الأوربي لم يصل إلى نتائج بعد ، والمفاوضات لا تزال مفتوحة. لكن إيران تتمسك بحقها في تخصيب اليورانيوم، وهو المشروع الذي بدأه الشاه قبل (35) عاماً بمساعدة الأمريكيين أنفسهم . بيد أن القوات البرية الأمريكية هي اليوم غارقة في العراق منذ أعوام، ونحن نعرف أن إمكانية وجود قوات عسكرية برية كافية وضرورية أمر غير ممكن، فهامش التحرك لدى الولاياتالمتحدة ضئيل جداً، ثم لا بد من أن يكون هناك مبرر منطقي يلقى قبول المواطن الأمريكي، في الوقت الذي يوجد فيه عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ يلاحقون جورج بوش؛ لأنه ورّط بلادهم في حرب العراق بناء على معلومات خاطئة المصدر: الاسلام اليوم