الرئيس "المؤقث" عدلي منصور، يحمل لقب "مستشار" و"قاض" وشغل قبل توليه الحكم رئاسة أرفع سلطة قضائية "المحكمة الدستورية" التي من المفترض أنها الجهة القضائية التي تغل يد السلطة من التوحش والتغول والاعتداء على حقوق المواطنين وحماية أموالهم وأعراضهم وحرياتهم وحقوقهم المدنية والسياسية. ويستغرب المرء ويتساءل: كيف في عهد هذه القامة القضائية الكبيرة، تتسع الانتهاكات، وتًسن التشريعات المقيدة للحريات بشكل غير مسبوق.. بل يتبع ذات السبيل الذي اتبعه نظام المرسي من الاستعجال و"السربعة".. في تمرير القوانين بذات الآليات المطعون في شرعيتها. في عهد الرئيس المعزول، استخدم "الشورى" المؤقت وغير الشرعي في تمرير حزمة قوانين دقيقة وحساسة مثل قانون "السلطة القضائية". وعدلي منصور، يحمل صفة "الرئيس المؤقت".. وهذه وحدها، تكفي لردع شهوة التوسع في سن التشريعات، إلا الملحة والضرورية.. ناهيك عن الفارق بين نظامين: الأول "مرسي" المنتخب و" عدلي" المعين.. ومع ذلك فإن الأول والثاني اغتصبا حقا أصيلا من حقوق الشعب، حين لم ينتظرا انتخاب برلمان جديد، واعتمدا على "ترزية" ومؤسسات غير منتخبة، لتفصيل قوانين "قمعية" انتهكت الفصل بين السلطات واعتدت على مصدر السلطة والسيادة.. وهو الشعب المصري. نظام عدلي منصور، متعجل في تمرير قانون "التظاهر".. وهو قانون "إخواني" كتبته الجماعة لقمع المعارضة المدنية ضد مرسي.. غير أنه لم يمهلها الشارع لتمريره.. ولكن المفاجأة كانت في أن هذا القانون "الترويعي" أضاف إليه ترزية عدلي منصور، نصا يجرم "الاعتصامات" السلمية.. وبمعنى آخر، فهو أعيد صياغة بعض مواده، ليكون قانونا يستهدف الجماعة على وجه التحديد، بعد تجربة اعتصامي "رابعة" و"النهضة".. ناهيك عن أنه سيمنع الاعتصامات في المطلق سواء كان المعتصمون قوى مدنية أو دينية، بشكل يشبه الوضع الجديد، الذي ترتب على فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة، إذ وضع الأمن يده على كل ميادين مصر، ولم تعد إلا مكانا لتظاهر القوى السياسية "المستأنسة" أو "المدللة" أو "الصديقة" للنظام. ومنذ أيام تفتك العقل الرسمي في السلطة، على بدعة "قمعية" جديدة، واقترح الرئيس نفسه قانونا يعاقب بالحبس والغرامة كل من لا يقف احتراما للسلام الوطني أو للعلم المصري!! قانون مضحك بالتأكيد، ولكنه يعكس نزعة التوحش والقمع ومصادرة الحريات التي يفكر فيها نظام عدلي منصور، وكأن احترام العلم والسلام الجمهوري مقدم على كل "المصايب" الأخرى التي يكابدها الشعب المصري منذ أكثر ستين عاما مضت، من جوع وفقر ومرض وتعليم متدن ورعاية صحية لا تصلح أصلا ل"البهائم" .القانون الأخير ليس له إلا معنى واحد: الحكومة "مهمومة" بإهانة العلم ولا يشغلها إهانة الإنسان المصري!! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.