أعرب منير فخري عبد النور، السكرتير العام لحزب "الوفد" عن تضامنه مع كمال زاخر منسق تيار "العلمانيين الأقباط" فيما ساقه من حيثيات في استقالته من عضوية حزب "الوفد" الاثنين الماضي، وفي مقدمتها الاحتجاج على تصريحات الدكتورة سعاد صالح، نائب رئيس لجنة الشئون الدينية بالحزب، التي رفضت فيها تولي الأقباط رئاسة البلاد، وتصريحات الدكتور السيد البدوي رئيس الحزب بأن "الوفد" ليس علمانيا، إلى جانب زيارته لجماعة "الإخوان المسلمين". وعلى الرغم من تأييده في مبررات الاستقالة، إلا أنه قال في تصريحات لبرنامج "مانشيت" على فضائية "أون تي في"، مساء الثلاثاء، أنه كان من الأفضل أن يطرح زاخر رأيه في اجتماع وفدي داخلي لتصحيح الخطأ ووضع سياسات الحزب على الطريق السليم، مضيفا أن البدوي عندما قال إن "الوفد" لم يكن علمانيا كان يقصد معنى الكلمة المطبق في بعض الدول بأنها الإلحاد، فالعلمانية البعض يفهمها على أنها الفصل بين الدين والدولة لكن البعض الآخر يربطها بالإلحاد والكفر. ولم يخف عبد النور تذمره من تصريحات الدكتورة سعاد صالح بعد انضمامها للحزب، التي قالت فيها إن "الوفد" بحاجة إلى نشاط دعوي، موضحًا أن عضويتها في اللجنة الدينية في الحزب هدفها الحفاظ على الوحدة الوطنية وليس ممارسة نشاط دعوي، موضحًا أن الشباب القبطي في الحزب انزعج من تصريحاتها بشأن الأقباط ورئاسة الجمهورية وعبروا عن غضبهم للبدوي الذي عقد اجتماعا معها وقيل بعدها إن الدكتورة سعاد تراجعت عن تصريحاتها، وأشار أيضًا إلى أن الشباب القبطي بالحزب أبدى انزعاجًا أيضًا من زيارة رئيس الحزب للإخوان، لكن عبد النور وصفه بأنه كان رد فعل عاطفي، لأن "الوفد" حزب سياسي كبير والواجب أن يتعاون مع كافة القوي السياسية، لافتًا إلى أنه شخصيًا يفضل الاتصال بطريقة مختلفة مع "الإخوان". من جانبه، قال زاخر في مداخلة هاتفية إن استقالته ليست لأسباب شخصية أو عاطفية لكنها دفاعا عن مبادئ الوفد الذي يحلم به ويتمنى أن يسود في اتجاه الديمقراطية، مشددا على أن زيارة "الوفد" وهو الحزب الشرعي القانوني لجماعة "الإخوان" التي تفتقد الغطاء القانوني والشرعي بغض النظر عن تواجدها في الشارع المصري أمر مرفوض، كما أن المبادئ التي أعلنتها الجماعة مع اختلاف شكل الطرح وفقا للظروف الوقتية تؤكد أنها ضد الوحدة الوطنية والأقباط بشكل واضح ومع قيام دولة دينية وإن كانت تجمل الأمر بدولة مدنية بمرجعية إسلامية وهو أمر غير مفهوم، على حد قوله. وأضاف زاخر إنه ليس لديه مشكلة في العودة للحزب في حال أعلن "الوفد" علمانيته وقدم اعتذارا عن زيارته ل "الإخوان" ، مشيرا إلى أنه قصد بالاستقالة إلقاء حجر في الماء ليحرك المياه الراكدة داخل "الوفد" ويشعر قادته بوجود خطأ تم ارتكابه يخالف المبادئ الوطنية، بحسب رأيه. يأتي ذلك فيما استبعد عبد النور إمكانية تكرار سيناريو انتخابات 1984 التي تحالف فيها حزبه مع جماعة "الإخوان" وخاض فيها مرشحو الانتخابات على قائمة "الوفد" (التلمساني- سراج الدين) وانشقوا بعد فوزهم، ودفع الحزب الثمن غاليا، وبالتالي لن يتكرر هذا الخطأ مرة أخرى، وقلل من شعبية "الإخوان" بالشارع المصري، معربًا عن اعتقاده بأنه لو أجريت انتخابات ديمقراطية فلن يحصلوا على نسبة 20%، مستبعدًا إمكاني وصولهم إلى الحكم، قائلا إنه من المستحيل أن تتكرر تجربة "حماس" في النظام المصري لأن الشعب واع ويفهم ما يدور حوله لكنه في حاجة إلى ثقة كبيرة في العملية الانتخابية نفسها. وأشار إلى واقعتين تاريخيين في سياق التدليل على علمانية حزب "الوفد"، الأولى كان طرفها حسن البنا مؤسس "الإخوان" حينما زار الزعيم الوفدي مصطفي النحاس ليطلب منه الترشح على قائمة "الوفد" لكنه رفض، وطالبه بضرورة فصل الدين عن الدعوة، لأن "الإخوان" إما أن يكونوا جمعية دعوية تقتصر على النشاط الدعوى أو حزبًا سياسيًا يعمل في السياسة وليس له علاقة بالدين. أما الثانية فكانت في عام 1936 حين عرض آنذاك الإمام مصطفى المراغي شيخ الأزهر السابق على النحاس باشا تتويج الملك فاروق في الأزهر وإهدائه المصحف الشريف ليقسم عليه، لكنه رفض، وأكد أن الدولة المصرية ليست دينية وخلط الدين بالسياسة يفسد كليهما، وبالفعل تم التتويج في البرلمان تأكيدا لسيادة الأمة وأقسم الملك على الدستور المصري. وبعد كل هذه السنوات، يرى عبد النور أن مصر دولة ملامحها غير واضحة فهي ليست علمانية ولا دينية، وفي غالبية الأوقات تسعى إلى العلمانية لكن تتعرض لضغوط من تيارات دينية متعددة مثل "الإخوان"والسلفيين، لافتا في الوقت ذاته إلى ضرورة إعادة تقييم الخطاب الديني للأقباط في مصر وان أحد أسباب انهيار الخطاب الديني سواء الإسلامي والمسيحي يتمثل في غيابة الديمقراطية.. من جانب آخر، نفى عبد النور ما يتردد عن صفقة بين "الوفد" والحزب "الوطني" في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال: لا يمكن أن تحدث صفقة، ولا أتصور إمكانية حدوثها حتى من منطلق الانتهازية"، غير أنه لم يستبعد أن يكون رأي بعض الأحزاب الحصول على جزء من كعكة الانتخابات البرلمانية، لكنه قال إن "الوفد" لن يشارك في ذلك وسيستمر في المطالبة بانتخابات حرة. وأشار إلى أن الحزب الحاكم لا يتمتع بشعبية كبيرة في الشارع المصري وذلك لأسباب عديدة، أبرزها سياسته الاقتصادية العرجاء التي لا تستند إلى أساس اجتماعي ونتج عنها فوارق طبقية مخيفة وخطيرة، إلى جانب خلط السلطة والمال فالسمة الأساسية لقيادات الوطني لا تحسب لصالحه. وتطرق عبد النور إلى الأوضاع داخل "الوفد" وما يثار عن إمكانية الانقلاب على الدكتور السيد البدوي، وقال إنه كان سكرتيرا عاما للحزب لمدة 4 سنوات في عهد الدكتور محمود أباظة رئيس الحزب وكان من كبار المؤيدين له في انتخابات مايو الماضي كما تربطه بالسيد البدوي علاقات ود في إطار زمالة وفدية، ولا يزال التعامل معه في إطار بناء الثقة المتبادلة بيننا، مؤكدا أنه بغض النظر عن حبه أو تأييده لأي منهما إلا أن تمسكه ب "الوفد" وثوابته أكبر من أي شخص. وشدد على أن المؤيدين لأباظة متمسكون بوفديتهم وثوابت الحزب ولائحته وأحكامه، وإن اعتبر الاختلاف في "الوفد" ظاهرة صحية تقود الطرفين إلى مزيد من خدمة الحزب، إلا أنه نفي إمكانية حدوث انقلاب على البدوي من قبل مؤيدي أباظة، لأن "الوفد" حزب مؤسسي وليس تابعًا لشخص، وإذا أراد احد التغيير فليجهز قوته لانتخابات رئاسة الحزب بعد 4 سنوات. ونفي عبد النور تفكيره في الترشح لرئاسة حزب "الوفد" مستقبلا، وقال: "ليس في خطتي بالمرة لكن من الناحية النظرية الأمر وارد"، مضيفا أنه راض عن أداء الحزب حتى الآن ويأمل في تعاون جميع الوفديين وأعضائه في المحافظات والتمسك بثوابت الحزب لأنها الأساس للديمقراطية الحقيقية في مصر.