مع تقديرنا واحترامنا للكاتب الكبير " فهمي هويدي " ، فما توصل له من خلال مقالين له في جريدة الشروق من دعوته للإخوان بتجرع السم إعلاءاً لمصلحة الوطن ، ويقصد بتجرع السم وقف مظاهر الاحتجاج على الانقلاب العسكري . فمن حيث المبدأ ، أن بوصلة الدعوة توجهت للمكان الخطأ . فالأولى أن يتوجه الخطاب بطلب المبادرة ممن بيده السلطة ، فليس متصوراً أن نطلب من المقتول والمجروح والمعتقل والمطارد أن يتقدم بمبادرة . ثم نحن نربأ بالكاتب الكبير أن ينساق وراء الصورة التي يريد الإعلام تثبيتها على أن ما يدور في مصر هو صراع بين السلطة والإخوان . نحن يا سيدي شعب يبحث عن حريته وكرامته ، واختصار الكتلة الحية من الشعب في الاخوان ، هو شرف للإخوان لا تدعيه ، فالإخوان هم فقط النواة الصلبة في المجتمع ، بثباتها وتضحياتها ووضوح رؤيتها ، جمعت حولها دوائر من كل طوائف الشعب ممن يشتركون معهم في طلب الحرية والكرامة لوطن قفز الأشرار على حلمه . ومع تقديري أن الدافع من الدعوة قد يخفي رغبة صادقة في رفع المعاناة عن المقهورين ، ولكن ليس هذا هو الطريق : إن التضحية في سبيل المبدأ ، والشجاعة في مواجهة الحقائق ، أقل كلفة بكثير من طأطأة الرؤوس ، وإحناء الظهور أمام الطغاة الظالمين ، وهذه حقيقة أدركتها الشعوب بعد تجارب السنين . الشعب المصري الآن يا سيدي يكتب فصلاً جديداً من تاريخه : هل رأيت جرأة وثبات الشباب والرجال أمام آلة القتل ؟ هل رأيت نسبة النساء التي تتجاوز 60% من معظم المظاهرات ؟ هل رأيت أطفال المدارس وهم يواجهون بعلامة رابعة جثثاً ضخاماً بلا عقل ولا ضمير؟ هل سمعت قبل ذلك عن مظاهرات في الصعيد ، ومطروح ، والبحر الأحمر ، وسيناء ، والوادي الجديد ؟ بل في ربوع القرى والكفور والنجوع ؟ مصر تغيرت يا سيدي ، وواجبك وواجب كل الشرفاء أن تكونوا بكلمتكم المسموعة ظهيراً لهذا الشعب في سعيه نحو العزة والكرامة . هذا الشعب الذي أفشل بوعيه خطة جره إلى العنف ، ومازال وسيظل بإذن الله بصدره العاري يحقق انتصار الدم على السيف . ثم ختاماً يا سيدي : هل من الوطنية أن يستسلم الشعب لمن قفز على إرادته وأهداف ثورته ؟!! ومنذ متى وفي أي بلد من بلاد الدنيا ، تطلب النخبة من الشعب أن يتجرع السم لتحقيق مآرب شلة مغامرين ؟ كيف نطلب من المالك أن يرضخ للملوك ؟ الشعب يا سيدي هو مالك الدولة ومؤسساتها ، والجيش هو أحد المؤسسات المملوكة للشعب ، وتخضع لإرادته ورقابته . من يحاول القفز على الحقائق فهو حتماً يقودنا للوراء ، وينحرف بنا عن مسار بناء دولة ديموقراطية حديثة تحقق للمواطن الحرية والكرامة التي من أجلها قامت ثورتنا .