كشفت وثائق إسرائيلية أفرج عنها مؤخرًا عن تدخل إسرائيل لإجهاض محاولة مصر تطوير صواريخها العسكرية تحت إشراف العلماء الألمان خلال حقبة الستينيات، قبل أن تسارع تل أبيب إلى التحرك للقيام بجهود دبلوماسية وسرية لإجهاض الأمر. وقالت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، إن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الذي كان يتولى منصب نائب وزير الدفاع الإسرائيلي في عام 1962 بعث وقتها برسالة شفهية لاذعة لوزير دفاع ألمانياالغربية فرانس يوزيف شتراوس، قال فيها: "كنا نحسب أن تل أبيب يمكنها أن تعيش بسلام وأن ألمانيا الجديدة ستعمل ما في وسعها للمساعدة في تحقيق أمننا وذلك بتقديم مساعدة إيجابية". وأشارت إلى أن رسالة بيريز تم نقلها شفاهة بواسطة بعثة إسرائيل في ألمانيا، وكانت الخلفية وراء ذلك هو محاولة إقناع الأخيرة منع عمليات العلماء والتقنيين الألمان فيما يتعلق بتطوير الصواريخ وربما أسلحة الإبادة الشاملة لمصلحة مصر. ولفتت إلى أنه قبل 3 سنوات من تأسيس العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل بين إسرائيل وألمانياالغربية عام 1965 أجريت محادثات عديدة بين مبعوثي الدولتين حول قضايا مختلفة ومن بين تلك القضايا مسألة علماء الصواريخ الألمان في القاهرة. وذكرت أن بداية القصة كانت في يوليو 1962 عندما قامت مصر بمحاولة ناجحة لإطلاق الصواريخ، وفي 23 يوليو، يوم الذكرى السنوية لقيام الثورة، أجرت القاهرة عرضا عسكريا للصواريخ في شوارعها، وتلقت تل أبيب معلومات بموجبها تم تطوير تلك الصواريخ بمساعدة علماء أجانب، جاءوا بالأخص من ألمانياالغربية، وبعد توفر معلومات عن احتمال استخدام المواد المشعة في تلك الصواريخ من قبل المصريين، بدأت الأجهزة الأمنية بتل أبيب في عمليات تقصي وعمليات ضد العلماء الأجانب. ووفقا للوثائق: "قامت تل أبيب في اتجاه مواز وعبر قنواتها الدبلوماسية بمحاولات لإعادة العلماء الألمان إلى بلادهم، وفي أغسطس 1962 توجه بيريز لوزير الدفاع الألماني طالبا منه اتخاذ خطوات لإيقاف الأمر". وجاء أيضا في الرسالة "إطلاق مصر للصواريخ سبب حالة من الذعر الشديد في إسرائيل، القاهرة لا تريد السلاح للدفاع عن نفسها، لا عجب أن الرئيس ناصر أدلى بخطابات لاذعة والتي يتبين منها الثقة الزائدة في فرص مهاجمة تل أبيب وإبادتها"، واتهم بيريز ألمانيا قائلا "هذا ليس سلاحا تم جلبه من روسيا أو من تشيكوسولوفاكيا، وإنما سلاح يتم تطويره في القاهرة نفسها، وكل من يعرف مستوى العلماء المصريين يعلم جيدا عدم قدرتها على تطوير السلاح بدون تلقي مساعدة جدية من الخارج، الصداقة الشخصية بيننا تلزمني بالحديث بطريقة واضحة كي تعلم مدى خطورة الأمر". وأضاف بيريز في رسالته "هل من المعقول أن أجهزة الاستخبارات الألمانية ليس لديها فكرة عن عمليات تطوير الصواريخ في مصر؟، ألا يوجد مسئول واحد في سفارة ألمانيابالقاهرة منتبها لتلك التطورات هناك؟". ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه بموجب الوثائق المفرج عنها تم مناقشة مسألة تطوير الصواريخ في الكنيست وفي 20 مارس عام 1963، قالت جولدا مائير -وزيرة الخارجية حينئذ- أن تل أبيب علمت مؤخرا بتطوير مئات العلماء والتقنيين الألمان صواريخ هجومية في مصر، علاوة على تطوير أسلحة يحظرها القانون الدولي، منذ زمن بعيد وحاكم مصر يسعى لامتلك المزيد من القوة لتحقيق هدفه المعلن بتدمير إسرائيل، ومنذ سنوات والسلاح يتدفق للقاهرة بكثرة"، مضيفة"حكومة ألمانيا لا يمكنها الاستمرار في حالة اللامبالاة تلك بعد 18 عاما من سقوط نظام الحكم الهتلري، الذي أدى لإبادة ملايين اليهود".