حملات الدعاية لجمال مبارك، تتسع وتتزايد وتتنوع بشكل بدأ يفوق التوقعات، إذ لم تنحصر في أحياء القاهرة وإنما امتدت ليصيب القرى والنجوع التي لم يسمع عنها نجل الرئيس شيئا حظ منها . المسألة تجاوزت الدعاية لتأخذ منحى بالغ الخطورة، حيث بدأت بالتدرج تحل صور مبارك الأبن محل صورة رئيس الجمهورية .. فيما بدا هذا الإحلال برمزيته يعكس منزلة نجل الرئيس داخل مؤسسة الحكم، حين حرص مرشحو الوطني لانتخابات مجلس الشعب المقبلة، على أن تعلو صور جمال مبارك صور المرشحين في لافتات الدعاية. وإذا كان أحد أكبر قادة الوطني اعتبر في وقت سابق الكلام عن "خلافة الرئيس" وهو موجود وعلى قيد الحياة "قلة أدب".. فماذا نعتبر إزاحة صور الرئيس "الموجود" لتحل محله صور نجله في لافتات دعاية مرشحي حزب الرئيس للانتخابات البرلمانية؟! أليس هذا التصرف خارجا عن اللياقة والذوق والتأدب مع مقام الرئاسة؟! ألم يعتبر إهانة لشرعيتها؟!.. ألم يعتبر السكوت عليه دلالة رضى واقرارا بأن "التوريث" حقيقة وليس وهما تتوهمه المعارضة "المهووسة" بالصخب الاعلامي؟! وهل يتصرف مرشحو الوطني الذين اتخذوا من صور جمال مبارك شعارا لحملاتهم الانتخابية.. هل يتصرفون بدافع احساسهم بأنه الرجل الأقوى في السلطة والرئيس "الفعلي" أو "المحتمل" .. أم أنهم يتصرفون وفق توجيهات حزبية سيادية أملت عليهم هذا التوجه الصريح والواضح في دلالته الرمزية الخطيرة؟! الكل حتى اليوم داخل السلطة لا يريد أن يتعرض لهذه الظاهرة، لا بالتوبيخ ولا بالتبروء منها.. كأنها "خط أحمر" لا يجوز لأحد أيا كانت منزلته السياسية أن يعلق عليها لا بالرفض ولا بالقبول.. الكل ساكت أو "خائف".. لا يريد ان يتورط فيما يمكن أن يكون "سياسة رسمية" تحركها قيادات سياسية رفيعة قادرة على أن تمسح كل من يعترض عليها بالأستيكة! ظاهرة احلال صور جمال مبارك مكان صور الرئيس مبارك في الدعاية الانتخابية لمرشحي الوطني.. ظاهرة خطيرة، ولا يجوز السكوت عليها لأنها تنقل ملف التوريث من موضع التكهنات إلى بؤرة الحقائق التي على الرأي العام أن يتهيأ لاستقبالها والتعايش معها.. ما يحدث الآن في شوارع القاهرة، وفي بعض المحافظات يعتبر مقدمة لتحضير احتفالية الترسيم الرسمي للرئيس القادم الذي تم تسميته "رمزيا" من خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي الحزب الوطني في المجلس الشعب.. الدعايات التي على هذا النحو، لا تعتبر دعاية برلمانية للمرشح صاحب اللافتة.. وإنما هي شارة في مضمونها وفحواها الحقيقي.. تقول: إن الخيارات قد حسمت وأنه لم يعد لدينا ما نخفيه بشأن رئيسنا القادم. [email protected]