العلماء يحركون السياسة ولا تحركهم السياسة،وهذه قاعدة ينبغي أن ينطلق منها العلماء والفقهاء والسياسيون،وخصوصا في وقت أصبح الاهتمام بالأمور السياسية هو السمة الغالبة على المجتمعات الآن ،فالكل مشغول بالقضايا السياسية، لا تنفك أحاديثهم عنها،فالكبار والصغار على مختلف طبقاتهم الاجتماعية يتحدثون عن الأمور السياسية،وهذا ما فرض فرضا على الناس...ولكن للآسف الشديد لا يفرق كثير من الناس – ومن بينهم بعض الساسة والعلماء بين أن تحرك أنت الأمور السياسية في المسار الطبيعي الذي يعود بالنفع على الجميع،وبين أن تحركك السياسة فتجعلك تبيح لنفسك كل شيء من أجل مصلحة نفسك وفهمك الخاطئ فتهدم الجميع حتى نفسك!. إن كثيرا ممن انشغلوا بالأمور السياسية تناسوا المصالح العامة سعيا وراء مصالحهم الخاصة،فضاعت المصلحتان معا!! لقد حركت السياسة في مصر الجميع بلا استثناء؛لتصبح أداة تنازع وخلاف ليس في الرأي والفكر والرؤى من أجل الثراء المجتمعي،ولكن تنازع أدى إلى تنافر القلوب والأجسام حتى بين أبناء الأسرة الواحدة،ووصل الأمر إلى إظهار العداوة بين أبناء المجتمع فتخلينا عن بعض الأخلاق والعادات الطيبة التي كان الجميع يدخل في كنفها وظلها،دفعتنا السياسة إلى استحلال الأعراض بل والدماء وبغزارة حتى غرقت الأمة الإسلامية في مستنقع الدماء المحرمة... هذا حال من حركتهم السياسة،والطآمة الكبرى التي يشيب منها الولدان أن ترى كثيرا- نعم الكثير- من العلماء والفقهاء قد جرتهم السياسة حتى نسوا معناها الحقيقي وهو إدارة الدنيا بالدين تحقيقا لسعادة الدارين،وللآسف خاض كثير من العلماء مع الخائضين واعتبروا السياسة هي تحقيق المنفعة المحضة. اكتوى الجميع بنار التنازع وأصبنا بالفشل وذهاب القوة ،وتسلط علينا ابن سلول وأعوانه كي يسقطوا وجهة المجتمع،ورأينا تطاولا سافرا على ثوابت الدين وفروعه (من كل من هب ودب )،وأظهر المنافقون عداءهم معتبرين العلماء والإسلاميين هم أساس كل مشكلة في المجتمع،وأنهم بفكرهم الضيق الرجعي الإرهاب – كما يقولون ويزعمون- سيؤخرون مصر بل العالم كله...وجاءت شرذمة لتصدق على كلامهم ونصبوا العداء للتيار الإسلامي...ووقع الجميع في مصيدة ابن سلول وأبنائه،وكل ذلك بسبب عدم التفرقة بين الانشغال بالأمور السياسية وتحركها والتحكم فيها؛لتكون مجرد وسيلة وأداة لا هدف وغاية،وبين أن تحركك السياسة لتكون أنت الأداة التي تهدم نفسك بنفسك،وتبرر لنفسك كل شيء بل وتنسى الأهداف الرئيسة التي من أجلها انشغلت بالسياسية،فتصبح حياتك كلها نفعية،وهذا أمر سقط فيه الجميع ومنهم بعض العلماء مهما قالوا غير ذلك أو أرادوا أن يخرجوا أنفسهم مما دخلوا فيه، فيا أيها العلماء ألم يأت الوقت الذي نحرك فيها أمورنا السياسية بدلا من أن تحركنا؟!!.