من أهم صور الافتراء والاجتراء علي الشرع الإسلامي الحنيف: ابتداع جماعات منسوبة إلي الدين: ما لا علاقة له بالدين وغير خاف علي من له أدني بصر وتبصر بالشريعة الإسلامية إيجابها للوحدة في إطار أمة واحدة. وتحريمها للفرقة ولو كانت ستحقق مصالح. ومن النصوص الواضحة القطعية "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" "هو سماكم المسلمين". وايضا تقديم الأمن العام للمجتمع علي مجرد الإيمان في قوله - تعالي - "إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل". فوجه الدلالة مما سبق: * إيجاب الوحدة وتحريم الفرقة. * عدم التسمي بغير الإسلام والمسلمين. * عدم الانتماء أو الانضواء تحت فرق. وبطبيعة الحال فإن كل فرقة أو جماعة تدعي أنها علي الحق وغيرها علي الباطل وأنها هي أمة الإسلام!! هذا الفهم السقيم يصطدم بالضرورة مع النصوص الشرعية مثل "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقي". أما كونها دنيوياً لأنها بهدف الإمارة والرياسة والزعامة الدنيوية فيؤكدها الواقع فلو كان الأمر "دعوة دينية" لتركت إلي المؤسسات العلمية المعتمدة المتخصصة بديار المسلمين ويتحمل أهلها التبعة. أو علي فرض شرعية قيام طائفة واحدة لإحياء شعائر وسنن فكان الواجب الاقتصار علي طائفة واحدة لأن القاعدة الواحدة في إطار متناسق ويوكل لتدعيم هذه الوحدة نفر في مجال التفقه في الدين "فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين". أما هذا التشعيب العشوائي من جماعات متعارضة الوسائل والمقاصد متباينة المنهج والسمات والخصائص فمن أقوي الدلائل علي توجهاتنا الدنيوية وبالاستقراء في الاتهامات المتبادلة بين الجماعات من الجهالة والعمالة بل في ذات كل جماعة يتضح ويتأكد أن السعي الحثيث دنيوي وما حل بمجاهدي الافغان والبوسنة والصومال ليس منا ببعيد!! وبالمثال يتضح المقال: أ" من المعروف في الشرع الإسلامي أن الحاكم متي انتهي إليه الحكم إما بالبيعة. أو الاستخلاف. أو المغالبة فقد تثبت إمامته وعليه تجب طاعته والنصوص في ذكره كثيرة "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" "من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه". فقد دلت النصوص الشرعية علي وجوب حق الطاعة للحاكم. وعلي تحريم الخروج عليه ولو بسبب قصور أو كره البعض له. ما لم يكن الكفر الصريح كإنكار أو جحود ما هو معلوم من الدين بالضرورة وفرق بين الإيمان بشرعية الشيء وبين إنكار شرعيته! فمن أنكر أو جحد بأن نفي المشروعية كإنكار مشروعية أركان الإسلام أو أركان الإيمان الأساسية فهو كافر لارتداده "ويجب قبل الخروج عليه إزالة شبهته وتنبيهه وإعلامه علي ما هو مفصل في وجوب استتابه المرتد" أما المقصر في عمل شيء فهو مسلم عاصي وعصيانه لا يوجب الخروج عليه بل الصبر عليه. ب" استحلال الدماء والأموال والأعراض: من المعروف أن الإنسان إذا نطق بالشهادتين فقد عصم دمه وماله وعرضه لقوله صلي الله عليه وسلم: "كل المسلم علي المسلم حرام: ماله ودمه وعرضه". وعليه فقتل المسلم حال عصمته المذكورة يجب علي قاتله القصاص "في الجناية العمدية" أو الدية "في الجناية غير العمدية" وإتلاف مال يستوجب الضمان لقوله تعالي: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل". وتثبت العصمة بمعناها الشرعي ايضا لغير المسلمين إما بالعهد "من ولي الأمر ومن أهل الحل والعقد" أو بعقد الذمة. أو مجرد ولو من آحاد المسلمين "ويماثلها تأشيرة الدخول من السفارات والمواني والأصل في هذا أثر "إلا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة". ويجب علي الحاكم ومؤسساته التنفيذية حماية أهل العهد وتأمين دمائهم وأموالهم وأعراضهم وحمايتهم من كل من أراد بهم سوءاً سواء من أهل المسلمين أو من غيرهم فلا يظلمون في عهدهم ولا يؤذون كذلك المستأمنين. ج" الحكم علي الناس: إما من وجهة العقيدة أو من جهة الشريعة. فأما من جهة العقيدة فهي أمر باطني لا يعلمه إلا الله - تعالي - "إن الحكم إلا لله". وأما من جهة الشريعة فلا يحكم إلا بالكفر الصريح كإنكار شيء من أركان الإيمان أو من أركان الإسلام أو مما هو معلوم من الدين بالضرورة "بعد الاستتابة" أما القصور في شيء من الشعائر كسلا فلا يحكم بالكفر. ثم من له مهمة الحكم علي الناس؟! بطبيعة الحال "السلطة القضائية بعد السلطة العلمية المعتمدة المعتبرة" أما آحاد الناس فلا. وقد اتفق فقهاء الأمة سلفاً وخلفاً علي هذا. وللأسف فإن حمي التكفير للناس توجد بذورها الأولي في نزعة دعوية مشهورة باتجاه عقائدي تتعصب له. تدعي انتماءها للسلف الصالح - د" ومن الممارسات الخاطئة اعتقاد منسوبي هذه الجماعات أن المنكر لابد أن يزال بالقوة الجبرية منهم. ومن ثم يتعللون بإقدامهم علي حوادث العنف بفهم سقيم ونظر كليل لقضية "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وغير خاف علي ذي بصر وبصيرة. إن المهمة تكون في الأمور العامة الكبري لطائفة مؤهلة قال الله - تعالي - "ولتكن منهم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". إزالة المنكر باليد إنما هي للحاكم أو من يفوضه من السلطات المعنية. لذا فأننا نقول لأبنائنا وإخواننا: لا تكونوا مصعداً لغيركم يرتقي عليه لمطامع دنيوية!! لا تكونوا وقوداً لمحبي الزعامة لمحاولة وصولهم علي أشلائكم إلي الولاية الدنيوية.