تدرس مصر حاليا عقد قمة لقادة دول حوض النيل في غضون الأشهر القادمة، في إطار المساعي الرامية لتطويق الأزمة الناجمة عن توقيع خمس من دول المنابع على اتفاق لإعادة تقاسم مياه النيل في عنتيبي بأوغندا في مايو الماضي، رغم تحفظات دولتي المصب مصر والسودان، صاحبتي الحصة الأكبر من مياه النهر. وستبدأ القاهرة خلال أيام إجراء اتصالات مكثفة مع دول حوض النيل لبحث موقفها من إمكانية عقد القمة المقترحة، واستطلاع رأيها بهذا الشأن، وقياس ردود الفعل إزاء التحركات والمساعي المبذولة للتوصل لحل ودي للأزمة، عبر التوصل لاتفاق مرض لجميع الأطراف دون الانتقاص من حقوقها بموجب اتفاقيتي 1929 و1959. وينتظر أن يطير مبعوثون رئاسيون مصريون إلى تلك الدول لتوجيه الدعوات إلى القادة الأفارقة بشكل رسمي، وفي حال عدم الموافقة على عقد قمة مشتركة سيتم دعوتهم لزيارة مصر، لعقد لقاءات منفصلة مع الرئيس حسني مبارك، سعيًا إلى إقناعهم بإعادة النظر في الاتفاق الإطاري، وإعادة التفاوض بشأنه. وتعتزم القاهرة في هذا الإطار تكثيف تحركاتها واتصالاتها خلال المرحلة المقبلة، لتحقيق اختراق في الاتفاق الإطاري الذي وقعته دول المنابع، وهو ما كانت تعول عليه بشدة من خلال حضور الرئيس حسني مبارك القمة الأفريقية التي عقدت في كمبالا مؤخرًا، قبل أن يتراجع عن حضورها بشكل مفاجئ موفدًا الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء بدلاً منه. وستعمل مصر على محاولة استمالة الدول الموقعة على الاتفاقية للتراجع عن موقفها المتشدد بهذا الخصوص، وذلك عبر طرح حزمة مجموعة من المقترحات الخاصة بإجراء مشروعات تنموية في هذه الدول، لتحسين سبل استفادة دول النيل من مياه النهر بشكل يعظم مكاسبها من المياه، دون أن يضر بحصص دولتي المصب. وتتضمن حزمة المشاريع التي ستطرحها مصر، مقترحات سياسية واقتصادية وإعلامية وتعليمية تعكس حدوث تغيير في السياسة المصرية تجاه الدول الإفريقية، في إطار إستراتيجية مصرية ناجحة لاستعادة أرضيتها في هذه البلدان، دون أن يرتبط ذلك بموقف تلك الدول من الاتفاق الإطاري الذي تراه مصر إخلالاً بحقوقها التاريخية في مياه النيل، والمصونة باتفاقيتي 1929 و1959.