البابا تواضروس الثاني يلتقي الدارسين وأعضاء هيئة تدريس الكلية الإكليريكية بالإسكندرية    مسن يُنهي حياته قفزًا من شرفة منزله بسبب ضائقة مالية في الفيوم    ولي العهد السعودي يلتقي وزير الخارجية الإيراني    إيران: تلقينا رسائل من واشنطن لإجراء محادثات والعودة لطاولة المفاوضات    مدبولي يعود إلى القاهرة بعد تمثيل مصر في قمة بريكس بالبرازيل.. ومباحثات دولية لتعزيز التعاون المشترك    إصابة فلسطينيين في هجوم للمستعمرين على صوريف بالخليل    صحيفة فرنسية تكشف خطة باريس لمواجهة ريال مدريد في مونديال الأندية    الرمادي: لم أطلب مشاركة زيزو في نهائي الكأس أمام بيراميدز    الزمالك يكرم أيمن عبد العزيز وأحمد سمير ومحمد أسامة بعد رحيلهم    مدرب الزمالك السابق يشيد بالأجواء الحالية.. ويؤكد: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة    حمادة عبد اللطيف: الزمالك يحتاج ل 6 صفقات سوبر للعودة للمنافسة    وزير الثقافة يشيد بالفخراني في «الملك لير»: قدّم الشخصية بإحساس عميق يعكس طاقته الإبداعية المتجددة    15 يوليو.. الكشف عن تفاصيل الدورة ال18 للمسرح القومي بسينما الهناجر    بوصفات الطب الصيني.. نصائح لعلاج السكر في الدم    الأمن يحقق في إصابة طبيب بطعنة في الرقبة داخل مستشفى بني سويف    تراجع أسعار سيارات بيستيون B70 S في السوق المصري    البدوي: تعافي الاتصالات سريعًا بفضل «عقل الدولة الإلكتروني» بالعاصمة الإدارية    مرشحو «العدل» ينتهون من الكشف الطبي استعدادًا للانتخابات.. والدريني: مفاجأة مرتقبة قريبًا    الجبهة الوطنية: قادرون على إحداث نقلة حقيقية في تاريخ الحياة الحزبية    «مهاجم مفاجأة».. سيف زاهر يكشف عن صفقة سوبر في الأهلي لتعويض وسام أبوعلي    أيمن الرمادي، تصريحات وائل القباني خطأ ولم يكن هذا وقتها    مقتل سيدة بطلق ناري على يد مستشار سابق في الممشى السياحي بأكتوبر    «الطقس× أسبوع».. شديد الحرارة رطب والأرصاد تحذر من نشاط الرياح على بعض الشواطئ والشبورة بالمحافظات    حزن ببورسعيد لوفاة القمص بطرس الجبلاوى.. خطب على منبر مسجد ضد العدوان الثلاثى    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم التجارة نظام 3 سنوات    بعد ترميمهما.. وزير السياحة ومحافظ القاهرة يفتتحان قبتين نادرتين بالفسطاط    صحيفة عبرية: ترامب مارس ضغطا شديدا على نتنياهو لوقف النار والأخير يغادر الاجتماع دون تصريحات    عيار 21 بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 9 يوليو بالصاغة محليا وعالميا    إلى عشاق البطيخ، هل الإفراط في تناول هذه الفاكهة الصيفية ضار؟    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025    عقب تداول الفيديو.. «الداخلية» تعلن القبض على طفل يقود سيارة في القليوبية    النيابة العامة تذيع مرافعتها فى قضية حادث الطريق الإقليمي (فيديو)    وفاة سائق قطار داخل كابينة القيادة بمحطة دسوق    مصرع طالبين أثناء عبورهما شريط السكة الحديد بسوهاج    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاربعاء 9 يوليو 2025    مجلس الكنائس العالمي يدعو لحماية حرية الدين في أرمينيا: "الكنيسة الرسولية الأرمينية تمثل إرثًا روحيًا لا يُمس"    رئيس الوزراء الفلسطيني يأمل في أن تتكلل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بالنجاح سريعا    بعد سرقتها لوحاته.. الفنان الفرنسي "سيتي": سأقاضي مها الصغير    ارتفاع حصيلة احتجاجات كينيا المناهضة للحكومة إلى 31 قتيلاً    العليا الأمريكية تمهد لتنفيذ خطط ترامب لتخفيض قوة العمل الاتحادية    محافظ قنا يعتمد تنسيق القبول بالمدارس الثانوية للعام الدراسي 2026/2025    غالبًا ما تمر دون ملاحظتها.. 7 أعراض خفية لسرطان المعدة    مستقبل وطن: القائمة الوطنية الخيار الانتخابي الأفضل لتوحيد القوى السياسية    جهاز تعمير مطروح: الانتهاء من تصميمات المنطقة السكنية بشرق مدينة مرسى مطروح    معشوق القراء... سور الأزبكية يتصدر المشهد بمعرض الكتاب الدولي بمكتبة الإسكندرية    مينا رزق لإكسترا نيوز: الدعم العربى والأفريقي سببا فى فوزى برئاسة المجلس التنفيذى لمنظمة الفاو    وراءها رسائل متعددة.. الاحتلال يوسّع استهدافه بلبنان ويصفي مسؤولًا بحماس شمالًا    80 شهيدًا منذ الفجر.. قصف إسرائيلي عنيف يضرب غزة وأوامر إخلاء شاملة لخان يونس    تنظيم الاتصالات: استمرار الخدمة بعد حريق سنترال رمسيس يؤكد وجود بدائل له    "إنستاباي شغال".. وزير الشئون النيابية يرد على نائب بشأن أزمة الخدمات بعد حريق سنترال رمسيس    وزيرا الكهرباء وقطاع الأعمال يبحثان التعاون في مجالات تحسين كفاءة الطاقة    جوهرة تونسية في الطريق لنادي الزمالك.. خالد الغندور يكشف    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    دينا أبو الخير: الجلوس مع الصالحين سبب للمغفرة    رئيس جامعة بنها يتفقد سير العمل والاطمئنان على المرضى بالمستشفى الجامعي    الخميس.. الأوقاف تنظم 2963 مجلسا دعويا حول آداب دخول المسجد والخروج منه    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من النظام الفوضوي.. إلى "الفوضى العامة"
نشر في المصريون يوم 18 - 09 - 2013

استطاع نظام القذافي أن يحكم ليبيا 42 عامًا، تنوعت فيها سياساته في الحكم بين مراحل عدة؛ بدايتها كانت تختلف إلى حد ما، ثم تحولت تدريجيًّا إلى أن اتسمت باعتماد النظام على الفوضى ليستمر من خلالها في الحكم منذ بدء تنفيذ ما كان يطلق عليه السلطة الشعبية.
وتبنى فكرة السلطة الشعبية على نظرية مفادها مؤتمرات شعبية ينخرط فيها سكان كل منطقة من أجل أن تقرر مصيرها والقرارات الهامة لها، واختيار لجان شعبية لتنفيذ ما يقررون، على هذه الشاكلة النظرية المكتوبة يخيل لكل متابع أو قارئ لهذا الشكل أنه نظام بديع وفي قمة الديمقراطية، ولكن الأمور واقعيًّا لم تكن كذلك إطلاقا، فكانت مسرحية سلطة الشعب ما هي إلا حركة انقلب بها القذافي على مجلس قيادة الثورة لينفرد هو بالحكم، مدعيًا أنه يسلمه للشعب، وأن أي محاولة لمعارضة هذا التوجه هي معارضة لتسليم السلطة للشعب.
ثم كون بعد ذلك ما سمِّي باللجان الثورية والحرس الثوري، وهي أجهزة أمنية موازية تمامًا للبوليس السري، وبعدها وفي كل فترة تتكون أجسام جديدة مثل الرفاق، ثم أبناء الرفاق أو مواليد الفاتح، وروابط شباب القبائل وغيرها.
ومن خلال هذه التشكيلات تعددت الأجهزة الأمنية، وهي الوحيدة التى كانت تعمل بقوة وحسم لحفظ أمن النظام، ثم ظهرت فكرة الشعب المسلح، ومن خلالها ألغي الجيش والأمن الشعبي لإلغاء الشرطة وكثر الأمراء في السلطة بليبيا، البداية الضباط الأحرار وهم أيضا فيما بعد تم تصنيفهم وأدخلت عليهم أعداد من قبيلة القذافي وقبائل أخرى مقربة يختارهم شخصيًّا أصبحوا هم أيضا أمراء يحكمون بأسمائهم أكثر من صفاتهم، ومعهم قيادات اللجان الثورية، وقيادات الحرس الثوري، أما هياكل المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية فقد كانوا منفذين للتعليمات أكثر من أن يكونوا مشاركين في الحكم، ثم جاءت فترة تثوير الإدارة وهي إدخال أعضاء اللجان الثورية في اللجان الشعبية، وهنا أصبح هناك مسئولون باللجان الشعبية من الثوريين، وهم درجة أولى، ومسئولون في اللجان الشعبية من غير اللجان الثورية وهم درجة ثانية، بعدها كبر الأبناء وأصبح لكل منهم ديوان أميري وأتباع، وأصبحوا بحكم الواقع أمراء الأمراء، وانتهت بشكل نهائي هياكل الدولة الرسمية، وتمت شخصنة الإدارة، فوجدنا فيها مكتب سيف، مكتب المعتصم، ومكتب جماعة عبد الله.. إلى آخر هذه القوائم، وهؤلاء واقعيًّا هم الذين يحكمون ليبيا وليس ما يسمى بأمناء اللجان الشعبية، ولذلك عندما أرى بعضًا من الأمناء يحاكمون أعرف أننا مازلنا نقع في نفس المسار الذي وضعه لنا القذافي، فنحاكم من ينفذ الأوامر ولا يملكها، ونترك من يصدر الأوامر.
عمومًا هكذا كانت البلاد تعيش في فوضى غريبة تنشئ المحافظات، ثم يتم تغييرها إلى بلديات، ثم يتم ضمها، وسنة أخرى تفكك، وبعدها تتحول إلى شعبيات، ثم تلغى، وهكذا الأمر، والشعب الليبي كلما يحتقن، يتم تقديم بعض الحلول الواهية المسكنة إلى أن قامت الثورة الشعبية العارمة، وكانت متوقعة بل خلال مسيرة هذا النظام الفوضوي حدثت العديد من المحاولات، ولكن قدرات أجهزة القذافي الأمنية الكبيرة وتعاونها مع أجهزة أمنية من دول الجوار ومن دول أخرى كانوا يتسابقون لإبلاغه للحصول على رضاه وأمواله، التي هي أموال الشعب، ويتم وأد المحاولات.
قامت الثورة في فبراير وخرج المواطنون في الشرق الليبي بحماس منقطع النظير مفجرين لهذه الثورة، وهنا نقول: إن بقية مناطق ليبيا انقسمت إلى ملتحمة مع الثورة منذ البداية أو متعاطفة ومؤيدة لها سرًّا بدون فعل ثوري، أو مضادة لهذا الحراك الشعبي.. وبصرف النظر عن كل هذه التحليلات انتصرت الثورة بإرادة هذا الشعب واستعداد أبنائه لمقابلة القوة بالقوة ولدعم المجتمع الدولي المنقطع النظير الذي أسهم في نجاح وقدرة شباب الثورة على تحقيق النصر، وقلت وأؤكد أن نظام القذافي وهو شخصيا وأولاده بتصرفاتهم المشينة مع دول العالم جعلت كل الدول تسعى لمساعدة أي جهد فاعل للخلاص منه وإراحة العالم من هذه التصرفات الفوضوية غير المسئولة من ناحية، ومن ناحية أخرى شراكة الدول الأوروبية مع ليبيا في النفط والتخلص من مافيا القذافي في عمليات النفط.
وانتصرت الثورة، وكان حلم كل ليبي- بدون استثناء- بعد أن استنشق عبير الحرية أن يرى قرى نموذجية ومدنه مثل مدن دول البترول العربية، ويشعر بكرامته في بلاده، ويستنشق هواءً نقيًّا وتتعافى صحته بفعل تطوير نظام الرعاية الصحية، ويتعلم أبناؤه أحدث وأفضل العلوم من خلال تحسين المنظومة التعليمية، ويحصل كل مواطن ليبي على حقه ويكون هو وغيره أمام القانون سواء.
هذا ما كنا جميعًا نطمح إليه، ولكن الأمر تحول إلى فوضى من نوع آخر، أكدت أن الفترة الزمنية الفوضوية التي غرسها نظام القذافي مازالت فينا، فتحول كل ليبي إلى دولة- لا أقصد التعميم- وأصبحت عبارة ليبيا حرة جواز سفر لمرور أي مخالف للقواعد والقوانين وحتى الأخلاق للأسف، شباب السلاح ازدادوا وكونوا مجموعات مسلحة لا تحترم الناس في كل مكان، وزادت عملية النصب التي بدأت بالنصب علي حيتان النظام القذافي بأخذ إتاوات منهم من أجل تهريبهم أو المحافظة على أملاكهم، ثم تحولت لبقية الناس فظهرت مظاهر الخطف والقتل والسرقة بالإكراه، كل ذلك مع حكومة هزيلة ومؤتمر يتصارع أعضاؤه بدون علم ولا دراية حتى بأصول الصراع السياسي، وقيادات معارضة رجعت بأفكار ترغب في تنفيذها متناسية أن المجتمع غير واعٍ وغير ناضج لهذه الأمور.
سلاطين الفساد من الثوريين تحالفوا مع الفساد السابقين في الخارج والداخل، وبدأ النهب لثروات ليبيا على المكشوف، شارك فيها حتى المواطن الذي يستلم مكافآته أكثر من مرة، وجهات الوعظ والإفتاء دخلت في لعبة السياسة وتركت دورها في بث أخلاق الإسلام لتكون حصنًا منيعًا للشباب يحميه من الانزلاق في هذه الأفعال.
أصبحت الفوضى الآن شعبية منتشرة بشكل واسع؛ ولكن الأمل مازال موجودًا، وفي تصوري فإن الأمر يحتاج إلى تصحيح سريع ببعث نظام حكم جديد تكون فيه الولايات أو الأقاليم أو المحافظات هي الأساس، وهو الذي يتناسب مع تطلعات الشباب الثوري في المناطق للوصول إلى السلطة، فليختارهم ناسهم ويقودون محافظاتهم تحت مظلة نظام حكم فيدرالي ليبي له شكله الخاص، ونسرع بإعداد الدستور الذي يبني على هذا الأساس.
ولا يمكننا أن نصل إلى نتيجة فاعلة في وأد هذه الفوضى إلا بالجلوس والحوار، واعتمادي في ذلك على الحكماء ومشايخ القبائل الليبية وتاريخهم المشرف في وأد الفتن وتجسيد اللحمة الوطنية وأيضًا أنني أعتقد بل أجزم أن الأمم المتحدة ودول أصدقاء ليبيا لن تتركنا لتنفيذ هذا الحوار الذي سينتج عنه توافق لإعداد دستور نتفق عليه جميعًا.
كفانا فوضى نظام وفوضى شعب، ولنتحاور لنبني دولة ليبيا.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.