انتابتني حالة من السعادة الغامرة عندما تلقيت عشرات الرسائل الإلكترونية والبريدية والهاتفية من القراء الأعزاء تعقيبا علي ما كتبته في الأسبوع الماضي تحت عنوان "الشهيد نصر أبوزيد!!" لأنني أثق تماما أن المكافأة الحقيقية التي يحصل عليها الكاتب هي ردود أفعال القراء سواء كانت تتفق مع ما يكتبه أو تختلف معه. ورغم أن غالبية الرسائل التي وصلتني كانت تتفق مع وجهة نظري بشأن ما كتبته عن قضية الدكتور نصر أبوزيد إلا أن هناك أحد القراء الأعزاء كتب تعليقا عبر صحيفة "المصريون" الإلكترونية قال فيه: أخي الفاضل: أولا: أنا لا أدافع عن نصر أبوزيد ولا تعجبني أفكاره هو وأمثاله ممن يشككون في كل شيء.. لكنني أريد أن نأخذ مساراً آخر في أفكارنا وكتاباتنا فلا يكفي أن أقول إن فلان هذا كاذب وكافر و.. و.. الخ.. لكنني أريد أن نتبع المنهج العلمي والعقلي فنقول مثلا أن فلان هذا قال كذا وكذا وهذا خطأ وصحته كذا وكذا.. مع أطيب أمنياتي بالتوفيق. وأقول للقاريء العزيز: انني اتفق مع وجهة نظره تماما واحترمها ومبرري الوحيد هو ضيق المساحة علاوة علي أنني سبق وأن نشرت أفكار نصر أبوزيد بالتفصيل والرد عليها في عدة فصول ضمن كتابي "الملحدون الجدد" الصادر عام .2001 واستجابة للقاريء العزيز أخصص السطور التالية لنشر بعض أفكار الدكتور نصر أبوزيد والرد عليها وكذا نشر فقرات أفكار من تقارير مجمع البحوث الإسلامية عن فحص مؤلفاته علاوة علي أسباب الحكم الصادر من محكمة النقض بالتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة ابتهال يونس. أولا: جاء في أسباب الحكم النهائي البات الصادر من محكمة النقض في 5 أغسطس عام 1995 بالتفريق بين الدكتور نصر أبوزيد وزوجته أنه كذب كتاب الله تعالي بانكاره لبعض المخلوقات التي وردت بالآيات القرآنية ذات الدلالة القاطعة في إثبات خلق الله تعالي لها ووجودها كالعرش والملائكة والجن والشياطين ورد الآيات الكثيرة الواردة في شأنها.. وسخر من بعض الآيات القرآنية الكريمة وكذب الآيات الكريمة فيما تدل عليه بشأن الجنة والنار ومشاهد القيامة ويرميها بالأسطورية. وذكرت المحكمة أن أبوزيد كذب الآيات القرآنية التي تنص علي أن القرآن كلام الله وادعي أنه نص إنساني بشري وفهم بشري للوحي ورد الآيات القرآنية القاطعة في عمومية رسالة الرسول صلي الله عليه وسلم للناس كافة. وأكدت المحكمة كذلك أن أبوزيد يري عدم الالتزام بأحكام الله الواردة في مجال التشريع والأحكام وانها ترتبط بفترة تاريخية قديمة ويطالب بأن يتجه العقل إلي احلال مفاهيم معاصرة أكثر إنسانية وتقدما وأنه اتجه في هجومه أيضا إلي السنة النبوية الشريفة لينال منها قدر استطاعته فقام بردها!! أشارت المحكمة إلي أن هذه الأقوال بإجماع علماء المسلمين وأئمتهم إذا اتاها المسلم وهو عالم بها يكون مرتدا عن دين الله.. فإذا كان داعيا لها فإن بعض العلماء يسميه زنديقا فيكون أشد سوءاً من المرتد.. ولما كان د. أبوزيد يعمل أستاذا للغة العربية والدراسات الإسلامية فهو يعلم كل كلمة كتبها وما تعنيه هذه الكلمات ومن ثم يكون د. أبوزيد قد ارتد عن دين الإسلام وأنه استغل وظيفته كأستاذ لطلبة الجامعة فأخذ يدرس لهم هذه التكذيبات لكتاب الله تعالي ويلزمهم بدراسة واستيعاب هذه المعلومات القاتلة لما حوته من الألفاظ البذيئة التي رمي بها كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم دون خوف من الله سبحانه وتعالي ولا خوف من سلطة حاكمة. ثانيا: مجمع البحوث الإسلامية أعد 3 تقارير عن مؤلفات نصر أبوزيد وهي: "نقد الخطاب الديني" و"مفهوم النص" و"الإمام الشافعي وتأسيس الايديولوجية الوسطية" وصفها بأنها من أشد الكتب عداوة للإسلام وأكثرها ضراوة علي القرآن وأوقحها تطاولا علي شريعة الله.. وانها مكرسة للتهجم علي كل المقدسات الإسلامية والتحايل عليها والنيل منها بطريقة حادة تشبه الجنون.. وانها من أشد الكتب حملة علي الإسلام والقرآن والسنة وتؤدي إلي فساد مؤكد في عقيدة القراء وطلاب جامعة القاهرة بصفة خاصة.. وأن الباحث يحمل فكرا مريضا عدائيا لكل ما هو إسلامي وويلقن سمومه لطلاب الجامعات والمعاهد. مجمع البحوث الإسلامية طالب بحجب مؤلفات أبوزيد عن القراء حفاظا علي عقيدتهم وصونا لدينهم وتجنيبا لهم من قراءة التطاول علي الصحابة وأئمة المسلمين.. وكذا حجب تلك الكتب عن الطلاب الذين يدرسونها في قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة وإبعاد مؤلفها عن تلقين سمومه للطلاب ونقله إلي وظيفة أخري بعيدا عن الكليات الجامعية والمعاهد العلمية ووضعه تحت المساءلة. ثالثا: أنا شخصيا أطلعت علي مؤلفات الدكتور نصر أبوزيد وبأمانة شديدة هالني ما فيها من أفكار غريبة وشاذة ودعوته إلي الثورة الفورية علي القرآن والسنة والتحرر منهما.. يقول أبوزيد في كتابه "الإمام الشافعي وتأسيس الايديولوجية الوسطية": لقد آن أوان المراجعة والانتقال إلي مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا. علينا أن نقوم بهذا الآن وفورا قبل أن يجرفنا الطوفان"ص110". الدكتور نصر أبوزيد أنكر عالمية الإسلام وعموميته وشموله لكل الخلق من إنس وجن وادعي أن الإسلام دين للعرب وحدهم!! حيث يقول في كتابه مفهوم النص: فالإسلام دين عربي بل هو أهم مكونات العروبة وأساسها الثقافي والحضاري.. وبعد أن يقطع نصر أبوزيد بأن الإسلام دين عربي يزيد الأمر وضوحا فيبين أن الزعم بأن الإسلام دين عالمي إنما هو خيالات وأوهام ذهنية بعيدة عن الواقع تماما حيث يقول في نفس الكتاب: إن الفصل بين العروبة والإسلام ينطلق من مجموعة من الافتراضات الذهنية أولها: عالمية الإسلام وشموليته ودعوي أنه دين للناس كافة وليس للعرب وحدهم ورغم أن هذه الدعوي مفهوم مستقر في الثقافة فإن إنكار الأصل العربي للإسلام وتجاوزه "للوثب" إلي العالمية والشمولية مفهوم حديث نسبيا!! للحديث بقية في الأسبوع القادم مادام في العمر بقية إن شاء الله. [email protected]