«الخشت» يطمئن على سير الامتحانات وأعمال الكنترولات بكليات جامعة القاهرة| صور    تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات 3 يونيو    لليوم الثالث .. التموين تواصل صرف الخبز المدعم بالسعر الجديد    ب5 مليارات جنيه صافي الأرباح.. وزير النقل يترأس الجمعيات العامة ل4 شركات    وزير الخارجية: مصر ترفض التواجد الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية في أعقاب حملة بالونات النفايات    ألمانيا يواجه أوكرانيا في أول تجاربه الودية استعدادًا ل يورو 2024    لطلاب الثانوية العامة 2024.. شاهد المراجعة النهائية للجيولوجيا والعلوم البيئية    وزير الصحة يشهد فعاليات توقيع شراكة استراتيجية بين مدينة الدواء المصرية وشركة أبوت الأمريكية    «الزراعة» تكشف تفاصيل إنشاء محطات لإنتاج شتلات قصب السكر في مصر (فيديو)    تأييد الحكم بحبس مدير حملة أحمد طنطاوي    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    القاهرة الإخبارية: وزير إسرائيلي يبحث استمرار حكومة الطوارئ بعد إطلاق سراح المحتجزين    ألمانيا تستضيف تدريبات جوية لقوات الناتو    النائب حسن عمار: جهود مصر لا تتوقف لإنهاء نزيف الدم الفلسطيني    مصرع 20 شخصا جراء الموجة الحارة بولاية "أوديشا" الهندية    الاثنين 3 يونيو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    أفشة: 95 ٪ من متابعي كرة القدم فى مصر لا يفهمون ما يدور داخل الملعب    ليكيب: ريال مدريد سيعلن عن التعاقد مع مبابي اليوم الإثنين    شوبير عبر برنامجه : عبد المنعم رفض مد تعاقده مع الأهلي .. وصراع الوكلاء يهدد صفقة عطية الله .. والوكرة القطري لم يقدم عرضاً لضم أليو ديانج    البورصة تستهل الجلسة الصباحية بتراجع جماعى لمؤشراتها    عاجل.. «9 أيام إجازة».. قرار هام من الحكومة خلال ساعات بشأن عيد الأضحى    لودر يدهس ميكروباصًا.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 آخرين في حادث تصادم بطريق قفط - القصير    طريقة حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الإسماعيلية    «التعليم» تعلن عن وظائف للمعلمين بالمدارس اليابانية للخريجين الجدد    رئيس البعثة الطبية للحج: جاهزون لاستقبال الحجاج وفيديوهات إرشادية للتوعية    باحثة ل"إكسترا نيوز": مصر لديها موقف صارم تجاه مخططات إسرائيل ضد غزة    لمواليد برج القوس.. توقعات الأبراج في شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    النقل تناشد المواطنين المشاركة في التوعية من مخاطر ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    الكشف الطبي بالمجان على 1160 مواطنا في قافلة طبية بدمياط    وزير الصحة: نفذنا 1214 مشروعا قوميا بتكلفة تقترب من 145 مليار جنيه    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    وزير الإسكان يوجّه بتسليم الوحدات للمقبولين بإعلانات «الاجتماعي» في الموعد المحدد    محمد الشناوي يحرس عرين منتخب مصر أمام بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    5 فصول من مواهب أوبرا دمنهور في أمسية فنية متنوعة    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    أفشة: أنا مظلوم من ناس كثيرة في الملعب.. والأهلي مش بيقف على أي لاعب    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلين شرق خان يونس إلى 10 شهداء    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد "صدمة" فراج إسماعيل.. (رد الاعتبار لإمام السلفية الحديثة)
نشر في المصريون يوم 19 - 07 - 2010

هذا المقال سبق أن نشرته هنا مختصرا منذ عدة أشهر وأرى أنه من الأهمية بمكان ان اختتم به ما كتبته منذ يومين عساه أن يثلج صدور الذين "تألموا" من مقالات الأستاذ فراج إسماعيل:
لم يعرف المجتمع السعودي مرحلة "الأوربة" تلك التي عرفتها مجتمعات عدة مثل المجتمع المصري ومنطقتي الشام والمغرب العربي، ولذلك لأسباب تتعلق ب"جغرافيا المكان" من جهة، وبالصدام العسكري مع "الوكيل الفرنسي" في مصر "محمد علي" من جهة أخرى.
لقد خلفت المواجهة العسكرية بين الأخير، والحركة الوهابية مرارة في حلق سكان الجزيرة العربية، وأصلت لقطيعة نفسية عميقة، بين البلدين ترتب عنها "قطيعة معرفية"، جعلت الجزيرة بمنأى عن التغييرات الثقافية والفكرية والدينية التي خلفتها حملة نابليون على مصر، ما حفظ للجزيرة "نقائها الروحي"، فظل حراكها السياسي والديني والاجتماعي، مرتبطا لاستجابات داخلية، وليس رد فعل لضغوطات خارجية، ولعل حركة محمد بن عبد الوهاب (1703 1791 )، كانت آخر محطات "التجديد" الذي أفرزنه سياقات داخلية عفوية، غير مرتبطة ب"أجندات خارجية"، وكانت نوعا من التواصل الحضاري مع "الداخل الإصلاحي" مثل ابن تيمية والعز بن عبد السلام.
ابن عبد الوهاب ولد و توفى قبل الحملة النابليونية، و تنقل ما بين العيينة من بلاد نجد، مكة، المدينة، البصرة بغداد، كردستان، همذان، أصفهان وقم. أي أن أصوله الفكرية كانت "إسلامية خالصة"، لم تختلط بنطف فكرية "غريبة حضاريا"، ولم تتعرض فطرته الدينية، ل"الاغتصاب الحضاري" الذي تعرضت له النخب السياسية والفكرية في مصر، في بدايات القرن التاسع عشر. ولعل ذلك ما يحملنا على الاعتقاد بأن ابن عبد الوهاب يعد "نموذجا معياريا"، للتفريق بين "الإصلاح والإفساد" و"التجديد والتقليد".
وهذه النقطة بالغة الأهمية، لإعادة الاعتبار لمفهومي الإصلاح والتجديد، إذا ما حاولنا تكوين رؤية موضوعية لهذا الصخب الإعلامي الذي تشهده السعودية بين أطراف عدة و الكل يدعي لنفسه قصب السبق في عملية الإصلاح.
ما الفرق إذن بين محمد بن عبد الوهاب و"شيوخ الإصلاح" في مصر مثل الشيخ حسن العطار ورفاعة الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده والشيخ علي عبد الرازق؟، إذ إن كثيرا من المؤرخين يدرجهم معا في قائمة المصلحين أو المجددين. وهو إدراج في تقديري يخلط ما بين "المجدد" و"المقلد"، ولا يرى الفاصل بين الإصلاح والإفساد: فالأول -ابن عبد الوهاب- يمثل النموذج الذي ينشده الوطنيون الآن للإصلاح، وهو "الإصلاح من الداخل"، حيث ارتبطت حركة ابن عبد الوهاب بمعطى "داخلي - جاهلي"، وهي "ثقافة الخرافة" التي كانت سائدة في الجزيرة العربية، حيث كانت ثورته انتصارا للعقل على الخرافة، والعودة إلى الأصول لمواجهة البدع والخرافات، وإقالة العقل العربي من عثرته وكسله غيبوبته الحضارية.
كانت دعوة ابن عبد الوهاب، حركة مستقلة عن أية ضغوط دولية أو إقليمية، مهمومة فقط بتجديد الداخل وتأسيسه على "الخلق القرآني"، لم يكن عبد الوهاب معاصرا أو عارفا أو معجبا بالفكر الباريسي، الذي أفسد النخبة في مصر. فيما اتصلت الأخيرة بهذا الفكر، اتصالا بلغ مبلغ المعايشة، مثل الشيخ حسن العطار وتلميذه رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده. حتى في ذروة الاحتلال والشعور بالمهانة، كما فعل الجبرتي مثل تردده على منشآت الفرنسيين وقبوله المشاركة في "البرلمان الوطني" الذي أسسه الجنرال الفرنسي "مينو" على غرار مجلس الحكم المؤقت الذي أسسه الحاكم العسكري للعراق الأمريكي برايمر، ثم عاد واعتذر للمصريين عن ولائه للفرنسيين من خلال كتابه "مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس"، والذي أهداه إلى الوزير العثماني يوسف باشا، مجددا ولائه للدولة العثمانية من خلاله.
هذا الارتباط أو الاختلاط ب"المحتل الغالب" والمنتصر والمتفوق عسكريا وتقنيا، أفرز ظواهر ثقافية ونخبا قرأت الداخل وفهمته بعيون وعقل الخارج، لقد كتب الطهطاوي في "تخليص الابريز" واصفا رد فعل الحكومة الفرنسية على سقوط الجزائر في أيديهم قائلا:" فبمجرد ما وصل هذا الخبر إلى رئيس الوزراء بوليناق، أمر بتسييب مدافع الفرح والسرور وصار يتماشى في المدينة كأنه يظهر العجب بنفسه، حيث إن مراده نفذ وانتصرت الفرنساوية في زمن وزارته على بلاد الجزائر. ومما وقع أن المطران الكبير لما سمع بأخذ الجزائر ودخل الملك القديم الكنيسة يشكر الله سبحانه وتعالى على ذلك، جاء إليه ذلك المطران ليهنيه على هذه النصرة، فمن جملة كلامه ما معناه أنه حمد الله سبحانه وتعالى على كون الملة المسيحية انتصرت نصرة عظيمة على الملة الإسلامية ولازالت كذلك".
كيف قرأ الطهطاوي الاعتداء الفرنسي الصليبي على الجزائر؟ يقول: "مع أن الحرب بين الفرنساوية وأهالي الجزائر، إنما هي مجرد أمور سياسية ومشاحنات تجارات ومعاملات ومشاجرات ومجادلات منشأها التكبر والتعاظم! ومن الأمثال الحكيمة: لو كانت المشاجرة شجرا لن تثمر إلا ضجرا".
هذا النص عمدت إلى ذكره في هذا السياق لأهميته ولأنه شديد التماثل مع تفسيرات "المصلحين الجدد" الآن للحملة الأمريكية على العالم الإسلامي منذ عام 2001، والتي يبررونها بمبررات "مادية" و"حرب مصالح" رغم تأكيدات بوش المتكررة بأنها حرب صليبية، وأن "الله أرسله لإنقاذ البشرية من الهمجية الإسلامية".
الطهطاوي هنا رغم أنه ينقل تفاصيل الاحتفالات الدينية والمدنية الفرنسية في باريس وإقامة القداس ابتهاجا بانتصار الملة المسيحية على الملة الإسلامية، إلا أن الطهطاوي الذي اعتبر نفسه سليل "الحضارة النابليونية"، وحاملها ل"إصلاح الشرق"، لم يشأ إدانة باريس التي مثّلها فيما بعد في القاهرة، وقرأ الأحداث بنفس مادي واضح، في خطاب تضليلي، إذ ليس ثمة حرب صليبية، إنما هي مجرد "مشاحنات وتعاظم وتكابر" بين الطرفين: بين المعتدي الفرنسي والمُعتدى عليه الأعزل: الجزائري.
هذا هو الفارق بين ابن عبد الوهاب و الطهطاوي، ارتبط الأول بمشروع «إسلامي مستقل" يستند على "الإصلاح من الداخل"، فيما ارتبط الثاني بمشروع تغريبي يعتمد على فكرة "تقليد الخارج". وعلى ذات المنحى يمكن النظر إلى محمد عبده، و سبق لنا الإشارة إليه في الجزء الثاني من هذه المقدمة، ونجدد الإشارة هنا -في سياق التدليل على انتمائه للمدرسة التقليدية وليست الإصلاحية- إلى أن عبده كما كشف د. محمد عمارة في "الأعمال الكاملة"، قد شارك قاسم أمين في وضع كتاب "تحرير المرأة"، بل إن عماره ألمح إلى أن الكتاب ربما يكون عبده قد كتبه من ألفه إلى يائه.
ورغم أن سلوكيات الأفغاني مثل انتخابه رئيسا لمحفل "كوكب الشرق" الماسوني عام 1887 وشربه الدخان وتعاطيه "الكونياك" - الخمر كما ذكر رشيد رضا في "تاريخ الإسناد"، قد أثارت الكثير من اللبس حول شخصيته المثيرة للجدل، إلا أنه لا يخرج عن كونه ابن الصدمة الحضارية النابليونية، التي جعلته واحدا من ابرز رواد التقليدية الجديدة، مثل الطهطاوي وعبده وعلى عبد الرازق وغيرهم.
في الحالة السعودية فإن الجزيرة كما أشرنا في ما تقدم، لم تعرف ما عرفته مصر من أوربة، ولكنها مرت أيضا بمرحلتين شبيهتين: مرحلة ما قبل الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ، وهي المرحلة التي لم تكن فيها السعودية تحت ضغوط خارجية ملحة، وإنما دخلت في "جدل داخلي" فرضته عليها تساؤلات جديدة على رأسها الوجود الأجنبي في منطفة الخليج، والشراكة العربية الغربية في حرب "تحرير الكويت" عام (1990 1991)، واستهداف القاعدة للوجود الأمريكي في المنطقة وهي المرحلة التاريخية التي أفرزت طبيعيا قيادات إصلاحية عفوية، تعتبر امتدادا لعفوية ابن تيمية والعز بن عبد السلام ومحمد ابن عبد الوهاب، تمثلت في سفر الحوالي، سلمان العودة، ناصر العمر، وهو التيار الذي أدى تأثيره على الحراك السياسي والاجتماعي بالمملكة -"مظاهرات بريدة نموذجا"- إلى ابتلاء معظمهم بمحنة السجن (1994 1999 ).
المرحلة الثانية وهي مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، وتشبه إلى حد ما حملة نابليون بونابرت عام 1798م، إذ تشتركان في أنهما كانتا "حرب أفكار"، دخلت مصر في الثانية "عصر الأوربة" ودخل الخليج في الأولى "عصر الأمركة"، وفرضت أجندات خارجية للإصلاح، وهي المرحلة التي أفرزت نخبا تشبه وتتماثل مع تلك التي أفرزتها الحملة النابليونية على مصر، تتبنى مشاريع تغريبية، تعتمد على "جلد الذات" واحتقارها والإعلاء من قيم الغالب المنتصر —أمريكا- مثل منصور النقيدان، مشاري الذايدي وغيرهما. وهم امتداد طبيعي للمدرسة التقليدية في مصر مثل طه حسين، ومحمد أحمد خلف الله وعلي عبد الرازق، وجمال البنا وحسن حنفي وغيرهم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.