ما إن ترددت في الأيام الأخيرة شائعات عن إصابة مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع بأزمة قلبية أو حتى وفاته في محبسه قبل أن تؤكد أسرته أنه بخير، إلا وظهرت تساؤلات كثيرة حول مغزي نشر تلك الشائعات حول الرجل, الذي تلاحقه السلطة الجديدة في مصر بسيل من الاتهامات. وبديع البالغ من العمر 70 عاما, وتعتقله السلطات في سجن طره بجنوبالقاهرة, تمكن أفراد من أسرته من زيارته في السجن في مطلع سبتمبر، حيث قال أحمد زوج ابنته إن شخصين من العائلة سمح لهما بزيارته وهما زوجته وابنته، وإنهما أخبرتاه بأنه بخير حال وصحة، لكنه يشكو من حبسه انفراديا وعدم السماح له بالفسحة أو مقابلة أي من معتقلي جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن شكواه من تعرضه للضرب والإهانة عند القبض عليه أواخر الشهر الماضي. وأثارت الشائعات حول صحة بديع استياء واضحا في وسائل الإعلام المحسوبة على التيار الإسلامي خصوصا، وركز البعض على ما بدا من سوء معاملة لرجل بهذه المكانة وفي هذه السن، بينما عبر آخرون عن خشيتهم من أن تكون الأنباء التي تسربت عن مرضه أو وفاته مجرد بالونة اختبار تمهد لشرّ أوأذى قد يلحق بالرجل. ومن جانبه, قال المفكر السياسي المصري محمد الجوادي إنه لا شيء بات مستبعدا منذ "الانقلاب", الذي عطل الدستور وأطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي في الثالث من يوليو الماضي. وأضاف الجوادي في تصريحات لقناة "الجزيرة" أنه لا يستبعد أي احتمال سواء كان يتعلق بتعرض الرجل لسوء المعاملة, أو حتى لمؤامرة قد تودي بحياته. وعن دليله على ذلك, قال الجوادي إن من يتابع ممارسات سلطة "الانقلاب" يدرك أنها لا تتورع عن القيام بأي شيء، ويكفي ما قامت به من فض عنيف لاعتصام مؤيدي مرسي في ميدان رابعة العدوية، ما أدى إلى مقتل المئات وإصابة واعتقال الآلاف ,فضلا عن وصول الأمر إلى إحراق بعض جثث الضحايا. كما لفت الجوادي النظر إلى ما تقوم به السلطة الحالية من كيل اتهامات للرجل وغيره من قيادات جماعة الإخوان المسلمين من تهم بالقتل والتحريض والإرهاب، فضلا عن إطلاق يد مجموعات البلطجية في قتل الناس وإرهابهم، مؤكدا أن كل هذا يدفع باتجاه توقع أي شيء مهما كان مستبعدا بالمقاييس العادية. وفي المقابل, استبعد المحلل السياسي المصري سامح راشد، مع عدم رضاه عن كثير من الممارسات الحالية، أن يصل الأمر إلى درجة إلحاق الأذى بمرشد الإخوان في سجنه، ودلل على ذلك في تصريحات ل"الجزيرة" بأن السلطة الحالية لن تستفيد من ذلك شيئا, فضلا عن كون الأيام الأخيرة أثبتت أنها تفعل أي شيء دون أن تحاول حتى إخفاءه أو تجميله. ورجح راشد أن بديع ربما يتعرض لنوع من اعتلال الصحة، ويرجع ذلك إلى تقدمه في السن، فضلا عن الضغوط التي يتعرض لها عبر اتهامات متلاحقة بتهم خطيرة، كما يعتقد أن ما يصعب الأمر أيضا هو الضربات بل الصدمات التي تتعرض لها جماعة الإخوان على مدى الشهرين الماضيين بعد عام قضاه أحد أعضائها على قمة السلطة في مصر. وأضاف راشد "لا ينبغي أن ننسى أن الرجل تعرض أيضا لصدمة أخرى تتعلق بوفاة ابنه في أحداث جمعة الغضب في 16 أغسطس الماضي"، فضلا عما تحدث عنه من سوء المعاملة أثناء قيام السلطة بالقبض عليه في العشرين من الشهر نفسه. يذكر أن محضرا سرب للتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة مع بديع أشار إلى أن الرجل نفى كل الاتهامات الموجهة إليه، وندد بالإجراءات التي تستهدفه هو وجماعة الإخوان وتحولهم إلى جناة مع أنهم هم المجني عليهم، كما تحدث عن تعرضه للضرب والإهانة أثناء القبض عليه، وقال إنه أبلغ وكيل النائب العام بذلك أثناء التحقيقات، لكنه لم يكترث. وأمرت نيابة جنوبالجيزة الكلية في 2 سبتمبر بحبس بديع لمدة 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات التي تجرى معه بمعرفة النيابة، لاتهامه بالتحريض على أحداث العنف والاشتباكات, التي جرت بين أعضاء التنظيم الإخواني و"الأهالي" بمنطقة "البحر الأعظم" بالجيزة مؤخرا. وقررت النيابة أن يبدأ تنفيذ أمر الحبس الاحتياطي بحق محمد بديع في هذه القضية، في أعقاب انتهاء فترات حبسه الاحتياطي على ذمة التحقيقات في شأن اتهامات مشابهة ضده في وقائع أخرى سبق وأن جرى التحقيق معه فيها بمعرفة نيابات مختلفة. وأسندت النيابة إلى بديع تهم التحريض على القتل والشروع في القتل تنفيذا لغرض إرهابي، والبلطجة، والتحريض على استعمال القوة والعنف مع رجال الشرطة ومقاومتهم، وإدارة عصابة مسلحة، والتحريض على حيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر حية غير مرخصة وتخريب المنشآت العامة والتجمهر وقطع الطريق، وتعطيل وسائل النقل. وانتخب بديع مرشدا عاما لجماعة الإخوان المسلمين في 16 يناير 2010, ليصبح المرشد الثامن للجماعة منذ تأسيسها على يد حسن البنا.