ليس بوسع المراقب إلا أن يسجل ملاحظته، بشأن الإحساس ب"الندم" الذي تكتظ به مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت.. حيث المئات من النشطاء، وعوام الناس نادمون على نزولهم يوم 30 يونيو الماضي. قطاع ليس بالقليل من المصريين، استجاب لدعوة "تمرد"، بغض النظر عما تردد بشأن، ما قيل بأنها صناعة الاستخبارات.. المصريون لم يهتموا بتلك المزاعم ولم يتحققوا من صدقيتها، لأن ما كان يشغلهم آنذاك هو استرداد ثورتهم التي اعتقد بأنها "سرقت" واستخدمت ك"مطية" للجماعة في رحلة الصعود إلى السلطة. 30 يونيو.. كان إحدى محطات المد الثوري: الثورة على مبارك وعلى "حكم العسكر".. ثم ضد "حكم المرشد".. كان يعتقد بأن الأخيرة، خطوة ضرورية للاقتراب من "الدولة المدنية".. التي هي في الأصل ضد الفاشيتين :العسكرية والدينية.. غير أن تطورات الوضع بعد 30 يونيو جاءت مفزعة للضمير الوطني المصري. لقد تفهم قطاع ليس بالقليل من المصريين تدخل الجيش لعزل رئيس "منتخب"، ربما تقبل المصريون ذلك من باب "الاضطرار".. وابتلعوها خوفا من "الإخوان".. خاصة وأن سياسات الأخيرة كانت مفزعة إلى حد أسس لبيئة سياسية واجتماعية، تاقت للتدخل العسكري.. ولعل البعض سجل المناشدات التي كانت تلقى من على شاشات الفضائيات، وتشير بشكل مباشر، بأن تدخل الجيش يحتاج إلى غطاء شعبي، وهي الرسائل التي كانت تبرق بتعمد، بهدف الحشد والتعبئة.. بالتزامن مع انتشار حالة السخط والاستياء من نظام الحكم الإخواني، والتي بلغت حد التساؤل: متى ينزل الجيش؟! ونزل الجيش.. تحت غطاء شعبي، صنع بعفوية أو في مطابخ الأجهزة الأمنية.. ليس ذلك مهما.. لأن الأهم والأخطر قد أنجز فعلا، وهو التخلص من الرئيس الإخواني في قصور السلطة، غير أن التطورات في الأيام التالية، فاجأت جنرالات الجيش، وأربك الإسلاميون حسابات المخططين، وحدث ما يشبه الفوضى في استخدام السلاح "الميري" وسقط الآلاف في مذابح متتالية، وخوفا من تورط الجيش في المشهد الدامي، اعتمد "كوبري القبة" على الأجهزة الأمنية، في نسختها وبأدواتها الموروثة من عهد مبارك، وتحت غطاء إعلامي فلولي، استهدف ثورة يناير ورموزها وشخوصها، على النحو الذي أفضى إلى تكوين انطباع "يقيني" بأنه كما امتطى الإخوان ثورة يناير للوصول إلى السلطة.. فإن الفلول امتطوا 30 يونيو، للثأر من ثورة يناير، والعودة إلى الحكم مرة أخرى. كان الكلام على أن الثورة لم تكتمل بعد، يثير سخرية البعض، غير أن دولة ما بعد 30 يوينو.. ربما تعيد الاعتبار لمثل هذا الاعتقاد.. ويبدو لي أنه إذا لم تتدارك الطبقة الحاكمة الآن الوضع وبشكل عاجل، وتقتنع بأن "الحل الأمني" الذي لم يحمي مبارك وأسقط مرسي.. سينهي أي نظام لاحق عليهما، في ظروف أمنية واقتصادية وسياسية ودولية وإقليمية.. هي الأسوأ بكثير مما مضى. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.