في عام 2004، ظهرت حركة "كفاية".. كتيار ثالث مستقل عن القوى والأطر السياسية التقليدية، كانت "إبداعًا شعبيًا" غير مسبوق، غير أنها اكتفت بتحطيم "الإطار" أو"التابو المقدس".. تلك الصورة النمطية عن "الرئيس الفرعون" المتعالي عن النقد أو المس أو الاقتراب من "ذاته العلية"! اختفت الحركة بعد استيلاء اليسار المتشدد عليها، وبعد أن امتطتها ذات القوى السياسية التي هُزمت آنذاك أمام مشروع التوريث.. غير أن الحركة ظلت موجودة، إلى أن بات حضورها "رمزيًا" فقط.. وفي عام 2008 ورثت: "كفاية" حركة جديدة وهي "6 إبريل" والتي كانت امتدادًا لمرحلة التأسيس المتعثرة "كفاية" غير أنها كانت أكثر وعيًا بالأدوات التي نجحت في الالتفاف على القبضة الأمنية الوحشية التي حافظت على مبارك على مدى ثلاثة عقود، إلى أن أنهكها مبارك نفسه، لتنهار خلال سويعات قليلة من يوم جمعة الغضب 20 يناير 2011. 6 إبريل.. بدأت الثورة، ولكنها فشلت في تقديم "بديل" للحكم، وترك خروج مبارك عنوة من الحكم، فراغًا سياسيًا كبيرًا، فيما كانت قوى الثورة غير جاهزة بالبدائل المناسبة وغير مؤهلة فيما تبين لاحقًا لملء فراغ ما بعد 25 يناير.. ما أتاح للجيش القوة الأكثر تنظيمًا وخبرة مهمة خلافة مبارك. بعد فشل النخبة المدنية.. سواء بالسلطة "الإخوان" أو بالمعارضة، في إدارة الفترة الانتقالية، ظهرت حركة جديدة "تمرد" لترث "6 إبريل".. كقوة ثالثة أو كتيار ثالث مستقل عن القوتين التقليديتين الفاشلتين حتى الآن. حركة "تمرد" إذن هي امتداد للحركات الشعبية والوطنية، والتي كانت رد فعل على "فشل" السلطة.. و"انتهازية" المعارضة.. ولكل منها أداتها التي تختلف عن الأخرى، بحسب الشروط الموضوعية على الأرض. "كفاية" كانت أداتها "الشارع".. و6إبريل استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت.. و"تمرد" تجاوزت الاثنين: الشارع والإنترنت.. لتكون في قلب الجماهير لإقناع الرأي العام ب"سحب الثقة" من الرئيس. حتى الآن يظل "غياب اليقين" هو سيد التكهنات التي تحاول تقديم مقاربة لليوم التالي من 30 يونيه.. ولكن السؤال ربما يتعلق بحدود قدرة "تمرد" على وراثة نظام الحكم الإخواني.. إذ ربما تستطيع النيل من شرعيته.. ولكن تظل قدرتها على تقديم "رجال دولة" قادرين على ملء فراغ ما بعد الإخوان محل شكوك كبيرة.. فالمتوقع أن تنزلق إلى ذات الخطأ الذي وقعت فيه حركة "6إبريل": إسقاط النظام لصالح قوة غير محسوبة على قوى الثورة ولكنها جاهزة كمشروع دولة بديل. البديل عن الإخوان.. ربما يكون مرعبًا، إذ يظل "الفلول" هم القوة الأكثر تنظيمًا واستيلاء على أدوات الرئيس مرسي نفسه.. لتعود مصر مجددًا إلى خيارات صعبة وعليها أن تختار مرة أخرى بين "الإخوان" المتعثرة والأقل خبرة.. أو "الفلول" المتحفزين للعودة إلى الحكم مجددًا. المعارضة المدنية ضعيفة وغير جاهزة.. وتمرد أداة تفكيك ولا تملك أدوات البناء.. ما يعيد القوى الوطنية التي تريد إجراء انتخابات رئاسية جديدة أو إقالة مرسي، خارج بورصة التوقعات بشأن تسمية رئيس مصر المقبل. أية قراءة رصينة وهادئة للمستقبل، لن تبتعد كثيرًا، عن السيناريو الأكثر بؤسًا ورعبًا، وأن مصر أمامها سنوات طويلة من العنف والفوضى.. ما يوفر غطاءً شعبيًا متناميًا لعودة الجيش إلى صدارة المشهد السياسي مجددًا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.