علقَ أحد الأصدقاء على مقالى السابق بشأن ضرورة اتباع الحركة الإسلامية فلسفة الحسن بن على رضى الله عنهما فى التنازل للصلح وصناعة السلام، مشيرًا إلى "أن القياس لا يستقيم لأن معاوية رضى الله عنه صحابى جليل وأحد كتاب الوحى، فأين معاوية هذا الزمان ليتنازل له مرسى؟ ولأن معاوية لم يخطف الحسن ليجبره على التنازل، والحسن على رأس جيشه واحتمالات فوزه بالصراع المسلح راجحة، وقد اشترط الحسن عودة الحكم إليه بعد وفاة معاوية، ولأن معاوية لم ينقلب على الحكم الشرعى أما هؤلاء فانقلبوا وهدفهم إقصاء وإبادة الإسلاميين فكيف نتعايش معهم؟" هذا باختصار تعليق الصديق على المقال، أما ردى عليه فالفوارق حاضرة بلا شك وهذا من طبيعة الأشياء ؛ فليس هناك واقع مطابق لواقع آخر تمامًا، إنما المواقف تتشابه لتتعلم منها الأجيال، وهناك تفاوت بين شخصية معاوية رضى الله عنه والفريق السيسى، وهذا منطقى فلن يأتى جيل خير من جيله صلى الله عليه وسلم وقد قال: "خير القرون قرنى"، وبنفس القياس فكما لا يوجد معاوية فى حلمه وكياسته فلا يوجد أيضًا كعلى فى حكمته وشجاعته وبلاغته، ولكن التاريخ يقول أيضًا إن معاوية رضى الله عنه قد وقع فى أخطاء جسيمة واستخدم مواهبه فى تثبيت سلطانه وبلغت ذروة أخطائه بنقض شروط الصلح مع الحسن وهنا قمة الانقلاب على الشرعية – بعكس ما ذهبَ إليه الصديق -. وأتساءل بنفس منطق الصديق: أين علي هذا الزمان فى بُعد نظره وتوقعه لما حدث بعد ذلك؟ ومع حبى للدكتور مرسى إلا أن جزءًا من المأساة التى تحياها الأمة بسبب افتقاده هذا الجانب. قدم الحسن حقنَ الدماء على شرعيته وأحقيته فى الحكم ابتغاء وجه الله فاستحق مقام السيادة الذى وضعه فيه سيدنا محمد، والقوة والغلبة كانت لصالح جيش الحسن صاحب الشرعية باعتراف عمرو ابن العاص أحد قواد معاوية الكبار، فأين هنا جيش الدكتور مرسى، اللهم إلا العزل الذين يُدفع بهم فى المواجهات لصناعة كربلاء جديدة. فإذا كانت احتمالات فوز الحسن بالصراع راجحة ومعه الجيش الأقوى وقد تنازل من أجل السلام والصلح، فالأوْلى أن يتنازل الدكتور مرسى وهو الطرف الأضعف الذى لا يمتلك جيشًا وإمكانية تعريض أتباعه للقتل أكبر. ما يحدث الآن قتال فتنة بين المسلمين حيث من الجنون وغير المقبول تخوين الجيش وتكفير قادته وكذلك تكفير الشرطة والمخابرات فيقول البعض هؤلاء خونة وهؤلاء كذا لتأجيج الصراع واستمراره، وفى المقابل يجب رفض تخوين التيار الإسلامى ووصمه بالعمالة، ينبغى أن يتوقف هذا الخطاب فالجميع نعتقد فيه الوطنية ونشهد بإسلامه، وقد أمرنا الله فى كتابه بالسعى للصلح بين المؤمنين حالَ وقوع الفتنة ورأب الصدع ووقف نزيف الدماء. نستطيع الآن بالتجرد والتفانى أن نصنع شيئين على النقيض؛ إما أن نساهم فى إبادة أطهر شباب وأزكى نفوس وأطهر نساء وأروع أطفال وأجمل معانٍ وقيم يمتلكها هذا الوطن، وفى المقابل بالتجرد والتفانى نستطيع أن نوقف هذا المسلسل الرهيب حسبة لله وتقديمًا لمصلحة الإسلام والدعوة وترميمًا لجراحنا المفتوحة على مصراعيها.. كما قال الحسن رضى الله عنه: "وإن هذا الأمر الذى اختلفت فيه ومعاوية إما أن يكون أحق به منى فقد تركته له وإما أن أكون أحق به منه فقد تركته لله عز وجل ولخير أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائها". أبْكى وتعربد المآسى والأحزان فى قلبى وكيانى، وأتمنى وأدعو الله أن يخرج العقلاء بقوة لإنقاذ هذا الوطن الغالى وحقن هذه الدماء الزكية والإبقاء على هذه الأرواح العامرة بحب مصر وتلك العقول التى تحمل أفكار البناء والنهضة. فهل من أحد يصنعُ الصُلح والسلام الآن فيستحق مقام السيادة، حسبة لله عز وجل ولخير أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائها؟ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.