كشفت مصادر قضائية رفيعة المستوى عن وجود تباينات واختلافات في وجهات النظر داخل أروقة نادي القضاة حول أسلوب التعاطي مع النظام في المرحلة القادمة ، حيث يطالب تيار بتصعيد الضغوط على النظام وصولا إلى الإضراب عن العمل بينما يدعو تيار آخر إلى التهدئة ومحاولة التوصل إلى تسوية مقبولة . وأوضحت المصادر أن فريقا يتزعمه المستشار محمود رضا الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية يطالب بضرورة لجوء القضاة إلى أسلوب الإضراب لإجبار السلطة التنفيذية على الانصياع لمطالب القضاة العادلة والمشروعة ويحظى هذا الخيار بتأييد واسع نسبيا داخل أوساط القضاة الذين يعتبرون المرحلة الحالية حاسمة في تاريخ القضاة وأن أسلوب الإضراب هو الوحيد القادر على انتزاع حقوق القضاء واستقلاله التام بالإضافة إلى ضرورة اللجوء لجهات دولية أو ما يعرف بالتحكيم الدولي لإجبار النظام على إقرار قانون السلطة القضائية. ويرى هذا التيار أن اللجوء إلى سلاح إضراب القضاة هو الأنسب في هذه المرحلة لخلق أزمة دستورية وشرعية للنظام واستغلال المأزق الشديد الذي يعاني منه بعد التطورات الأخيرة لانتزاع أكثر قدر من التنازلات منه وإجباره على تمرير قانون السلطة القضائية بالشكل الذي يرضى القضاة بدون تقديمهم لأي تنازل. في المقابل ، يرى فريق آخر يتزعمه المستشار زكريا عبد العزيز رئيس النادي أن أسلوب الاعتصام بالنفس الطويل هو المناسب حاليا للتعبير عن مطالب القضاة على أن يتم تفعيل هذا الأسلوب في مختلف نوادي القضاة على مستوى الجمهورية خصوصا في ظل التأييد الشعبي والنخبوي العام الذي حظي به القضاة في المرحلة الماضية . ويرفض هذا التيار استباق الأمر واللجوء إلى سلاح العصيان المدني ، معتبرا العصيان هو نهاية المطاف في الصراع بين السلطة والقضاة ، ويؤيد هذا الاتجاه جناح واسع داخل النادي حيث يرى هذا التيار أن اللجوء إلى سلاح العصيان المدني يمكن أن يتسبب في وقف انضمام أنصار جدد لتيار الاستقلال داخل النادي ممن يفضلون تصعيد خيار الاعتصام فقط. وأوضحت مصادر مقربة من النادي أن الاختلافات في وجهات النظر داخل النادي لا تعني وجود خلافات وصراعات ، حيث إن هذه الاختلافات ستتم مناقشتها في الجمعية العمومية القادمة المقرر لها منتصف الشهر الحالي ، كما أن أي تصعيد أو تهدئة يرتبط أيضا بطبيعة التحرك الحكومة في المرحلة المقبلة . في سياق متصل ، توقع مراقبون اندلاع أزمة جديدة بين نادي القضاة والسلطة بعد ورود أنباء عن قرب مد النظام لخدمة المستشار ممدوح مرعي رئيس المحكمة الدستورية العليا الذي سيصل في الأيام القليلة القادمة إلى سن الإحالة للمعاش خصوصا أن النظام سيقاتل من أجل مد الخدمة مكافأة له على دوره في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، لينضم إلى قائمة المستشارين الثلاثة الذين ينتظرون التمديد وهم فتحي خليفة رئيس محكمة النقض وأحمد خليفة رئيس محكمة استئناف القاهرة وزكا بقطر رئيس محكمة استئناف طنطا ، وهو الأمر الذي يعارضه نادي القضاة بشدة وتعتبر هذه النقطة هم نقطة الخلاف الأهم في مشروع قانون السلطة القضائية. من جهته ، أكد المستشار محمود الخضيري أن اللجوء إلى أسلوب العصيان المدني هو خيار من الخيارات القوية للمواجهة مع النظام إذا استمر في تحديه لإرادة القضاة والتلاعب بهم ، مشيرا إلى إمكانية اللجوء إليه في ضوء أي تصعيد في المرحلة المقبلة. وأوضح الخضيري أن الجمعية العمومية القادمة للقضاة ستبحث جميع الخيارات التي سيلجأ إليها القضاة إذا لم يسحب النظام قرار إحالة المستشار مكي والبسطويسي إلى لجنة الصلاحية أو أن يقدم قضاة آخرين إلى نفس اللجنة. بينما تحفظ المستشار محمود مكي على اللجوء إلى سلاح العصيان المدني في المرحلة القادمة ، مؤكدا أن اللجوء لهذا السلاح قد يضعف من التأييد للوبي الاستقلال داخل صفوف القضاة وسيمنع انضمام أعضاء جدد ومؤيدين لهذا الخيار ، مشددا على أن رفضه اللجوء إلى سلاح العصيان حاليا لا يعني استبعاده فنحن يجب أن نسلك أسلوبا تدريجيا في التعامل مع النظام ولا نحرق أوراقنا كاملة. ونبه مكي إلى أن وجود تيارات داخل نادي القضاة واختلافات في وجهات النظر أمر ايجابي للغاية ويدل على مناخ صحي داخل النادي وكما أن هناك إجماعا على عدم تقديم تنازلات لصالح الحكومة والتمسك بمطالب القضاة المشروعة.