لا أعلق على الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا بالسماح بالزواج الثاني للأقباط، وأحاول أن أتحوط من ذلك مثل البابا شنودة الذي قال إنه يعلق فقط على شرح القاضي وتفسيره خلال مؤتمره الصحفي. أفعل ذلك حتى لا أكون تحت طائلة القانون الذي يعاقب من يعلق على حكم قضائي. كلامي هنا عما إذا كان من حق أحد أن يتدخل في أمور شرعية تمس صلب عقيدة الآخر أو دينه. ماذا إذا صدر حكم قضائي اليوم أو غدا يمنع المسلمين من الزواج الثاني بالمخالفة الصريحة للقرآن الكريم. وماذا إذا نجحت مستقبلا الجهود التي تبذل لتشريع قانون يحظر تعدد الزوجات الذي تطبقه تونس مثلا وهي دولة مسلمة مائة في المائة؟! إذا أردنا العدالة وسعينا نحوها فلابد أن نطلبها شاملة للجميع. هكذا يأمرنا الإسلام، أما أن نفرض على المسيحي قانون مدني يخالف نص كتابه المقدس الذي يؤمن به، ونعارض ذلك بالنسبة لما يمس الشريعة الإسلامية، فهذا لا عدل فيه ويحوي قدرا هائلا من الظلم الذي لا نتمناه لأي مصري في وطنه. من حق البابا شنودة أن يعترض على أمر يخالف نصا في الانجيل لأنه الراعي عليه، فهو أعلى سلطة دينية مسيحية في مصر، والقائم على تطبيق النص الديني بما يتضمنه من تحليل وتحريم. ليس في اعتراضه ورفضه أي قدر من تحدي القانون، ولا يعني أنه دولة داخل الدولة. حق 4 آلاف مسيحي أو أكثر يريدون الزواج الكنسي وفق شريعة الأرثوذكس مرجعه رأس الكنيسة الأرثوذكسية ومجمعها المقدس، وليس المحاكم المدنية ولا الدولة، وغير ذلك يعد مخالفة صريحة للمادة الثانية من الدستور التي تقرر أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وها هو البابا شنودة والمجمع المقدس يطالبان بتطبيقها على هذا الموضوع بعدما تبين لهما أنها تضمن حقوق المسيحيين العقيدية والتشريعية سواء بسواء مع المسلمين. أمام هؤلاء الذين حصل أحدهم على الحكم طرق كثيرة للزواج، كأن يغيروا مذهبهم كما فعلت يوما الممثلة هالة صدقي وبعد أن تزوجت سمح لها بالعودة إلى مذهبها الأرثوذكسي، أو أن يتزوجوا مدنيا في قبرص كما يفعل اللبنانيون وعندما يعودون يقومون بتسجيل الزواج في الشهر العقاري. توريط جهة أخرى غير سلطة الكنيسة في موضوع وصفه البابا شنودة بأنه ديني بحت ونص مقدس، يخرجه تلقائيا من حالات شخصية إلى أزمة طائفية، ويصوره على أنه اضطهاد من الدولة للأقلية المسيحية. وهو ما سمعناه فعلا من البابا شنودة خلال مؤتمره الصحفي فقد حرص – بدون داع – على الزج بأقباط المهجر بقوله " كلما أقوم بتهدئتهم، يصدر شيء لا استطيع بسببه السيطرة عليهم"! يتزوجون أو يطلقون.. هذا شأنهم إذا كان يتعلق ينص ديني في عقيدتهم. [email protected]