* مايحدث فى مصر الآن هو نزيف داخلي فى عقل الأمة المصرية نتج عنه تصلب فى شرايين العمل السياسي وشلل رباعي فى أطراف الجسد المصري..! فمصر الآن تمر بأحرج لحظاتها منذ أن وجدت على ظهر هذه الأرض منذ آلاف السنين . ولا يوجد فى مصر اليوم غالب ومغلوب ومنتصر ومهزوم فالكل فى العذاب مشتركون. الوطن فى خطر داهم والفوضى تدق الأبواب بيد من حديد وأوشكت تلك الأبواب على أن تنفتح على مصراعيها وساعتها فالكل سيدفع الثمن غاليا فى وقت لن يجدي فيه الأسف والندم والحسرة على مافرطنا فى حق هذا الوطن . * سفينة الوطن اليوم تترنح وتتمايل وتتقاذفها الأمواج يمينا وشمالا والغرق يحيط بها من كل جانب والركاب فى خطر والبحر عميق واسماك القرش تفتح أفواهها لالتهام ماتبقى من هذا الشعب والكل يتفرج على المشهد بقلب بارد وعقل نائم ولا يوجد الربان الماهر الذي يستطيع أن ينقذ سفينة الوطن من الغرق . الكل يجلس على الشاطئ يمصمص شفتاه حسرة وندما على ماآلت إليه الأمور ولم تعد صرخات الركاب من الرجال والنساء والأطفال تحرك ساكنا عندهم وكأنهم لايستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا..! * أين السياسيون..؟ أين المحللون..؟ أين الخبراء..؟ أين النخبة..؟ أين القضاء..؟ أين الإعلاميون..؟ أين الكتاب ..؟ أين الخبراء..؟ الكل يتوارى , الكل يختبأ , الكل يتهم بعضه بعضا . مصر الآن بلا رئيس منتخب وبلا برلمان وبلا دستور وبلا أى شئ ..! الشئ الوحيد المتوافر لدينا فى سوق السياسة اليوم هو البضاعة الراكدة العفنة الآسنة من شتم وسب واهانة من هنا وهناك . أين العقل ..؟ أين الحكمة..؟ أين مصلحة الوطن العليا..؟ عقل الوطن يعيش فى نزيف داخلي قد يدخل الوطن بسببه فى غيبوبة كاملة فيفقد الوعى وبعدها لن يدرى أو يعى مايدور حوله من أحداث كالشاة التي لايهمها سلخها بعد ذبحها..! * لابديل عن إيجاد مخرج لهذا الوضع العصيب المخزي الذى حل بالوطن جراء ماحدث حتى تستقر البلاد . لان استمرار الأوضاع على ماهى عليه يعنى إدخال البلاد فى دوامة تهلك الحرث والنسل وتنذر بالخطر العظيم الذى يهدد سمعة الوطن بل ووجوده على خريطة العالم من الأصل..! الكل ينتظر على أحر من الجمر كيف ستنتهي الأمور وكيف ستحل تكلك الأزمة وكيف سيكون مستقبل هذا الوطن فى ظل التهديدات التى تحيط بالوطن من كل جانب . * لقد اطلعت على مبادرات كثيرة لحل الأزمة ولكن حتى الآن الوضع السياسي متيبس ومتصلب ولايوجد نية خالصة لإنهاء تلك الحالة التى نتج عنها عزل رئيس منتخب وإلغاء دستور مستفتى عليه بصرف النظر اتفقنا أو اختلفنا مع بعض مواده . مع التهديد المستمر بفض الاعتصامات بالقوة الجبرية مما يولد حالة من الخوف والقلق من إراقة مزيد من الدماء من أبناء هذا الشعب . وهذا لن يزيد الوضع إلا قلقا وخوفا وتوترا على كل الجبهات . * إن العناد السياسي وحالة التصلب التي أصابت العقول والنفوس لن يحل الأزمة . وان محاولة فض اعتصام رابعة العدوية بالقوة المسلحة سينتج عنه آلاف الضحايا وآلاف المصابين من أبناء هذا الشعب وهذا بدوره سيساهم فى تصعيد الأزمة واحتقان النفوس وتفشى حالة الثار بين أبناء هذا الشعب . إن الحل الامنى ماكان يوما مدخلا كريما لحل أزمة سياسية . وان عهد حل المشكلات السياسية بقوة الأمن عهد قد ولى وأدبر إلى غير رجعة لان العنف لايولد إلا العنف والعناد لايولد إلا العناد والاحتقان لايولد إلا احتقان . وماكان العنف فى شئ إلا شانه وماكان اللطف فى شئ إلا زانه. * مصر تستنزف اقتصاديا والبلد على شفا جرف هار وحالة الدين العام وصلت لأرقام فلكية والوطن على حافة الإفلاس فهل نحن أفلسنا سياسيا واقتصاديا وعقليا..؟ ولم يعد لدينا مخرجا لما نحن فيه من هم وغم وألم وتعب وإرهاق. إننا جميعا مسئولون أمام الله عن هذا الوطن ولن ينجو احد من الحساب والعقاب بين يدى الله إن أصاب هذا الوطن سوء لان مصر هى كنانة الله فى الأرض والإسلام بخير مادام هذا الوطن بخير . والعالم كله لن يهنا بلحظة استقرار إن ضربت أمواج الفوضى سفينة هذا الوطن لان مصر هى قلب هذا العالم وان توقف القلب عن النبض لاقدر الله فلاقيمة لجسد هذا العالم حتى وان تحركت أطرافه..! * الحلول كثيرة لحل هذه الأزمة إن خلصت النوايا وان علم الله فينا خيرا تجاه هذا الوطن لألهمنا طريق الرشاد والصواب لننجو جميعا وينجو معنا وطننا الغالى . إن إراقة قطرة دماء واحدة من أبناء هذا الشعب لهى اشد حرمة عند الله من هدم الكعبة الشريفة حجرا حجرا لان الكعبة يمكن إعادة بنائها أما النفس التي تزهق ظلما وعدوانا فلايمكن إعادتها إلى الحياة مرة أخرى لان الموت والحياة بيد الله عز وجل وليس لبشر دخل فيه. * أكرر مرة أخرى أن سياسة القبضة الحديدية التي اتبعها نظام مبارك أدت إلى ثورة عارمة أطاحت به وان أي محاولة لإعادة مصر إلى ماقبل 25 يناير من اقتحام البيوت وتلفيق التهم وتوسيع دائرة الاشتباه والاعتقال وفتح أبواب السجون لاستقبال دفعات جديدة من أبناء هذا الشعب واعتقال رؤساء الأحزاب وغلق الفضائيات ومصادرة الصحف ومنع المقالات وحبس أصحاب الأقلام الحرة ومنعهم من الكتابة وتعطيل مؤسسات الدولة هو بمثابة سكب مزيد من الزيت على النار..! ولن يؤدى كل هذا ألا لمزيد من الانشقاقات داخل الصف الوطني وتعريض الأمن القومي المصري للخطر الحقيقي . * إن الشعب المصري قد بلغ سن الرشد وخرج من تحت عباءة الوصاية الخارجية وقرار مصر يجب أن يتخذه شعب مصر دون املاءات من قوى خارجية أو ضغط أو قهر اوإذلال من جهة ليست مخلصة أو جادة لحل مشاكل هذا الوطن . يجب أن تعود دولة القانون والدستور والمؤسسات حتى يحترمنا العالم كله ولا نكون كاالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا..! نبنى ثم نهدم مابنيناه . نصلح ثم نفسد مااصلحناه . نعمر ثم نخرب ماعمرناه . نتفق ثم ننقض العهد فيما اتفقنا عليه وابرمناه . * إن اللجوء والاحتكام إلى صندوق الانتخابات هو شعار الديمقراطيات المستقرة والدول الحديثة والأمم العظيمة والشعوب الكبيرة وان اللجوء للعنف والاحتكام إلى صندوق الذخيرة هو شعار الدويلات المتناحرة المتقاتلة المتناقضة التي لاوزن لها ولاقيمة لها بين الأمم . فلننظر إلى اى الطريقين نضع أقدامنا والى أى القبلتين نوجه أبصارنا . واذكر فى نهاية مقالتى بقول احد المستشرقين ساعة قال " مصر اكبر من أن تترك لأهلها...! " أرجو أن تكون الفكرة وصلت فى كيف يفكر أعداء مصر لنا...! حمى الله مصر وأهلها من كل سوء وألهمنا سبيل الرشد والصواب .