العناد سلوك موجود عند الناس بنسب متفاوتة يبدأ من الإصرار علي الموقف ويتفاقم إلي درجات أعلي، ويصبح ظاهرة تستحق أن يطلق عليها صفة العناد حينما يصل درجة حادة من التصلب في الرأي.. ولهذا فإن العناد حينما يوصف به سلوك معين، فإن المقصود يتّجه مباشرة إلي الصفة السلبية في ذلك السلوك. والدوافع المرتبطة بالعناد قد تكون مرتبطة بالشخص نفسه من حيث تكوينه الثقافي وطريقة تنشئته الاجتماعية ومستوي الوعي عنده؛ وقد تكون مرتبطة بعناصر خارجية كالضغط الاجتماعي الناتج من المنصب أو المكانة، أو كالتحدي الذي يبرز عن طريق المواجهة أمام الجمهور. ويصبح العناد هنا وسيلة لاستعراض القوة بمفهومها الجماهيري وما تتطلبه من قيم تتعلق بدحر الخصم وإعلان الانتصار. والإنسان المتواضع يمكن أن يتنازل عن رأيه، ولا مانع من أن يعترف انه قد أخطأ، ويصحح الخطأ.. الإنسان الوديع بالسهولة يتعامل مع الكل، ولا يكون كثير الملاججة أوعنيد في رأيه.. انه يبحث الرأي الآخر في توقير واحترام، كشخص محايد وليس كخصم. وبكل نزاهة يفحص ما فيه من نفع.. وان رأي الرأي المخالف سليمًا يقبله.. وهناك أناس تخاطبهم فتشعر أن عقولهم موصدة تمامًا أمام كل تفاهم.. لا يقبلون إلا الموافقة علي رأيهم، وفي عناد يصدون كل ما عداه بغير فهم ولا نقاش.. وقد يستمر الإنسان في عناده، مهما كان عدد معارضيه في الرأي ومهما كانت مراكزهم ومهما كان كلامهم مقنعا.. إنها صلابة قد تكون مبنية علي كبرياء دفينة، تري التنازل عن الرأي ضد الكرامة وعزة النفس.. وقد يستمر الإنسان في عنده زمنا طويلا.. وقد يري بنفسه النتائج السيئة التي جلبها إصراره علي موقفه، وتمسكه بخطئه، ولا يبالي في عناد. علي أن هناك فرقا كبيرا بين العناد والثبات علي الحق، لأن العناد الذي نقصده هو الإصرار علي الخطأ.. والعجيب أن العنيدين قد يبررون عنادهم بأنه قوة شخصية، وقد يتصورون أنهم أبطال في مقاومتهم.. وقد يعجب بهم بعض ضعاف الشخصية، وبعض المنساقين . إن تطورات الاوضاع في مصر تدعو للقلق، فكل طرف يتمسك بموقفه ويرفض التراجع، خاصة الرئيس محمد مرسي الذي مازال مصرا علي التمسك باعلانه الدستوري، مفجر الازمة، دون اي تغيير.. المعتصمون من انصار المعارضة، ما زالوا ينصبون خيامهم في ميدان التحرير، ويرفعون لافتاتهم التي يطالب بعضها برحيل الرئيس، بينما تحفل الصحف المصرية بمقالات ساخنة تنتقد حكم الاخوان المسلمين، وتصر علي دولة مدنية تعددية.. أما دعوة حركة الاخوان المسلمين الي مظاهرة مليونية في ميدان التحرير يوم السبت ثم تم تغيير موقعها الي منطقة جامعة القاهرة ، مما يعني تصاعد احتمالات حدوث صدام بين المتظاهرين الجدد والمعتصمين القدامي. اطالة امد الازمة، وانسداد جميع الابواب أمام الحلول السياسية يعني تصاعد حدة الاحتقان والتوتر بين المعسكرين المتخاصمين، ومعها احتمالات صدامات اكثر دموية قد تتطور الي حرب شوارع. والعناد قاد صدام حسين حاكم العراق الي هلاكه وهلاك ثرواته وشعبه الذي مازال يعاني بعد ويلات الحرب والدمار واحداث التفرقة بين الشعب الواحد والعناد قاد الرئيس الليبي معمر القذافي أيضا الي هلاكه وهلاك معظم افراد اسرته وآلاف من شعبه المسكين وتدمير البلاد والعناد ايضا للرئيس السابق مبارك قاد مصر الي ما نحن فيه الان وأخيرا العناد للرئيس السوري بشار الأسد ادي الي دمار بلاده وحصد أرواح مئات الاف من الابرياء من شعبه المسكين ومازال علي عناده غير المبرر. حماك الله يا مصر ,,, والله الموفق ,,, دكتور أحمد المصري [email protected]