تحدى آلاف من أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي تحذيرات الحكومة لهم بإنهاء اعتصامهم، مما عزز بواعث قلق دولية من وقوع مواجهات عنيفة وشيكة، وتجمع المعتصمون حول مسجد رابعة العدوية عقب صلاة الجمعة مرددين هتافات احتجاجًا على ما يصفونه بالانقلاب. وأقامت قيادات الإخوان منصة لحث المعتصمين على الصمود والمطالبة بعودة مرسي إلى الحكم، وقال أحمد عارف العضو القيادي بالجماعة وسط هتافات المعتصمين إنه لا مكان للعسكريين في السياسة.
واعتصام رابعة هو البؤرة المرجح أن تشهد مواجهات في إطار الأزمة السياسية الناجمة عن إعلان الجيش عزل مرسي بعد خروج حشود ضخمة مناهضة لحكمه، وتشكيل حكومة مؤقتة قبل خمسة أسابيع.
وحذرت قوات الأمن المحتجين من مواجهة إذا لم يفضوا الاعتصام سلميًا، إلا أن منطقة رابعة العدوية تحولت إلى ما يشبه الحصن المحاط بالحواجز والسواتر الرملية والطوب.
وقال خطيب الجمعة للمصلين "اقتل كما شئت فلن أتحرك شبرًا.. انتم الذين تتخذون القرار بالانصراف، وبوقف الثورة، وأنتم الذين تتخذون القرار باستمرار الثورة".
وساد الهدوء في أول أيام عيد الفطر يوم الخميس. ولم يشاهد أي من أفراد قوات الشرطة أو الجيش في محيط ميدان رابعة عصر يوم الجمعة، وشعر بعض المصريين أن قوات الأمن لن تهاجم خلال عطلة العيد حتى لا يمثل ذلك تعديًا على حرمة مناسبة دينية.
وقال دبلوماسي من دولة أوروبية إن بلاده قلقة للغاية من احتمال اندلاع عنف في مطلع الأسبوع، وأضاف لرويترز "إنه وضع خطير. هناك مخاوف أن يزداد الوضع خطورة يوم السبت أو الأحد".
وتولى مرسي الحكم ليصبح أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا في يونيو 2012، لكن الخوف من أنه يحاول إقامة حكم ديني وفشله في القضاء على المصاعب الاقتصادية أثار احتجاجات حاشدة دفعت الجيش للتحرك.
ودخلت الأزمة منعطفا خطيرا جديدا عقب انهيار جهود دولية هذا الأسبوع لإيجاد مخرج من الأزمة وتجنب إراقة الدماء.
وفي اعتصام رابعة تحرس المداخل مجموعات من الرجال المسلحين بالعصي، فيما وصل آلاف آخرون قادمين من مساجد أخرى.
وقال محمد (43 عامًا) الذي يعمل بمجال توظيف العمالة، إن المعتصمين سيدافعون عن موقعهم حتى يعود مرسي للحكم، وأضاف: "لا نخاف لأننا على حق. كلنا مشاريع شهداء، ومن اغتصبوا حقوق الناس هم الخاسرون، ولن يخيفنا الرصاص أو الدبابات".
ورغم النبرة التي تنم عن الاستبسال فلا يمكن أن تصمد تلك العصي الظاهرة في المكان لأسلحة قوات الأمن.
وكان في موقع الاعتصام أيضا نساء وأطفال يرتدون ملابس جديدة بمناسبة العيد.
وقتل نحو 300 شخص في أعمال عنف سياسي منذ عزل مرسي من بينهم عشرات من أنصاره قتلوا في واقعتين منفصلتين خلال اشتباكات مع قوات الأمن.
ويقول دبلوماسيون إن أي تسوية يجب أن تشمل خروجا مشرفًا لمرسي مع قبول الإخوان المسلمين للوضع الجديد وإطلاق سراح السجناء السياسيين الذين قبض عليهم منذ عزل مرسي، وتحديد دور سياسي للجماعة في المستقبل.
وحتى الآن ترفض الجماعة قبول ما تصفه بأنه انقلاب غير شرعي وتطالب في العلن بعودة مرسي للحكم.
وكرر محمد البلتاجي العضو القيادي بجماعة الإخوان المسلمين هذه المطالب أمام حشود ميدان رابعة وقال إنه يتعين مثول المسئولين عن مقتل المحتجين أمام العدالة.
وفي باريس قال متحدث حكومي إن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تحدث يوم الخميس مع عدد من الأطراف السياسية في مصر. وقال المتحدث إنه شدد على ضرورة أن يقبل كل طرف بالحوار ويسعى إلى تسوية بدلا من إثارة التوتر أو التحريض على العنف.
وقال الدبلوماسي الأوروبي إن الجيش المصري يتعرض لضغوط هائلة من جانب بعض رجاله وقطاع من الشعب لاتخاذ إجراءات مشددة ضد الإخوان المسلمين.
ويطالب بعض أعضاء جماعة الاخوان كذلك بالتشدد.
وقال الدبلوماسي: "بينهم من هم مستعدون للمضي إلى أبعد حد".
وأضاف الدبلوماسي أن دبلوماسيين أوروبيين يشددون للإدارة الجديدة في مصر على أنها تفسد صورتها وصورة مصر، إلا انه لم تتحدد في الوقت الراهن أي اجتماعات سواء في مصر أو في أي مكان آخر منذ انهيار الوساطة الدولية.
وقالت مصادر حكومية وعسكرية إن المحادثات لم تنته لكنها جمدت لتهدئة الغضب الشعبي مما يعتقد أنه تدخل أجنبي في الشئون الداخلية لمصر واستعداد من جانب السلطات للتفاوض مع الإخوان المسلمين.
ومن ناحية أخرى انضم الرئيس التركي عبد الله جول إلى الداعين للعودة إلى ما وصفه ب"الحكم الديمقراطى".
وفي مقال نشرته صحيفة فاينانشال تايمز حث جول السلطات المصرية على السماح لجميع الأطراف بالمشاركة في العملية السياسية والإفراج عن مرسى إلا أنه لم يتطرق إلى الدعوة لعودته للحكم، وقال جول "انقسم الشعب المصري تقريبًا إلى فريقين يحشد كل منهما قواه بصورة خطيرة في مواجهة الآخر، وهذا الموقف يبعث على القلق، ولا يمكن أن يستمر".