ان مواجهة الانسان للانسان انما تكمن حيث يكون الانطباع والشعور فى ما يتعارض مع التجريد ومع الميراث الدقيق للخطوط المطمئنه وسط موكبها الذى يلاحقها من المشاعر والاحاسيس -وفى لحظة التصادم هذه فأن العين هى التى تتصدر المشهد الذى لايكون له اهميه الا عندما يحل محله طقس الذاتيه الذى يطبق عليه -ليست هى الواقعيه الموضوعيه بل طريقا اكثر حده والتهابا للانا -فالاشياء فى ذاتها ليست ذات شأن كبير ولا تجلب الا الانطباعات المنطلقه من عناصر مبعثرة يتقدمها لقاءنا بالاشياء وينبعث وجود هذه الاخيرة فى حدود النظر ويكتسب العالم حينئذ هذا التوحد الذى لاتعوضه لا هيكلة البناء الكلاسيكى ولا ثقل الاسلوب انما الانطباع الذى ينتج عن الشيىء الذى نراه فى حدود الرؤيه ------------- وهذا يكسب الكاتب لهجتة الخاصه التى تجد طريقها فى اللوتيه التى يلبسها كل مايحيط به بين الحرف والتشكيل حيث يرسم الكاتب ويكتب معا وهو بهذا يؤكد اهمية الثنائيه فى اللقاء بين الحرف كتجريد ناقل للدلاله وبين الرسم كتجريد ناقل للمعنى والاشكاليات التى يتناولها اصحاب القلم اليوم سواء كانت فى غاية المعاصرة والحداثه او سواء كان رجوع للتاريخ او رصد للواقع وربط هذا كله فى اطار عصر العولمه ومايعرف بحوار الحضارات او صراع الحضارات كما يحلو للبعض تسميتها --فمثلا عندما نقول اثبت فلكى تركى بأدله قاطعه فى مؤتمر فلكى سنة 1909 اكتشاف كوكب جديد غير انه لم يجد احد يسمع له او يؤمن بما قال ويصدقه والسبب لانه يرتدى الملابس التركيه ثم لحسن الحظ قام فى تركيا ديكتاتور فرض على الشعب تحت طائلة الموت ارتداء الملابس الاروبيه فارتدى الفلكى الزى الاوربى الانيق ثم ادلى بنفس التصريح سنة 1920 بنفس البيان وادلته عن اكتشاف الكوكب فانضم الجميع الى رايه هذه المره اود ان اضيىء بحكايتى وتلك المقدمه الطويله اعماق الصراع الانسانى المظلم بين الجديد والقديم وبين البادىء والمنتهى --فكيف لى ككاتب مغمور ان افرض رؤيتى ليصدقنى اصحاب الصحف ويقدمونى للناس ؟هل يجب ان ارتدى زى عبد الوهاب المسيرى ام فهمى هويدى ام مختار نوح ولن اقول محمود او جمال سلطان حتى لايعتبرها البعض نفاقا هم فى غنى عنه وابعد مايكون ديدنهم السعى وراء الاقلام التى تجيد النفاق --ومن خلال نظرتنا إلى النفس البشرية أن لها قيمتها الكبرى، وأن الله أودع فيها من الطاقات والقدرات العظيمة التي استحقت بها الاستخلاف في الأرض، وأن الله تعالى قد كرم الإنسان وفضله على سائر خلقه، من خلال هذه النظرة فإن على كل منا أن يحاول أن يستمسك بهذا الموقف من النظرة الإيجابية غير المشروطة تجاه أنفسنا. وعندما يقدر الإنسان ذاته لا نعتبر ذلك من الأنانية وحب الذات، بل بالعكس فإن تقديرنا لأنفسنا يقدم لنا الأساس لكي نكون كرماء ومنتجين مع الآخرين، فالشعور بالذنب والحاجة الدائمة للاطمئنان من الآخرين إنما يقودنا إلى حب الذات وإلى الأنانية وإلى انعدام السعادة كذلك. هل من المهم أن تقيم نفسك ولماذا؟ من الأهمية بمكان أن تقيم نفسك، فإن تقييمك لنفسك يساعدك على بناء حياتك على أساس آمن، إنك ستفوز بالكثير إن عاملت نفسك باحترام مثل الشخص الذي يتمتع بقيمته الداخلية. وتقييم نفسك يختلف عن حبك لنفسك، ونحن قد نحترم ونعجب بشخص ما ولكننا لا نحبه، وقد نقبل بفكرة أن الشخص الذي نحبه له قيمته الداخلية. لا معايير مز د وجة: هل لديك معيار تقيس به الأمور مع الآخرين ومعيار آخر أرقى عند قياسك لنفسك؟ إنك لو طبقت هذه المعايير المزدوجة فإنك تعمل على تقويض أي هدم نفسك باستمرار. إن هذا الأمر بمثابة محاولة لبناء منزل فوق الماء أو الطين يقوم ثم يسقط. أسباب تقليل قيمة الذات: يرجع ذلك إلى نوع من العبارات يرددها الإنسان منها: 1 أين نحن من هؤلاء؟ ينظر الإنسان إلى سير التابعين وإلى العظماء من علماء المسلمين والقادة والمجاهدين ثم ينظر إلى نفسه فإذا هو لا شيء بالنسبة لهؤلاء، ونسي أن إعجابنا بهؤلاء لا يمكن أن يمحو أن لكل منا قيمة في هذه الحياة، وأن الله خلقنا وكرمنا وحملنا في البر والبحر وسخر لنا الدواب والماء والرياح، وأسجد لنا الملائكة وأقسم بنفوسنا فقال: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } [ الشمس:7 ] فكيف لا يكون لنا قيمة؟ 2 سيكون الأمر نوعًا من التعالي: التعالي هو النظر إلى النفس والآراء وتقييمها بصورة أكبر مما تقوم بها مع الآخرين، وإذا قمت بالحط من قيمة نفسك فإنك بذلك تقوم بنفس الخطأ الذي يرتكبه الشخص المتعجرف المتعال ي ، لكن بالعكس إنك بذلك لا تكون عادلاً مع نفسك. وهنا يفهم خطأ مفهوم التواضع ومقت النفس الذي يحثنا عليه الشرع. فالشرع دائمًا يخاطب النفس بخطاب مزدوج ليحقق لها التوازن، فدائمًا هناك الخوف وهناك الرجاء، هناك المغفرة وهناك العقاب، فأنت قد أعطاك الله المواهب وجعل لك قيمة في هذه الحياة، ولكن لعمل وللخلافة في الأرض وليس للكبر والبطر والغرور والاستبداد. فأعطاك الله ما أعطاك منَّة منه وفضل يستوجب الشكر. فهذا رسولنا الكريم يثني على أصحابه بما هم أهله ومع ذلك كانوا أكثر الناس تواضعًا وإنصافًا. فهذا هو الصديق وهذا الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل، وهذا أمين هذا الأمة، وهذا أسد الله، وهذا سيف أسله الله على الكافرين وهذا وهذا، لقد عرف صلى الله عليه وسلم قيمة أصحابه وعرفوا قيمة أنفسهم وقيمة الآخرين، وبعد ذلك تواضعوا ولكن لله عز وجل، وخضعوا الجناح للمؤمنين، ولا يخفض الجناح إلا من شعر بالقوة والثقة. 3 لقد كنتُ سيئًا: أحيانًا ما نقلل من تقييم أنفسنا، ليس لأننا قد منينا بخيبة الأمل في إنجازاتنا، بل لأننا أصبنا بخيبة الأمل والرجاء في أنفسنا وفي شخصيتنا المعنوية وأننا لم نرتق إلى مستوى معاييرنا الشخصية في السلوك، لذا نقوم بجلد أنفسنا بلا رحمة. والأخطاء مما لا شك فيه سبب في إعادة النظر إلى كثير من الأمور، ولكن لا يجب أن نجعل لكل الأخطاء وسيلة لكي نهدم بها ذواتنا، بل الواجب أن نصحح الخطأ بسرعة، وأن نعتبر أن الإنسان دائمًا يخطئ، لكن الإنسان المحترم يسارع إلى تلافي الأخطاء وتحويلها إلى خبرات ومهارات يمكن الاستفادة منها في المستقبل، وهذا هو المنهج الرباني في التعامل مع الأخطاء، فها هم الصحابة في غزوة أحد يخطئون ويخالفون أمر النبي صلى الله عليه وسلم وها هو القرآن ينزل بقرعهم على فعلتهم ويوبخهم على أخطائهم، ولكن يربت على ظهورهم ويقول لهم: { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [ آل عمران:139 ] فالإنسان يحاسب نفسه ولكن يحاسبها الحساب الإيجابي الذي يولد العمل والإنجاز والثقة بالذات، وليس المقت السلبي الذي يورث القلق والفزع واحتقار الذات والصراع معها. إن الإحساس بتدني قيمة الذات يعمل على تآكل الحياة، ويجعل الإنسان ينزلق إلى ما هو أسوء مع اليأس والإحباط، ولكن نظرة الاحترام إلى الذات تدفع الإنسان إلى معالي الأمور والحذر من الوقوع في الزلل. د/محمود عثمان صحفى وكاتب مقيم بالخارج [email protected]