خاص| كريم عبد الباقي: تحرك نقابي عربي للدفاع عن السعودية في لجنة المعايير    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 8 يونيو 2025 بعد آخر ارتفاع    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    فلسطين.. زوارق الاحتلال تطلق النار قرب مركز المساعدات الأمريكية غربي رفح الفلسطينية    انقطاع التيار الكهربائي في ضواحي كييف وغارة روسية بصاروخ كروز على أوديسا    مجلس الشيوخ الأمريكى يقر شطب سوريا من قائمة الدول المارقة    لولا دا سيلفا يقترح مبادرة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية    القنوات الناقلة لمباراة الأهلي ضد باتشوكا مباشر اليوم.. والموعد والمعلق    التشكيل المتوقع ل مباراة ألمانيا ضد فرنسا في دوري الأمم الأوروبية    تريزيجيه: رفضت عرضًا من الدوري المصري ب 3 أضعاف راتبي في الأهلي    وعد من الجنايني لجماهير الزمالك بشأن الانتقالات    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    تريزيجيه: تلقيت عروضا من مصر تتخطى 3 أضعاف عرض الأهلى ولن ألعب إلا للقلعة الحمراء    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    اثناء اللعب.. مصرع طفل غرقًا في نهر النيل بالمنيا    كان بيعدي الشريط.. دفن جثة شاب دهسه قطار بالحوامدية    خلافات عائلية تتحول إلي شروع في قتل ببولاق الدكرور    مصرع طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة ربع نقل في قنا    مصرع عامل وإصابة 9 آخرين في انهيار سقف مخزن جلود بالبحيرة    إصابة أسرة كاملة في تصادم سيارة بموتوسيكل أعلى دائري الهرم    محمد عبده يطرب جمهور دبي في ثاني أيام العيد بحفل استثنائي    عرض مسلسل فهد البطل على قناة MBC1    نسرين طافش جريئة وميرنا نور الدين أنيقة..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    يبدأ اليوم.. برنامج احتفال "القومي للطفل" بعيد الأضحى المبارك    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بدون كربون أو مواد ضارة.. استشاري تغذية ينصح ب «الإير فراير»: تعمل بالهواء الساخن (فيديو)    بعد تناول لحمة عيد الأضحى.. 5 أعشاب لتنظيف وتطهير القولون والتخلص من السموم    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    "بوليتيكو": من المُتوقع أن يتهم الاتحاد الأوروبي إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    بعد هبوطه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 8 يونيو 2025    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 8 يونيو 2025    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    «ماسك» يتحدى «ترامب» ب«حزب جديد» ينافس «الديمقراطيين» و«الجمهوريين»    وزير الخارجية يُندد بمواصلة إسرائيل «انتهاك القانون الدولي»    تصويت ساحق ل«عضوية فلسطين» كمراقب في «منظمة العمل الدولية»    مجلس الوزراء: التوجيه بالمتابعة المستمرة لذبح الأضاحي بالمجازر الحكومية    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    استمرار أعمال التجميل ورفع المخلفات بميادين الإسماعيلية    كل عام ومصر بخير    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزارة ... حلمستان!؟ د. حمدي شعيب
نشر في المصريون يوم 25 - 05 - 2010

في ثمانينات القرن الماضي؛ أنهيت دراستي الجامعية، في بلدي الحبيب (ثوريستان)، وكنت مثل كل زملائي نحمل الآمال الكبار، والأحلام العظام بمستقبل باهر ينتظرنا جميعاً في بلدنا الثوري الرائد.
ثم ما لبثنا أن أفقنا من أحلامنا الوردية على حقائق مفجعة جهلناها، وعلى واقع مفزع غيبونا عنه، بل وعلى كوارث غيبوها عنا!؟.
الحلم الثوري ... والسوبر باشوات!؟:
مشكلتنا أننا عشنا فترات أو مراحل الأحلام، ثم عشنا أيضاً مراحل الحصاد المر لتحطم هذه الأحلام!؟.
وعايشنا مراحل بزوغ آلهة الثورية، ثم عايشنا مراحل سقوط وتحطم تلك الآلهة الرعناء الجوفاء!؟.
لقد عشنا (مرحلة الحلم الناصري الثوري)؛ والتي فيها أدخلنا أشاوسنا الثوريون تجارب تحررية أضاعتنا، ومغامرات ثورية غزت إفريقيا وآسيا؛ بل ومعظم قارات الدنيا!؟.
وكانت جدراننا يزينها صور (لومومبا)، و(كاسترو) و(جيفارا) و(نهرو) و(تيتو) بجانب صور ثوارنا!؟.
وتغنينا بأناشيد من عينة (ثوار لآخر مدى ثوار)!؟.
وبعد عقود طويلة ومريرة؛ جاء وقت المراجعة وحانت ساعة الحصاد!؟.
فاكتشفنا أن تجاربنا الثورية؛ كانت مجرد عنتريات أنهكت خزائننا، ودمرت جيوشنا، وأثارت كل الدنيا ضدنا!؟.
ثم اختتمت تجاربنا بمهزلة الهزيمة، أو النكسة كما وسمها ساحر الملك (الأستاذ) سامحه الله!؟.
وتأملنا البلاد المجاورة؛ والتي كنا نستعلي عليها بثوريتنا، ونعايرهم بتقدميتنا، ونسخر منهم باشتراكيتنا، ونوصمها بأنها رجعية وملكية ومتخلفة؛ فاكتشفنا أن ميزان الرخاء والرفاهية قد مال إليها، وصال وجال فيها الخير؛ فصدمنا في ثوريتنا وتقدميتنا؛ التي أورثتنا التأخر والفقر والتخلف والهزائم والدكتاتورية!؟.
ثم اكتشفنا أننا كنا ضحية وهم كبير صاغه بنجاح سحرة الملك؛ الذين أرضعونا وفطمونا على شعارات ثورية في شعارات عنترية في شعارات غوغائية!؟.
وكفرنا بثوارنا الأشاوس؛ الذين تحولوا بالمسيرة الثورية؛ فأصبحوا ملوكاً أغنى من الرجعيين، ودكتاتوريين أقسى من ملوك الرجعية؛ كما سماهم الأديب العظيم يحيى حقي رحمه الله بأنهم أصبحوا (سوبر باشوات)!؟.
فطلقنا شعاراتنا التي تربينا عليها، وسخرنا من أنفسنا؛ لأنها كانت تدعونا لنشر الثورية والتغيير الجماهيري من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر!؟.
فما ثار الخليج ولا هدر المحيط؛ بل تجاهل الجميع شعاراتنا الجوفاء الرنانة!؟.
سداح مداحستان ... تلفظنا إلى رجعيستان!؟:
وبعد أن أنهينا فترة الخدمة العسكرية، واستلمنا عملنا في مستشفيات متفرقة؛ وجدنا أنفسنا ضحية مرحلة معسولة أخرى وهي (مرحلة حلم السلام الانفتاحي)!؟.
لقد وجدنا بلدنا تضيق بآمالنا المتواضعة، وتحاصر أحلامنا الوردية، حيث تحولت على يد قائدها الأوحد إلى مولد انفتاحي ازداد فيه الغنى غنى وازداد الفقير فقراً؛ وحول اسمها إلى (سداح مداحستان)!؟.
وأصابنا الغثيان من كلمات سحرة الملك من جوقة السلام التائه الضائع المهين!؟.
فهرب معظمنا إلي بلاد (رجعيستان) طلباً للرزق وأملاً في تحقيق أحلامنا التي أضاعوها وأضاعونا!؟.
فسادستان ... وأخواتها:
ثم عدنا بعد سنوات طويلة بحصاد عرقنا وثمار جهدنا وثمن غربتنا إلى بلدنا الحبيب؛ لعلنا نجد حضنها الدافئ الذي يضمنا، وقلبها الكبير الذي يرحب بنا ويعوض سنوات الغربة!.
ولكننا وجدنا التغيير الصادم، ووجدنا الطوفان الفسادي الكاسح، والتردي الاجتماعي الساحق الماحق!؟.
فلقد أهينت أمنا؛ أم الدنيا؛ فتحولت إلى زوجة أب قاسية!؟.
وتقزمت الكبيرة؛ فغدت عجوز مهانة بلا أسنان؛ وضاعت قوتها الخشنة!؟.
وتقوقعت العظيمة؛ ففقدت ريادتها السياسية، وظهر في الأفق السياسي من ينافسها بل يسبقها!؟.
وتراجعت الأصيلة؛ فلم يعد لها ذلك البريق الثقافي، ولا تلك الهيبة الأدبية؛ وضاعت قوتها الناعمة؛ على يد إفرازات المرحلة المقيتة؛ مرحلة (التحنطر) و(اللمبي) و(إييييه الشعبولية)!؟.
وحوصرنا بمنظومة عنكبوتية أخطبوطية من الفساد الكاسح؛ الذي ساد كل المجالات السياسية والمالية والبرلمانية والصحية والثقافية والاجتماعية!؟.
وتغير اسم الكبيرة إلى (فسادستان)!؟.
حتى صرخ المبدع الجميل فاروق جويده في رائعته النازفة (هذه بلادٌ ... لم تعد كبلادي).
ووجدتنا نرى (وطني حبيبي ... الوطن الأكبر)؛ إلى ركام مسكين ومقهور، وبدا عبارة عن منظومة من شراذم البلاد المتطاحنة المتآمرة المفتتة مثل (قمعستان) و(تضييقستان) و(توريثستان), و(جهلستان) و(فقرستان) و(نفاقستان) و(محتلستان) و(مفتتستان).
في أحضان حلمستان:
جلست وحيداً أفكر في الحل هل كتب علينا أن نكون (جيل الأحلام المسروقة).
فلِمَ لا أحاول التغيير الإيجابي؛ ولا تحسبونه هروباً؛ وبحثت كثيراً في بلاد مجاورة عن فرصة عمل تليق بي وبمؤهلي، وبخبرتي المتواضعة، وعرفت أن هناك بلدا مجاورا به فرص كثيرة للحالمين المبادرين!؟.
فوقفت في الطابور الطويل وتحت لهيب شمس أغسطس الحارق وبيدي ملف أوراقي وسيرتي الذاتية المحترمة!؟.
وساءني هذا الوجود الأمني الذي زاحمنا في كل شبر؛ فأشعرنا أننا جميعاً متهمون ومحاصرون وغرباء عن بلادنا؛ وقد اصطفت هذه الوجوة الكالحة القاسية المقنعة؛ لتنظيم الطوابير الهاربة!؟.
فسنحت لي فرصة الجلوس على أريكة جانبية لأجفف عرقي!.
ثم حصلت على تأشيرة لبلد ينعم بالحرية والديموقراطية، ويذخر بالعقول الخيرة النيرة؛ إنها (حلمستان)!؟.
من الهروب ... إلى القمة!؟:
لم تمر عليّ سنوات عدة في أرض الأحلام؛ حتى تقلدت عدة مناصب إدارية، ثم برلمانية، ثم قيادية!؟.
ثم وجدتني من ضمن المرشحين لرئاستها!؟.
وتحقق الحلم الذي تضائل وتواضع وتقزم أمامه حلم (أوباما)!؟.
وأصبحت نجم الفضائيات العالمية، وصاحب الصورة الأولى، وبطل الخبر الأول في كل نشرات وصحف ومجلات الدنيا!؟.
لقد أصبحت رئيساً واعداً لدولة (حلمستان)!؟.
وزارة ... حلمستان!؟:
وجاءت اللحظة الموعودة؛ إنها اللحظات الصعبة والتاريخية!؟.
إنها لحظات تحقيق حلم الحالمين المساكين في كل أرجاء (وطني حبيبي ... الوطن الأكبر)!؟.
فشكلنا لجنة استشارية يرأسها الثالوث الوطني الذهبي: (د. محمد البرادعي د. محمد سليم العوا د. عمرو الشوبكي).
والتي ستختار الوزارة الانتقالية التي ستستمر عامين حتى يتم الانتخاب العادل النزيه.
واجتمعنا على ضفاف النيل العظيم فوجدناه يسير كالعهد به بهدوء ويشاركنا السعادة، ومن بعيد تبدو الأهرامات في شموخ، ورأينا أبا الهول يكاد يهز رأسه موافقاً، وجلسنا نناقش الحصيلة الاختيارية للمرشحين للوزرة الانتقالية؛ والذين سيتم اختيارهم على أساس مواقفهم ونظافتهم وشفافيتهم ووطنيتهم وغيرتهم على بلادهم وألا يصطبغون بأي صبغة فئوية؛ حتى نستفيد من تجربة حماس؛ وهم:
1-رئيس الوزراء: أحد هؤلاء الرجال(د. يحيى الجمل د. جودت الملط المستشار هشام البسطاويسي).
2-وزير الخارجية: أحد هذين الرائعين (د. عبد الله الأشعل السفير إبراهيم يسري).
3-وزير الصحة: أحد هذين العظيمين (د. محمد غنيم د. أحمد عكاشة).
4-وزير الاقتصاد: د. أحمد السيد النجار.
5-وزير التموين: د. احمد الجويلي.
6-وزير الإسكان: د. ممدوح حمزة.
7-وزير العدل: المستشار محمود الخضيري.
8-وزير الشباب: حمدين صباحي.
9-وزير الثقافة: ضياء رشوان.
10-وزير التربية والتعليم: فهمي هويدي.
11-وزير التعليم العالي: د.حسن نافعة.
12-وزير الإعلام: سكينة فؤاد.
وبينما كنا نستمتع بالنقاش الهادئ الموزون حول بقية اختيارات رجال وزارة الأحلام؛ فإذا بيدٍ غليظة تجذبني بقسوة من جلستي على الأريكة؛ ثم تصرخ في: الراحة أقصد الجلوس هنا ممنوع يا أستاذ!؟.
فأفقت من سنة النوم التي أخذتني، وتأكدت من أن أوراق الهروب لم تزل بيدي؛ وابتسمت ساخراً من نفسي ومن أحلامي الطفولية البريئة، وتأكدت أنني لم أزل في (فسادستان) العظمى!؟.
مع تحيات الحالم المسكين: د. حمدي شعيب
استشاري أطفال
زميل الجمعية الكندية لطب الأطفال (CPS)
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.