نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    الجنيه يواصل الارتفاع أمام الدولار في البنوك المصرية    محافظ الفيوم يبحث آليات إنشاء مدرسة صديقة للفتيات وعيادة للصحة الإنجابية للمرأة الريفية    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    البورصة المصرية تخسر 6.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الاثنين    شروط صب السقف داخل وخارج الحيز العمراني (تعرف عليها)    نتنياهو: المقترح الأمريكي ليس دقيقا ولم نوافق على بند إنهاء الحرب في غزة    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    هل تعمد مدحت شلبي تجاهل إبراهيم فايق بسبب أفشة؟    التشكيل المثالي لدوري أبطال أوروبا موسم 2023/2024    الأرصاد: غداً طقس شديد الحرارة نهاراً مائل للحرارة ليلاً على أغلب الأنحاء    25 سبتمبر.. تأجيل محاكمة ميكانيكي وآخر بتهمة قتل شاب خلال مشاجرة بالقاهرة    ل الأبراج النارية والترابية.. الكثير من النقود والمكاسب خلال شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    محافظ المنيا يهنئ فريق بانوراما البرشا بالفوز بجائزة العين الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي    محافظ المنيا: تواصل استقبال القمح وتوريد 346 ألف طن منذ بدء الموسم    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    صندوق الأغذية العالمي يعلن تقديم مساعدات إنسانية ل65 ألف متضرر من الفيضانات في أفغانستان    «نسك».. بطاقة ذكية تُسهل رحلة الحجاج وتُعزّز أمنهم خلال حج 2024    تأييد حكم حبس مدير حملة أحمد الطنطاوي    تخرج دفعة جديدة من ورشة «الدراسات السينمائية» بقصر السينما    مهرجان روتردام للفيلم العربي يسدل الستار عن دورته ال 24 بإعلان الجوائز    لإنتاج 6 مسكنات ومضادات حيوية.. وزير الصحة يشهد توقيع شراكة بين «الدواء» وشركة أمريكية    نقيب المعلمين: تقديم الدعم للأعضاء للاستفادة من بروتوكول المشروعات الصغيرة    عميد الكلية التكنولوحية بالقاهرة تتفقد سير أعمال الامتحانات    مقابلات للمتقدمين على 945 فرصة عمل من المدرسين والممرضات في 13 محافظة    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    القاهرة الإخبارية: 12 شهيدا جراء قصف إسرائيلى استهدف المحافظة الوسطى بغزة    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    وزير الصحة يستقبل مدير المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض لتعزيز التعاون في القطاع الصحي    "أسترازينيكا" تطلق حملة صحة القلب فى أفريقيا.. حاتم وردانى رئيس الشركة فى مصر: نستهدف الكشف المبكر لعلاج مليون مصرى من مرضى القلب والكلى.. ونساند جهود وزارة الصحة لتحسين نتائج العلاج والكشف المبكرة عن الحالات    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    رئيس «شباب النواب»: الموازنة تأتي في ظروف صعبة ولابد من إصلاح التشوهات وأوجه الخلل    منتخب إنجلترا يواجه البوسنة في البروفة الأولى قبل يورو 2024    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    28 يونيو الجاري .. جورج وسوف يقدم حفله الغنائي في دبي    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    رئيس جامعة المنوفية يشارك في اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    عمرو درويش: موازنة 2025 الأضخم في تاريخ الدولة المصرية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    محمد الباز ل«بين السطور»: فكرة أن المعارض معه الحق في كل شيء «أمر خاطئ»    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع مصري - إيطالي في النانوتكنولوجي
نشر في صباح الخير يوم 04 - 01 - 2011


مصر تتألق في الجنوب الإيطالي "4"
المؤتمر العلمي المصري الإيطالي في صقلية
مشروع مصري - إيطالي في النانوتكنولوجي
منذ اللحظة الأولي التي وصلت فيها العبارة التي نقلتنا من كالابريا إلي صقلية بعد أن مررنا بطريق طويل لم نحس بطوله لجمال مناظر الأشجار والجبال من جهة والبحر من الجهة الأخري.
أحسست بأني وصلت للإسكندرية بكل تفاصيلها، بحرها، جوها، وحتي شريط الترام الذي تخترق قضبانه شوارعها.. لم تكن فقط الشوارع هي التي ذكرتني بالإسكندرية بل دفء الناس وحرارة استقبالهم وابتساماتهم المرسومة علي شفاههم هي أيضًا كانت عوامل تشابه فيما بيننا.. إحساسي بالغربة كان معدومًا تقريبًا لولا بعض الاشتياق إلي الأهل والأصدقاء، مر اليوم الأول وأنا أتأمل شوارع صقلية وأشجارها.
في اليوم التالي للوصول إلي صقلية كانت بداية المؤتمرات العلمية في جامعة ميسينه التي جمعت كوكبة من العلماء المصريين والإيطاليين في مجالات مختلفة.
انتابني إحساس شديد بالفخر لكوني مصرية، أمتلك نفس هوية هؤلاء العلماء الذين يستقبلون بهذه الحفاوة والاحترام.. وتنظر لهم عيون الغرب نظرة إعجاب وانبهار بالمحاضرات التي كانوا يُلقونها لعرض الأبحاث التي يقومون بها.. سواء في الطب أو التكنولوجيا الحيوية وحتي الزراعة والغذاء وغيره.
ورأيت أيضًا العلماء الصغار من الطلاب الذين يعدون للدكتوراه في أمراض النبات وأحلامهم الكبيرة الصغيرة في عيونهم في طريقها لأن تصبح حقيقة ملموسة يراها ويشهد عليها العالم كله.
تحدثت مع مجموعة من هذه الكوكبة المصرية عن الشراكة العلمية بين مصر وإيطاليا وما الخطوات لتفعيلها كما تحدثت مع رئيس الجامعة «ميسينه» الذي كان متحمسًا جدًا لهذا التعاون المصري - الإيطالي ووصفه بأنه تأخر كثيرًا.
يقول الدكتور سمير رياض مستشار وزير التعليم العالي إنه سعيد بالتعاون العلمي بين مصر وإيطاليا متمثلاً في تجمع هذا الحشد الكبير من العلماء المصريين والإيطاليين.. وأن من أهم الخطوات في هذا التعاون هي إنشاء الجامعة المصرية الإيطالية لأول مرة في مصر وسيكون نظام المشاركة هو القطاع العام مع القطاع الخاص.. يمثل القطاع العام وزارة التعليم العالي ووزارة الخارجية الإيطالية، أما الجانب الخاص فلا نعرفه بعد.. سيتم عمل إعلان ليتقدم.. فسألته هل المتقدم سيحتاج أن تكون مؤسسات أم أفراداً؟
فقال لي: إنه من المحتمل أن يكون الاثنان.. لكن التكلفة عالية جدًا بتقدير مبدئي مليار جنيه مصري، وهذا تقديري الخاص.. فسألته وبالنسبة للإدارة لمن ستكون؟ قال إنها ستكون للقطاع الخاص في الأمور الإدارية والمالية، أما من الجهة الأكاديمية فستكون ما بين وزارة التعليم العالي والخارجية الإيطالية.
وعلي أي أساس سيكون اختيار الأساتذة والعاملين في الجامعة؟
فقال لي إنه سيكون بالإعلان وهناك شفافية كاملة في الاختيار وستكون للجانبين المصري والإيطالي.
قال لي رئيس جامعة ميسينه إنهم سيكون لهم وجود في الجامعة المصرية - الإيطالية فماذا سيكون دورهم تحديدًا؟
لم يحدث اتفاق علي هذا بعد، نحن مازلنا في إطار الإعداد وستكون هناك مجموعة من أساتذة الجامعة الإيطاليين من جميع جامعات إيطاليا ولا أعرف بعد إذا كانت جامعة ميسينه منها أم لا.. هل ستكون هناك شروط معينة لاختيار الجانب الخاص الذي سيدير الجامعة؟
بالطبع سيكون الجانب الخاص مشاركته أكثر من مجرد مشاركة مالية لذلك يجب أن تكون له خبرة سابقة في المجال أو تعاون سابق.
فسألته عن المنح التي بدأت جامعة ميسينه إعطاءها للطلاب المصريين سواء للدراسة في الجامعة أو لتحضير الماجستير أو الدكتوراه، فقال لي إنها خطوة قوية وستكون لها نتائج مفيدة.. فسألته عن اعتراف الجانب المصري بهذه الشهادات؟
رد علي قائلاً: يجب أن تعرض علي المجلس الأعلي للجامعات وتتم معادلتها كمعظم الدول الأوروبية وبعد معادلتها تصبح معترفا بها.. وقال إن معظم الجامعات الإيطالية معترف بها.. والتي لم تكن معترفا بها قديمًا أصبحت الآن معترفا بها.. وإذا كانت المنحة علي حساب الحكومة المصرية فمن المؤكد أنها لن تبعث طالبا للدراسة في جامعة شهادتها غير معترف بها.
وليس معني عدم الاعتراف أنها شهادات ليس لها قيمة أو شيء من هذا القبيل، كلها شهادات محترمة ومعادلتها شيء بسيط.. ولكن الدكتوراه لكي يعمل بها في الجامعات المصرية يجب أن تكون من جهة معترف بها.
أما الدكتور حسن عزازي عميد الأبحاث العليا في الجامعة الأمريكية ورئيس فريق من الأطباء الباحثين في علم النانوتكنولوجي فقال لي إن العام الماضي كان لنا معهم لقاء من خلال ملتقي علمي في الجامعة الأمريكية في مصر، وكانت به بعض المحاضرات العلمية ولكن اعتبرتها مجرد ملتقي فقط للتعارف بين العلماء المصريين والإيطاليين.. ولكن لم تتم مناقشة أي مشروع مشترك فيما بيننا.
أما في المؤتمر العلمي في ميسينه فكان مختلفًا، فقد كانت به جلسات تركز علي الطب والتكنولوجيا الحيوية، وكل جلسة علمية لا تقل عن ساعتين تفصل بينهما 20 دقيقة، ويبدأ طبيب مصري يليه إيطالي وهكذا.. والجميل في الأمر أن العلماء لم يكونوا فقط من جامعة ميسينه بل أيضًا من تولينو وميلانو.
وجلسة في مجال دعم الصناعة وتطويرها وهدفها هو تطوير المنتج البدائي إلي منتج جاهز للنزول في الأسواق، فالبحث العلمي في مصر يظل في مكانه مجرد بحث لا يستفيد منه أحد، وهذا ما نريد تغييره.. إن الأوراق تصبح حقيقة يستفيد بها مصر والناس جميعًا.
في مصر معروف أن البحث العلمي مستهلك وليس منتجا وما نريد أن نصل إليه أن يكون منتجا.
كما أنه في المؤتمر كانت هناك منظمة مدنية مصرية اسمها مصر الخير تساهم وتشارك الحكومة في الدعم العلمي الثقافي المصري، ثم عقدنا جلسة عن مجال البيئة والطاقة.. فهناك أبحاث علمية بديلة للطاقة وتكون هذه الطاقة البديلة صديقة للبيئة.
وجلسة النانو تكنولوجي وهي ثورة علمية حديثة في المجالات الطبية.. فهي كيف أن الذهب يعالج فيروس C في الكبد وفيروسات أخري قاتلة
وسيكون هناك مشروع مشترك بيننا عن طريق الفيديو سنتر، والهدف من وضع العلماء معنا هو إيجاد الدعم، فكل جهة تعمل علي مشروعها وتتناقش مع الجهة الأخري وتستفيد من خبراتها، وهذا في حد ذاته توفير هائل بدلاً من إهدار المال.. وفي النهاية الهدف مشترك.
وهذا الهدف المشترك تحقيقه سيكون أسرع وأسهل إذا كانت مجموعة العلماء عالمية، فيكون طلب الدعم من الاتحاد الأوروبي مثلاً أو الأورومتوسطية فرصته أكبر بكثير.
وأيضًا عقدنا جلسة في الغذاء والزراعة، وكانت جلسة مهمة جدًا فكان فيها حديث عن الهندسة الوراثية وتوصيل الماء للزرع وأمراض النبات.
من أهم ما وصلنا له في هذا الأسبوع العلمي هو التعاون في مجال النانو تكنولوجي ودرجة ماجستير جديدة.. بمعني أنه ستكون دراستها نصفها في مصر في الجامعة الأمريكية.. والجزء الثاني في إيطاليا.. وسيكون مشروعا مصريا إيطاليا هائلا في كيفية استخدام الذهب في الكشف عن الفيروسات.
ولقد عرضت مؤسسة مصر الخير دعم هذا البرنامج تحديدًا ودفع تكاليف الطالب المصري بالكامل. تحدثت إلي رئيس جامعة ميسينه الجامعة المضيفة للمؤتمر العلمي المشترك بين مصر وإيطاليا.. وسألته عن رأيه في مستوي المؤتمر هل كان هذا ما توقعه؟
فقال لي وهو مبتسم: هل تعرفين أننا تأخرنا كثيرًا علي هذا التعاون العلمي؟ الشراكة العلمية في الجامعة موجودة مع أكثر من دولة عربية مثل المغرب والأردن، ولكن مصر كانت الأحق بالأسبقية.. فعلاقاتنا قوية وصفاتنا متقاربة ونتشارك في بحر واحد أيضًا.
وبالفعل أنا سعيد جدًا بمستوي المؤتمر وبالصفوة من العلماء المصريين الذين تشرفت بمعرفتهم.. واستفدت من المحاضرات التي تم إلقاؤها في المؤتمر خلال الثلاثة أيام الماضية.
ما هي أهم التخصصات في الجامعة؟
قال لي إن الجامعة أهم تخصصاتها هي التخصصات الطبية.. والأجهزة الطبية عندنا أحدث ما يكون في العالم.. بجانب تخصصات أخري كثيرة مثل الإعلام، السينما، اللغات.
وما هي التخصصات التي سيكون بها تبادل أو شراكة بينكم وبين مصر؟!
كل التخصصات ولكن علي وجه الخصوص التخصصات الطبية، وبالفعل فتحنا باب المنح ومنحنا منحتين طبيتين لجامعة المنيا في مصر، وأخري في الآثار.. والحقيقة أننا تأخرنا كما قلت لك في هذا التعاون، وهذه الشراكة لأننا كما تعلمين لنا هنا في صقلية أصول إسلامية وعاداتنا وتقاليدنا متقاربة جدًا، ونحن أقرب مدن إيطاليا لمصر.
ولكني أعد بالاهتمام بشكل أكبر بالتفاعل مع الجانب المصري في كل التخصصات.
- ما رأيك في مستوي الشباب المصري الذي يدرس هنا؟
- لا أستطيع تحديد مستوي الطلبة الذين يدرسون هنا، فهم فقط 5 طلاب ومن أربعة شهور فقط، ولكن لقبولهم في الجامعة يجب أن يكون مستواهم في الذكاء والمستوي العلمي قويا.. ولكن بالنسبة للطلاب العرب بوجه عام وهم 25 طالبا هنا مستواهم جيد.. وأتمني أن يكون مستوي الشباب المصري أقوي.. وأيضًا أنا سعيد جدًا بالجامعة التي ستقام في مصر «الجامعة المصرية - الإيطالية»، وبالتأكيد سيكون لنا تواجد هناك بأساتذتنا وخبراتنا، ولن نبخل بشيء علي الإطلاق.. كما أن لنا الآن مشروعا مشتركا مع الجامعة الأمريكية في مصر في أبحاث النانو تكنولوجي وسيكون هناك تعاون مصري إيطالي علمي كبير في السنوات القادمة، ونرجو أن تكون هذه خطوات نحو التقدم والتفاهم المستمر فيما بيننا كما كنا دائمًا علي مر العصور.
يسرا محمود 28 سنة في أول مرة رأيتها، وقبل أن أتكلم معها عرفت أنها مصرية.. فسمار بشرتها هو لون النيل الصافي وملامحها تعلن عن هويتها دون سؤال.. عندما تحدثنا رأيت في عينيها نظرة بعيدة، فلم أكن أحس أنها تنظر لي ولكنها تنظر إلي هدفها الذي حددته وتمسكت به وتحلم بتحقيقه.
كان وجود يسرا كبنت وحيدة مع مجموعة الشباب الذي يدرس في إيطاليا سواء للماجستير أو الدكتوراه هو أكثر ما لفت نظري، وكانت التساؤلات تشغل عقلي.. كيف لفتاة مصرية أن تنتصر علي العادات والتقاليد الشرقية وتسافر وحدها للغربة؟ ولماذا؟ وما هو طموحها العلمي، وهل طغي هذا الطموح علي الأحلام الوردية لأي فتاة في سنها.. حب، زواج، أولاد؟! تحدثت معها وكانت هذه هي الإجابات:
قالت لي يسرا أو الدكتورة يسرا كما يناديها زملاؤها في الجامعة.. أعيش في مصر في المطرية.. أنا فتاة بسيطة ولكن أحلامي كبيرة.. دخلت كلية الزراعة وتفوقت بها وعملت في مركز الأبحاث الزراعية.. ثم حضرت الماجيستير وبعد فترة علمت أن السفارة الإيطالية بالتعاون مع السفارة المصرية في إيطاليا تعلنان عن منح لدراسة الماجيستير في مجال الزراعة، وبالفعل ذهبت لأتقدم بأوراقي هناك ولكني كنت خائفة جدًا من رد فعل عائلتي.. فلم أحب أن أبلغهم بالأمر من بدايته خاصة أنه كان حلما بعيد المنال.. ولم أتوقع قبولي من الأساس.. ولكني بالفعل تم قبولي ومررت بالمرحلة الثانية وهي الاختبارات العلمية وذهبت لحضورها.. وأيضًا لم أكن قد أخبرت العائلة بعد.. ولكن بعد إعلان النتيجة حاولت أن أخبرهم لأنها كانت المرحلة الأخيرة وهي التأشيرة للسفر، ولكني لم أستطع المواجهة.. وفي يوم كنت أبحث عن معلومة داخل دراسة الماجستير التي كنت قد قمت بها في مصر، ولكن شيئاً ما لا أعرف ما هو حتي الآن تسبب في محو كل المعلومات من علي جهازي.. وكانت الطامة الكبري بالنسبة لي، حينها فقط زاد إصراري علي إبلاغهم بقرار سفري لإيطاليا.. وبدأت بوالدتي التي صعقت بحديثي معها عن هذا الأمر.. واتهمتني أني أُجرم في حق نفسي.. لأن قطار الزواج لن ألحق به فلقد كنت تركت خطيبي في هذا الوقت.. وكانت تتمني أن أعوض حظي في المرة القادمة ولكني رفضت وتمسكت بالماجستير.. وأبلغت أبي وقاطعني أسبوعا إلي أن شكوت لجدي وجاء جدي وتكلم معهم وقال لهم: إن آمالي وطموحي في العلم أكبر من أي طموح آخر يفكرون فيه، ويجب أن يتفهموا هذا واستحلفهم ألا يقفوا أمام آمالي.
فسألتها عن جدها.. هل هو رجل عالم أو دكتور في الجامعة؟!
فردت علي مبتسمة: جدي رجل بسيط جدًا ولكنه مؤمن بحرية المرأة وحقها في التعليم والعمل.. وفي نفس الوقت كان عمي أيضًا يتحدث معهما فاقتنعا وتركاني أدرس وأسافر، وها أنا أنهيت الماجستير وأكمل الآن الدكتوراه في أمراض النبات.
أما عن أهدافي.. فهدفي أن أفيد بلدي فعلاً وأن أخترع شيئاً حقيقياً يعود بالنفع علي كل الناس.
وسألتها مداعبة: وماذا عن إلحاح الوالدة في قصة الزواج وبيت العدل؟!
فقالت لي ضاحكة: لقد تفهمت أمي طوال السنتين الماضيتين مدي حبي للعلم وعرفت أنني أنسي كل شيء لمجرد تركيزي في أبحاثي وعملي.
فسألتها: أين تعيشين هنا؟!
فقالت لي: لم أفعل كما يفعل غيري من المصريين الذين ينغلقون علي أنفسهم ويصرون علي السكن مع مصريين مثلهم، بل علي العكس عشت وتعايشت مع إيطاليات وبدأت أفهم عقليتهن والعكس، وبُني بيننا تفاهم وحب واحترام كل واحد لرغبات الآخر.
وهذا ما كنت أحتاجه بالفعل أن أتعايش معهم لأفهم كيف يفكرون، وأوضح لهم شخصياتنا نحن الشرقيين المسلمين ونصحح لهم أفكارهم عنَّا وليس التجنب والسلبية وعمل جيتو كاليهود.. بل الاندماج والتواصل هو الحل للنجاح والراحة النفسية هنا.
هل أحسست يوما باضطهاد؟!
لا.. أو ربما ولكني لم ألاحظ فهدفي أمامي، ولا أري غيره، تركتها وأنا أحس بالفخر لمجرد حديثي معها وتنبأت لها بمستقبل باهر.. وذهبت لزملائها في نفس المجال لأتحدث معهم ولكنهم جميعهم رجال.
أحمد حسين 32 عاماً يدرس علم أمراض النبات بادرني بقوله: «أتمني أن أصبح عالما مشهورا».
اخترت كلية الزراعة بمحض إرادتي، فهذا ما أحب دراسته منذ أن كنت صغيراً رغم أنه من سكان القاهرة، ولم يعش يومًا في قرية، ولكن كان حلمه منذ نعومة أظافره هو أن يصبح عالماً في عالم الزراعة وبالفعل هو الآن يخطو خطوات سريعة تجاه هذا الحلم الكبير.
أحمد متزوج وعنده طفلة، والطفل الثاني في طريقه للوصول.. فسألته: هل تخطط للإقامة الدائمة في إيطاليا.. قال لي بالطبع لا، فكل ما أحلم به أن أرجع إلي بلدي، وأن أحمل ما ينفعها وينفع أولادي.. فسألته: هل زوجتك راضية عن غيابك عنها بهذا الشكل؟! فأجاب ضاحكًا: هي غاضبة جدًا مني وخصوصًا أنني معي دكتوراه من إنجلترا في أمراض النبات.
ولذلك هي تري أنني أبحث عن حجة للغياب فقط لا غير.. ثم أكمل ضاحكًا: ستعرف بعد وصولي إلي ما أطمح إليه فائدة ما أفعله فهو لنا ولأولادنا.
هل تجد أي نوع من أنواع الاضطهاد هنا؟!
في الحقيقة يوجد بعض الشيء ولكنه ليس اضطهاداً بالمعني المعروف، ولكن هو يكون محاولة للاستبعاد.. بمعني أنني لا أظلم مثلاً في دراستي أو درجاتي.. ولكن هي محاولات «للتطفيش»، فأجد عيوناً بها تعجب من وصولنا إلي هذه الدرجات، رغم أن تعلمنا اللغة ضئيل ونتعلمها بالممارسة، هذا بالنسبة لهم شيء غير طبيعي.. فكيف لعربي أو مصري أن يكون بهذا الذكاء مثلاً.. ولكن بوجه عام هم عادلون ولا يتعدون علي حقوقنا.. هذا إلي جانب وقوف السفارة والمكتب الثقافي إلي جانبنا.. وخاصة الدكتور طه مطر الذي عندما حدثته «يسرا» قال لها: يجب عليكم إنشاء اتحاد للطلاب المصريين في جامعة كاتانيا، وطلب منها أن تبعث له الأسماء كلها لمعرفة أخبارنا دائمًا.. وبالفعل جاري عمل الاتحاد.
وسألته عن سكنه ومعاملته مع زملائه.. قال لي إنه يسكن مع مجموعة من المصريين ويتعامل مع زملائه بشكل طبيعي، وبالنسبة للنشاطات فهم يذهبون للجامع كل يوم أحد ويقيمون دروسا دينية جميلة يستفيد منها الشباب وتجعلهم أكثر تمسكًا بدينهم.
أما أحمد إسماعيل - شاب في الخامسة والثلاثين من عمره أيضًا يدرس الدكتوراه في أمراض النبات فيقول إنه يريد أيضًا أن يصبح عالماً كبيراً، وأنه سعيد بوجوده وسط كل هؤلاء العلماء.. أحمد ارتبط مؤخرًا وذلك لانشغاله الكبير بدراسته وأبحاثه العلمية، فقد كان يحلم أن يصبح طبيبًا ولكن حلمه لن يتحقق وهو الآن لن يتنازل عن حلمه بأن يصبح عالمًا في أمراض النبات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.