قد تنجح يوما ما في القضاء على خصم لك وقد تنجح يوما ما في خداع الناس والكذب عليهم ، أو قد تنجح في إسكاتهم ، أو في التلبيس عليهم قد تعلن يوما ما براءة ظالم ، أو إدانة بريء وربما صدقك الناس ، بل وربما هتفوا باسمك ونعتوك بأحسن الألقاب ولكن هل انتهي الأمر على هذا الحال ؟ قد تخطط خططا طويلة الأمد لتمكين سلطانك ، وإعلاء مكانتك ، وبسط الحماية على طغيانك ، وتستخدم لتحقيق ذلك كل الوسائل الغير مشروعة وربما المشروعة ، وقد تستطيع أن تحقق جزءا منها أو كلها وتخدع الناس وتحكم قبضتك عليهم ولكن ماذا بعد ذلك ؟ ربما تكسب بالخداع صفقة ما أو مكانة ما ، أو سلطانا ما ، وقد يطول بك المقام دون أن يعرف الناس خداعك ، أو حتى ربما لا يعرفون قط ، ولكن ماذا بعد ذلك ؟ ربما تبقى في منصبك دهرا أو حتى دهورا ، ولكن ماذا بعد ذلك ؟ هل انتهى الأمر ؟ لا لم ينته ، لان هناك الأهم ، هناك الأخطر هناك الأعظم ، هنالك رب الناس إن هذا الكون ليس فيه الناس فحسب ولكن هناك رب الناس ، يدبر شئونهم ، ويقدر أمورهم ، وتقديره سبحانه أرشد من تقديرهم لأنفسهم هناك رب الناس الذي يسمع دعوة المظلوم ويقول لها : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين هناك رب الناس الذي يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102) هناك رب الناس الذي يطلع على مكر الماكرين فيمكر بهم ، ويعرف كيد الكائدين فيكيد بهم ، حتى يقعوا في شر أعمالهم (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ) هناك رب الناس الذي يحول السلاح الذي يستخدمه الظالم إلى أداة لقتله، والسجن الذي بناه ليعذب به الناس ليكون قبره الذي يدفن فيه والمال الذي جمعه ليتحكم به في الخلق ليكون أداة للقضاء عليه لتكون الحسرة اشد والنكال أنكى هناك رب الناس الذي قد يعطي المنح على هيئة محن !! ويبتلى بالمحن في صورة منح ! هناك رب الناس الذي لم يعط لأحد من خلقه سلطة البقاء الكامل ، أو القدرة الكاملة ، ولكنه سبحانه يترك يد الظالم تعمل وتعبث حتى يظن أنه ملك الدنيا بين يديه ، ثم سرعان ما تمتد يدالله سبحانه لتقطعها فكأنها ما كانت0 أين قارون الذي أُعطي من الكنوز مالم ولن يمتلك أحد مثله ؟ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ) (القصص:81) أين فرعون الذي حكم وملك وخضع له الناس حتى ادعى من شدة خضوعهم له انه إله ؟!! فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (القصص:40) أين عاد وثمود وإرم ؟! أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وفرعون ذي الاوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد ) (الفجر:،10 ، 11 9) أين التتار ؟ أين المغول ؟ أين كرومر ونابليون وكليبر ؟ أين هتلر ولينين وماركس ؟ أين عبد الناصر ، وصلاح نصر، وشمس بدران ، وزكي بدر وشارون وأمثالهم ؟؟ أين المتجبرون والظالمون من كل حدب وصوب؟ أما على الجانب الآخر فهل ضاع جهد المجاهدين ، وحق المظلومين ، وهل ضاعت دماء الشهداء؟ وهل ضاع بذل المناضلين ؟ لا بل هم والله الفائزون ، أتدرى لماذا ؟ لأن هناك رب الناس ، يعطيهم حقوقهم ، ويجزل عطائهم ، وينصر دعواتهم ، ويرفع في العالمين ذكرهم فهل ضاع عمر المختار ،وسليمان الحلبي ، والنورسي ، وابن باديس، وسليمان الحلبي ،وسيد قطب ، وحسن البنا ، والقسام ، واحمد يس ، والرنتيسي ، وجميع الشهداء والمجاهدين ؟؟ بل أعلى الله راياتهم ، وخلد في العالمين أسماءهم ، ونصر سبحانه دعواتهم ، وقيض من بعدهم من يحمل أفكارهم ولا أحسب عاقلا من الناس إلا ويقر بأن هؤلاء هم الفائزون أخيرا أقول : أيها المجاهدون لإحقاق الحق لاتظنوا النصر حلما ، أو أملا ( إن النصر عقيدة راسخة لا يعتريها الشك قال تعالى : وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (الإسراء:81) أيها الظالمون المتجبرون : تمتعوا قليلا ، فسوف تبكون كثيرا قال تعالى : فلما نسوا ماذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين [email protected]