قالت المعارضة التي استندت إلى تدخل الجيش لإزاحة الرئيس المنتخب د.محمد مرسي، إن ما حدث لا يجب أن يسمى انقلابًا على الشرعية، لأن الشرعية ما هي إلا تجسيد الإرادة الشعبية، فطالما عرفت الإرادة الشعبية فهذه هي الشرعية! أخطر ما في هذا المنطق - الذي أراه كلمة حق يراد بها باطل - أنه ينقل التحاكم في أي أمر من الأمور من الأسس المرجعية الثابتة إلى رمال متحركة تحركها يمينًا ويسارًا أشياء تقديرية قد يكون الحكم فيها الرغبات الشخصية. والدليل على ذلك - وهو المذهل في الأمر، ولذلك جعلته عنوانًا للمقالة - أن السادة - الليبراليين - خالفوا هذا المنهج على طول الخط طوال العام الماضي، فاستعانوا بالنصوص والأحكام – غير المبرأة من شبهة التسييس - ليقفوا بها في مواجهة الإرادة الشعبية حين تبدت لهم! فكيف بعدها يقولون إن الإرادة الشعبية هي المرجعية حتى لو تعارضت مع النصوص التي تحمي الشرعية؟!.. كيف؟!.. شيء مذهل! الإرادة الشعبية تبدت في نزول 31 مليون مصري لانتخاب مجلس الشعب عام 2011، في انتخابات حرة نزيهة أشاد بها العالم وشاركت فيها كل القوى السياسية، فإذا المحكمة الدستورية العليا تقرر حل مجلس الشعب في اعتداء سافر من سلطة على سلطة أخرى في الدولة، لكن الشاهد أنه حين قرر رئيس الجمهورية إعادة مجلس الشعب الذي يعبر عن الإرادة الشعبية وقفت المعارضة – التي لم يكن ذلك القرار في مصلحتها كونها أقلية في هذا المجلس - وعارضت هذا تمامًا وملأت الدنيا صراخًا بأن هذا اعتداء على السلطة القضائية، وأن كلام السلطة القضائية لا بد أن يحترم (ولو صادم تلك الإرادة الشعبية)، كأن الانقلاب الذي يهللون له الآن ليس اعتداء على رأس السلطات! فوقتها انحازوا لنص وهو حكم المحكمة ضد الإرادة الشعبية، ولم يقل أحد وقتها إن إرادة الشعب هي الأساس... إلخ من هذه المقولات التي تظهر وقتما يشاءون الهوى وتختفي وقتما يشاءون! ومثال آخر.. عند إقرار الدستور المصري قررت قوى المعارضة الاحتكام للشعب ودعوته لرفض الدستور، وقال الشعب كلمته وأقر الدستور بنسبة تقترب من الثلثين، ومع ذلك قال قائلهم قولته المشهورة: حتى مع هذا سنظل نحارب الدستور حتى نسقطه، بل قال آخر مستبقًا الإرادة الشعبية: سواء قبل الشعب الدستور أو لم يقبله فلن نقبله وسنسقطه! لماذا قالوا هذا ورفضوا الإرادة الشعبية؟ لأنهم قالوا إن الدستور يجب أن يكون توافقيًا، وهكذا ردوا الإرادة الشعبية استنادًا لقاعدة أدبية أو فكرية! هذان مثالان، وهناك أمثلة عديدة على أنهم ردوا الإرادة الشعبية، تارة استنادًا إلى نص (ولو كان متجاوزًا وشبه مسيس كما في حالة حكم المحكمة الدستورية)، وتارة استنادًا لقواعد عقلية أو أدبية أو عرفية يتخلف تقديرها بين شخص وآخر، فكيف بعد هذا كله، وبعد تاريخهم الطويل هذا في اتخاذ مرجعيات شتى لمواجهة الإرادة الشعبية.. الآن يضعون ما يرون أنها الإرادة الشعبية في مواجهة كل مرجعياتهم السابقة، فما حدث تعد على النصوص، وتعطيل للدستور، وانقلاب على عشرات القواعد الأدبية والفكرية لو سردت لملأت كتاباً كاملًا وليس مقالة.. فما لكم كيف تحكمون؟!.. بل سولت لكم أنفسكم أمرًا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون! م/يحيى حسن عمر عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.