وضع الرئيس السوري بشار الأسد الذي يرى سقوط الاخوان فى مصر علامة على تراجع وضع الإسلاميين بمن فيهم قادة حركة التمرد على حكمه التي يخوضها مقاتلون من السنة. ومع إطاحة الجيش المصري بالرئيس الاسلامي محمد مرسي وإزدياد ثقة الأسد بنفسه بعد ما أحرزته قواته من نجاح عسكري في الاونة الاخيرة، قال الرئيس السوري إن ما يحدث في مصر هو سقوط ما يعرف باسم الاسلام السياسي. وكاد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أن يقضي على الجناح السوري للإخوان المسلمين. وأصبحت عضوية الجماعة جريمة عقوبتها الاعدام عام 1980 وكان الرد في غاية القسوة على تمرد اسلامي عام 1982 وبدا أنه أدى إلى نهاية الحركة الاسلامية كقوة سياسية في سوريا. لكن العامين الاخيرين شهدا تحولا جذريا. فالاخوان المسلمون لهم نفوذ كبير في المعارضة السورية في المنفى لاسباب على رأسها قدرة الجماعة على توجيه الأموال والسلاح من دول من بينها قطر وتركيا. وجذور العداوة بين حزب البعث الحاكم في سوريا والاخوان عقائدية. فحزب البعث علماني قومي تتزعمه الاقلية الشيعية العلوية التي يرى الاخوان وغيرهم من المسلمين السنة المحافظين إنها خارجة على الملة. أما جماعة الإخوان فتعتبر أن القومية مفهوم مناهض للاسلام وأن الدين لا ينفصل عن السياسة والحكم. وقال فواز جرجس رئيس مركز الشرق الاوسط بكلية الاقتصاد في جامعة لندن "ما يقوله الاسد في الأساس هو أن الاسلاميين الان يتراجعون وان الجيش هو الذي يهاجم." ويعني سقوط الاخوان في مصر التي تأسست فيها الجماعة عام 1928 إنهيار الحجج التي يبني عليها الاسلاميون مواقفهم. وقال جرجس إن الأسد "يقول إذا سقطت المنظمة الأم فلن يكون للاخوان في سوريا مستقبل." كذلك يتراجع موقف الدول الراعية لهم مثل قطر. إلا أن أيا من هذا لا يشير إلى تغيير حاسم في ميزان القوى على الارض في سوريا حيث لا توجد بادرة على أن بوسع الاسد استعادة السيطرة على بلده المفتت حتى بالدعم الذي يلقاه من ايران الشيعية وحزب الله اللبناني. وتسيطر الحكومة على العاصمة دمشق ومدن أخرى بينما يسيطر مقاتلو المعارضة على مناطق إلى الشمال والشرق من مدينة حلب وإلى الجنوب من وسط البلاد بين إدلب وحماة. ولا تزال حلب مقسمة. وأضاف جرجس إن الأسد ليس قادرا على انتزاع نصر كامل بتوجيه ضربة قاصمة للمقاتلين السنة لكنه يرى أنه يحقق مكاسب لانه ظل صامدا على مدى عامين ونصف العام. لكن على الأسد التعامل مع واقع غير مريح على جبهتين الأولى هي أن الدعم الخارجي لمقاتلي المعارضة مازال مستمرا والثانية أن المقاتلين الاسلاميين في صفوفهم سيشددون على الارجح مواقفهم بعد أحداث مصر التي اعتبروها انقلابا عسكريا على مرسي. ويتشكك مراقبون مثل طارق عثمان خبير شئون الاقتصاد السياسي في مصر أن يبدأ الدعم الذي يلقاه مقاتلو المعارضة في الزوال لأن رغبة دول الخليج والغرب في إستمرار التصدي لايران حليف الاسد تفوق بكثير استياءها من الإخوان. ويقول عثمان "بالنسبة لكل الاطراف الاقليمية الرئيسية محاربة النفوذ الايراني في شرق المتوسط له أولوية وأهمية أكبر من مواقفها فيما يتعلق بالاسلام السياسي." وأشار أيضا إلى نبرة تحد بين الاسلاميين العرب بسبب الطريقة التي عزل بها مرسي من منصبه رغم وصوله للحكم عبر صندوق الانتخابات. وأضاف أن ذلك سيؤدي الى تشديد مواقف الاسلاميين في سوريا وغيرها من الدول العربية التي تواجه مراحل انتقالية صعبة. وقال "بالنسبة للجماعات الجهادية التي تقاتل نظام الاسد في سوريا قد يعني هذا التحدي مزيدا من الشراسة (في ظل) احساس بأن قضيتهم تتعرض للهجوم." ويمكن رؤية تشدد الاسلاميين في مواقفهم في الأحاديث المتبادلة على الانترنت حيث يرى البعض أن تحرك الجيش المصري لعزل مرسي "مؤامرة ضد الاسلام".