يعد شهر رمضان من الأشهر الحرم، الذى يحظى بقداسة كبيرة بين جمع الشعوب العربية والإسلامية عامة، والشعب المصرى بصفة خاصة.. حيث تكتسي روحه الطاهرة شخصية الإنسان المصرى، الذى اعتبر التخلق بآداب الصيام بابًا لدخول الجنة، وطريقاً يسيراً لتعلم مهارات إنسانية كثيرة، وتنمية قدرات إنسانية أكثر، فبالصيام يتعلم الإنسان الصبر والقدرة على ضبط الذات، ويعتبره المسلمون سبيلاً للخلاص من عاداتهم السيئة التى اكتسبوها فى غير رمضان.. ومن حسن الطالع أن تأتى ظروف انشقاق المصريين ونحن على أعتاب شهر كريم.. يبطل فيه صيام الخُصَمَاء.. وينزل فيه غضب الرحمن على المفسدين والسفاحين ومصاصي الدماء.. ومن هنا فإنني أراهن على ما تبقى من إيمان جماعة الإخوان المسلمين وتخلقهم بالإسلام هم وغيرهم من التيارات الإسلامية التى خرجت لتطالب بعودة الدكتور محمد مرسى لسدة الحكم، مهما كلفهم ذلك من مال ودم وكلف مصر من خراب ودمار.. أن يستجيبوا لنداء الشهر الكريم، وأن يثبتوا لغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى وأعضاء القوى السياسية المناهضة أن الله والوطن أحب إلى قلوبهم من السلطة، التى أكد د.مرسى أنه مستعد لأن يفنى روحه من أجلها تحت غطاء الدفاع عن الشرعية. ورددها خلفه آلاف بل ملايين من مؤيديه، الذين اعتبروا أن الدفاع عن مرسى هو دفاع عن الإسلام، وحولوها إلى حرب دينية بين مسلمين وكفار، وأن من أيَّد مرسى فهو مسلم ومن عاداه فهو كافر، واعتبره بعضهم بأنه نبي الإصلاح فى هذا الزمان؛ الأمر الذى عمق من حدة الخلاف والشقاق بين أبناء مصر، الذين لا يزالون يتقاتلون فى الشوارع لا لشيء سوى السلطة. ومن ثم فإنني أناشد كل أعضاء جماعة الإخوان وغيرهم من التيارات الإسلامية المؤيدة لمرسى بأن يخلوا أماكنهم ويعودوا إلى بيوتهم غير مروعين لأبناء الوطن، ويقدموا نموذجاً إسلاميًا حضاريًا يليق بعظمة وسماحة وسمو الإسلام الذى رفعوه شعاراً على ملصقاتهم الدعائية، وأن يحملوا دعوات جديدة للسلام الاجتماعي والسياسي ولم الشمل، لتعود مصر من جديد نسيجاً واحداً، يتكاتف كل أبنائها من أجل نهضتها، وليذهب الخُصَمَاء جميعهم إلى الجحيم وتبقى مصر دولة مدنية، حرة أبية مستعصية على المجرمين والخونة، ناهضة بجهود أبنائها الشرفاء والمخلصين، الذين يقفون ذراعاً قويًا خلف جيشهم الحر الباسل، باعتباره الضامن الوحيد لمدنية الدولة، وإرادة أبنائها وحمايتهم من أى حاكم متجبر مستبد، ومن هيمنة فصيل سياسي على غيره.. وكذلك فإننى أناشد حكماء الجماعة وشبابها الأبرياء المنساقين خلف شعارات قد تؤدى بحياتهم وتضع مصر برمتها على مشارف الخطر، أن يستوعبوا الموقف جيداً ويدركوا أن مصر وأمنها فوق كل اعتبار، فإذا كان مرسى سوف يعود على جثث ضحايانا ورفات جيشنا الباسل، فليذهب مرسى ألف مرة وتبقى مصر نسيجاً واحداً خالداً أبد الدهر.. وعلى المستشار عدلى منصور ألا تأخذه نشوة السلطة والحكم، وعليه أن يشرع سريعًا فى تشكيل مجلس رئاسى مدنى لقيادة المرحلة مكون من ممثلين عن حزب الحرية والعدالة والتيار السلفى والأزهر والكنيسة وممثل عن الحركات الشبابية والمرأة وثلاثة من عقلاء الأمة الذين لا ينتمون لأى تيار سياسى.. وكذلك عليه الإسراع بدعوة كل الإعلاميين والكتاب والمثقفين ورؤساء القنوات الفضائية من أجل الاتفاق على ميثاق أخلاقى إعلامى يتناسب مع طبيعة الجمهورية الثالثة التى جاءت على جسر ساخن من دماء شبابنا الطاهر.. كما أقترح عليه تأجيل الشروع فى إعداد الدستور لحين استقرار البلاد، فربما يزيد الشروع فى عمل الدستور الشرخ عمقًا والانقسام فجًا، متأسيًا بتجربة جنوب إفريقيا التى شرعت فى إعداد الدستور بعد مضى ثلاث سنوات من الثورة والاستقرار.. وعليه أيضًا سرعة الإفراج عن المعتقلين السياسيين وتقديم ضمانات حقيقية للأسر الإخوانية التى خرجت إلى الميادين ليس دفاعًا عن مرسى ولا عن الشريعة كما يدعون؛ بل خرجت تخوفًا من اعتقال عوائلها كما كان يحدث فى السابق.. فالمعركة يا سادة ليس معركة دين وشريعة، بل هى معركة وجود مغلفة بالدين. ما زال النيلُ يُنبؤنى.. بأن مصرَ قادمةٌ.. وأن الحبَ فى الأديان نبراسٌ سيحمينا.. ويبقى العهدُ قرطاس يقوينا.. فيا الله معذرةً على فهمى.. على تقصيرى فى دينى وفى وطنى.. جعلت الدينَ ينبوعاً.. يقوى فى أواصرِنا.. وليس الدينَ بالسيف.. يفرق فى مجامِعِنا.. فيا الله معذرةً على فهمى.. على تقصيرى فى وطنى.. أضعنا مصر بالفتن.. وباسم الدين نفتتن.. وباسم الدين نختصم.. وباسم الدين نقتتل.. وباسم الدين نسحقها فتسحقنى.. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.