كلنا نعلم أن ثورات الشعوب تتفجر للقضاء على الفساد –وعلى وجه الخصوص فساد الحكم- وإعادة البناء على هدى وبصيرة في ظل ديمقراطية حقيقية وحرية واعية. وإعادة البناء تعني صياغة دستور عصري جديد يحيي المصداقية، يبشر بالأمل ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، وبناء كيان سياسي جديد يشمل اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة إنقاذ وإصلاح للقيام بالمهام الاستراتيجية والتنفيذية، وكذلك انتخاب أعضاء البرلمان لأعمال الرقابة والتشريع، ومجلس الشورى لأعمال التشريع والشورى. وبذلك تنتهي الثورة ويبقى ممثلي الشعب-باختيار غالبية الشعب- من الخبراء الأوفياء، والوطنيين الشرفاء للقيام بمهام الأعمال التشريعية والرقابية والتنفيذية على جميع المستويات من خلال المؤسسات الحكومية، والهيئات الوطنية. ونتيجة تراكم المشكلات من العهد البائد، وخلق المعوقات والسلبيات، من الطبيعي اختلاف الآراء وحدوث الأخطاء التي يمكن تداركها وتصويبها، وتصحيح الأوضاع التي يمكن استكمالها على مراحل متعددة من خلال القنوات الشرعية، ويتم ذلك في خلال المدة الممنوحة لرئاسة الجمهورية والحزب الحاكم والحكومة.
وإذا افترضنا جدلًا أن تجمعات ميدان التحرير الشعبية في 30 يونيو ثورة شعبية.. فهل يجوز قيام ثورة شعب على اختيار مسبق لنفس الشعب!! وهل تصويب بعض الأخطاء الإجرائية، وتصحيح بعض الأوضاع المرحلية بين أبناء الوطن الواحد تستلزم تفجير ثورة شعبية!!
لقد تم انتخاب الرئيس الشرعي للبلاد الأستاذ الدكتور محمد مرسي لأول مرة في تاريخ مصر بنسبة تقترب من 52٪، كما تمت موافقة الشعب على جميع مواد الدستور بأغلبية 64٪ . ومن المعلوم أن عملية الانتخابات من خلال صناديق الاقتراع، وإجراءات فرز الأصوات ونظر الطعون، وإعلان النتائج يتم توثيقها واعتمادها من الهيئة القضائية العليا للانتخابات التي تمثل أعلى هيئة توثيق انتخابي في الدولة.
إنني أنادي بقلبي وعقلي، ووجداني ولساني.. أنادي جميع الشرفاء والأوفياء، أنادي جميع طوائف شعب مصر وأطالب جميع المواطنين والوطنيين بمزيد من الوعي واستشراف المستقبل.. ولنسأل أنفسنا جميعًا..
هل ننطلق نحو ديمقراطية صناديق الاقتراع.. وشرعية الانتخابات.. أم نندفع نحو الشوارع والميادين العامة.. والبقاء للأقوى.. نسأل الله الهدى والهداية.. والله غالب على أمره..