(( ظل الأبناء يلحون على أمهم سنوات طوال أن تطرد (ابن عمهم) ذلك المهندس الفاسد المسئول عن صيانة سيارتهم, والذي يعيش معهم ويتخذ من المرآب مكانًا يقيم فيه.. تلك السيارة القديمة التي اشترتها الأم منذ ثلاثين عامًا في بداية زواجها وقبل أن تنجب أيًّا من الأبناء.. هؤلاء الذين كبروا وأصبحوا شبابًا وبالغين وأرادوا أن يغيروا من نظام بيت ضج بالإهمال وعشش الفساد فيه, وأخيرًا وبعد مطالبات مريرة وثورة عارمة قاموا بها.. قررت الأم أن تطرد قريبهم مهندس الصيانة الفاسد والذي كان يبتز أموالهم طوال ثلاثين عامًا ثم يتعمد تخريب السيارة وسرقة أجزائها... كي يظل هو يستنزف الأموال ويظلوا هم دائمًا وأبدًا في حاجة إليه, وكان يستعين في مهمته بأصدقائه من البلطجية والمجرمين, وبعد معاناة قاسية استطاعت الأم بمساعدة أبنائها أن تتخلص من هذا المهندس الفاسد وعصابته... ثم بدأت تفكر في مهندس جديد يصلح سيارتهم الخربة ويعيدها للحياة.. وطلبت الأم من أبنائها المشورة, فاقترح الابن الأكبر أن يتصل بصديقه طالب كلية الهندسة وهو الذي لم يتخرج بعد.. كي يقوم بتلك المهمة الصعبة.. واستمر الابن الأكبر يمتدح في قدرات صديقه الفائقة وعبقريته الفذة والتي ستتغلب حتمًا على عدم خبرته, وستشفع له وهو الذي لم يتخرج بعد ولم يقم بمثل تلك المهمات من قبل, وفي ذات الوقت الذي برع فيه الابن الأكبر في شرح مزايا مبالغ فيها لصديقه, وقدم وعودًا بإنجازات سريعة وخيالية ستتحقق على يديه... انشغل الابنان الأصغران بالشجار فيما بينهما: حول من يستطيع أن يستدعي مهندسًا حاذقًا ذا خبرة.. أفضل من صديق أخيهما. وفي الأخير.. لم تجد الأم بدًا من الاقتناع بكلام ابنها الأكبر, فأمرته أن يتصل بصديقه ويطلب منه الحضور والإقامة في المرآب.. لمباشرة مهمته الشاقة.. وذلك بالطبع في ظل سخط وغضب شديد من أخويه الآخرين.
وطوال عام كامل هي مدة إقامة (طالب الهندسة) لديهم, لم يتركه الإخوة الصغار يهنأ بعمل يوم واحد.. وهو قليل الخبرة أساسًا.. وقد قابلته صعوبات مضنية في اكتشاف عيوب تلك السيارة المتهالكة قبل أن يبدأ بعد في إصلاحها.. استمر الأخوان الصغيران في عنادهما وشغبهما واستمرت محاولاتهما لإقناع الأم بعدم جدوى وجود ذلك المهندس في بيتهم.. وهو الذي لم يتحقق على يديه أي إصلاح يذكر حتى الآن.. وأصر أخوها الأكبر على قناعته بسلامة اختياره وأن صديقه هو الأنسب لتلك المهمة.. وأنه لم يفشل فيها بل أراد أخواه أن يفشلاه.. حقدًا وعنادًا, وحاول إقناع أمه بأنه يجب عليها أن تنتظر باقي مدة العقد المبرم بينها وبين صديقه المهندس حتى تستطيع أن تقيمه وتحكم على أدائه. ولكن أصدقاء ومعاوني المهندس القديم.. (من البلطجية والمجرمين) أوعزوا للأخوين الأصغرين أن يجتمعوا في ليل ويتسللوا إلى المرآب.. ثم يوسعوا المهندس ضربًا ويلقوا به من النافذة.. وبذلك يتخلصون منه للأبد.. ولا تجد الأم سواهم ليختاروا لها مهندسًا جديدًا, وعلم الأخ الأكبر بخطتهما الشيطانية هم وهؤلاء الفاسدين الذين استقووا بهما, فقرر أن يسبقهم إلى المرآب ويدخل معهم في شجار كي يحمي بذلك صديقه المهندس. و تقابلوا جميعًا.. وكادت أن تنشب حربًا ضارية بين الأبناء, إلا أن حكمة الأم ولطف الله بها جعلها تحسن التصرف وتنهي تلك الأزمة.. حينما استدعت كبار عائلتها وعقلائها.. من أقنعوا الأخ الأكبر بالعودة أدراجه.. فليست كل المشاكل تحل بالعنف أو الشجار.. خاصة تلك التي تنشب بين الإخوة في الأسرة الواحدة... كما طلبوا من المهندس أن يتحدث بصراحة وشفافية مع الابنين الأصغرين.. كي يتفهما صعوبة مهمته ويصبرا على عدم خبرته وقلة حيلته.. ثم قاموا بعدها بطرد هؤلاء الثلة من المجرمين والبلطجية بعد أن لقنوهم درسًا قاسيًا... من أرادوا أن يصطادوا بالماء العكر ويشعلوا الأجواء.. لتكدير صفو الأسرة ومن ثم العودة مع صديقهم.. المهندس الفاسد.. لسرقة السيارة. وبعد أن نجح كبار العائلة في القضاء على هؤلاء المجرمين.. استمرت محاولاتهم المضنية في إقناع الأخوان الصغيرين بأن من ارتبط مع أحد بعقد, لابد أن يحترم شروط ذلك العقد ويتحمل نتائجه.. وعليهما أن يقدرا المسئولية.. ويعرفا أمانة الكلمة, وأن ما أرادا أن يفعلاه بمهندس سيارتهم هي جريمة بحق.. فمن أدخلناه من الباب بمحض إرادتنا.. لا يمكن أن نلقي به من النافذة)).
......ألا يوجد في مصر الآن كبار وعقلاء .. يضربوا على أيدي المجرمين ومشعلي الفتن ...ومن ثم يقوموا بإقناع الأطراف المتصارعة و التي تريد إحراق البلاد في ( الثلاثين من يونيو المقبل ) : أن هناك صراعات لا ينتصر فيها أحد بل يخرج منها الجميع خاسرا .. تلك الصراعات التي تنشب بين أفراد الأسرة الواحدة , وأن من أبرم عقدا يجب عليه أن يحترم شروطه , فمن أدخلناه بأيدينا من الباب.. لا يمكن أن نخرجه من النافذة. من دخل من الباب لا يخرج من النافذة