سوريا الراهنة بحاجة إلى استقلال ثان يعيد لها وجهها العربي الإسلامي الحضاري الذي فقدته طوال تلك السنوات العجاف في حكم الحزب الواحد والفرد الواحد، وفي ظل حالة طوارئ بدأت منذ عام 1963 يوم دنّس البعث أرض سوريا، ولا يزال .. نظام يرفض أن يتصالح مع أحد، كيف يتصالح مع أحد وقد رفض أن يتصالح مع حزبه الذي هو نفسه فقطّعوا بعضهم، جماعة لبثت في السجن حتى قضت أو كادت فأخرجت من أجل ألا يتحمل الحاكم مسؤولية موتها في زنازينه، وآخرون هاموا على وجوههم فلاحقتهم أيادي الغدر إلى فرنسا وقتلت زعيمهم صلاح الدين البيطار، ومنهم من فر إلى العراق كحال مؤسس الحزب ميشيل عفلق فمات هناك، وغيرهم كثير .. حزب قتّل قادته وزعماءه جريا على سنة اليهود الذين قتلوا أنبياءهم هل يُنتظر منه أن يتصالح مع خصومه الذين سعوا إلى خلعه عن السلطة، فأعمل في المدن السورية قتلا وتشريدا وتعذيبا وسجنا فكانت مجازر تدمر وحماة وجسر الشغور وحلب وصيدنايا وعدرا والحبل على الجرار .. نظام لا يزال يلاحق كل من تطاله أياديه نساءً ورجالا وشيوخا وأطفالا، حتى ولو كان معارضة انترنتية كحال طل الملوحي أو آيات أحمد، والأعجب من ذلك كله أنه لا يعلن عن من يعتقل ولا من يفرج عنه ويترك ذلك كله لوكلاء له مجانين يعلنون عن إفراجاته، كل ذلك يؤكد لنا بما لا يدع مجالا للشك أن سوريا بحاجة إلى حراك حقيقي من أجل نيسان آخر يجلو عن وجهها ما علق به من استبداد وطغيان وامتهان لكرامة الانسان السوري، أليس من المعيب أن نرى انتفاضة الشعب القرغيزي الذي لم يلحقه قطمير مما لحق الشعب السوري على أيدي حكامه،أليس من المعيب أن يتحرك الشعب التايلاندي والسوريون صامتون... الدعوة التي دعت إليها المعارضة السورية بكافة أطيافها يوم السابع عشر من نيسان لتنظيم مظاهرات أمام سفارات النظام السوري في عواصم غربية سبع ، بالإضافة إلى ما نشره موقع سوريون نت المعارض عن تضامن معتقلي سجن عدرا بصيام يوم السابع عشر من نيسان يعطي أملا كبيرا للشعب السوري ولمحبي التغيير السلمي الهادئ في العالم العربي، بعد أن سدّ الطغاة المستبدون كل سبل قانونية في وجه الشعوب، لا بد من نيسان آخر، ولا بد من استقلال ثان يقوده أحفاد من حققوا الاستقلال الأول، استقلال يشمل كل شرائح الشعب السوري وبكافة أطيافه،وبكافة أعراقه وطوائفه، إذ لا أحد يستطيع أن يُقصي أحدا على أسس طائفية أو عرقية أو اثنية ما دام سوريا، ليدرك حينها النظام السوري أنه منبت، وأن جذوره مقطوعة، وأنها على الماء.. الاستقلال الثاني .. بحاجة إلى خريطة طريق حقيقية وجهود مضنية وسهر وتعب، وتضافر جهود علمائية ومثقفية وقضاة وأساتذة وقبل كل شيء الطلبة عماد التغيير، ولنا في جهود التغيير المنطلقة في مصر وتايلاند وقرغيزستان وغيرهم كثير أسوة حسنة في تعلم الأساليب والتكتيكات المضادة لتكتيكات المستبدين في الشام ..