قصر ثقافة شبرا.. هو رئة الفن الجميل والملتزم التي يتنفسها أهلنا هناك في تلك المنطقة الشعبية الحافلة، وفنانو قصر ثقافة شبرا يعرفون هذه الحقيقة جيدا لذا يقدمون ما يمكن أن يثقف وينمي وينوِّر أهل المنطقة ليس الكبار منهم فقط بل والصغار أيضا اعتمادا على كونهم الأمل في مستقبل أفضل وهذا ما يستند إليه الفنان والمخرج ناصر عبد التواب الشهير بالأراجوز المصري وفرقته فرقة "قصر ثقافة العمال بشبرا الخيمة" "جحا ثري دي" عرض مسرحي للأطفال وللكبار أيضا يعرض الآن على مسرح قصر ثقافة العمال بشبرا الخيمة، ويستمر لمدة عشرة أيام لمخرجه المبدع ناصر عبد التواب صاحب التجارب الكثيرة والمميزة من عروض الطفل التي نالت إعجاب الكثيرين وتلقت الكثير من عروض السفر لمدن ومهرجانات عربية عديدة أحدثها مهرجان مسرح الطفل بالكويت وشافشاون بالمغرب. تدور أحداث المسرحية في جو يتراوح ما بين الواقعي والمعاش، و يجمع بين عرائس القفاز والماريونت والتمثيل البشري، و يؤكد على أهمية الوفاء للأصدقاء حيث البنوتة الصغيرة بسمة ( حبيبة مجدي عبيد) التي تعترض دائما على جدها المثقف الذي تعتبره من " الدقة القديمة" وتتعجب من كلامه عن الأخلاق، وكل ما يشغلها اختلافها مع صديقتها وكيف تنتصر لنفسها منها.. تلمح بسمة كتابا ضخما في يد جدها وتتعجب حين ترى الكتاب محملا بوصلة كمبيوتر فيخبرها أن بالكتاب عوالم مختلفة وشخصيات كثيرة وحكايات أكثر وأنه يمكنها الدخول في اللعبة ( أي تدخل عالم جحا في الكتاب القديم) وتعيش حكاية من حكاياته، وأنها لن تعود إلى أرض الواقع، إلا بعد أن تحل الفزورة أو الإشكالية التي تتعرض لها داخل الحكاية/ الكتاب. فتختار بسمة عدة صفات لتتحول بسرعة إلى الشخصية الخيالية ( حمار جحا) لكن هذه المرة ببيونة وبنية أنثوية أكثر جمالا للإشارة الى أنها بسمة كما تساعد في ربط الطفل المشاهد بين الشخصيتين! ويتحول الديكور معها من بيت الجد بما فيه من مكتبة وكتب وأثاث إلى بيت جحا وزوجته وشارعه وعالمه وشخصيات الحكاية الافتراضية.. يتعرض جحا لضغوط كثيرة من امرأته ومن الخباص الذي يعمل بصاصا لدى قائد الحرس، والذي يوسوس لزوجة جحا أن تبيع الحمار الذي يعتقدون أن جحا يتكلم معه ويصاحبه، كذلك نكد الزعلان، ومساعد الحاكم لاوى البوز الكشر، ونلاحظ دلالات الأسماء.. وذلك لدفع الفدية للحاكم كي لا يحبس جحا.. وعلى الرغم من المحاولات القهرية للتفريق بين جحا وحماره " بسمة" إلا أن جحا يرفض بيعها ويوافق على الحبس وهنا يعطي الطفلة الحفيدة/ الحمار.. درسا عمليا في الصداقة والوفاء.. فتوافق على أن تعرضها زوجة جحا للبيع لتحصل على الأموال لتدفعها فدية لجحا بدلا من أن يحبس، وهنا ضرب جحا وحماره المثل في الوفاء، وتعلمت الحفيدة مغزى الحقيقي للحكاية والتي سعى الجد لتعليمها لها بطريقة الحياة والمعايشة التي تكون أكثر حيوية لا الحكي فقط. المسرحية من إنتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة، والنص للكاتب حسام عبد العزيز، والديكور والعرائس محمد قطامش، أشعار أيمن حافظ، موسيقى وألحان الفنان سيد العطار، بطولة عدد كبير من أعضاء فرقة الأراجوز المصري والعرائس وفرقة قصر ثقافة شبرا الخيمة، وهم عبد الناصر ربيع في أداء صوتي وتحريك (جحا) محمد عبد الفتاح أداء صوتي وتحريك ( لاوى البوز الكشر) حمدي القليوبي، أداء صوتي وتحريك(نكد الزعلان) حمدي القليوبي وقام محمد كمال، بتحريك ( الحمار). أما الأداء الصوتي فهو لفراشة العرض حبيبة مجدي عبيد، التي قامت بدور الحفيدة بسمة ووفاء عبد السميع أداء صوتي لزوجة جحا كما قام بالتحريك وأداء الشخصيات أسامه جميل، علاء فتحي، طارق السيد، محمد حسنين، حسام حسين، قام بدور الجد الفنان عاطف جاد. وعلى الغم من أن هذه التجربة هى الأولى لعرائس الماريونيت للفرقة إلا أنها جاءت مكتملة وناضجة شكلا ومضمونا. تحية لكل فريق العمل الذي استطاع توصيل رسالته بسهولة ويسر وفن متحضر مهمته الأولى بناء وتحرير العقول. وتحية للفنان الكبير ناصر عبد التواب عاشق مسرح الطفل.. وللصغيرة حبيبة التي أتقنت دورها ببراعة وأدته بدقة وإنسانية ولا عجب.. فهى بنت المخرج المتميز مجدي عبيد الذي بالتأكيد بذل معها مجهودا كبيرا ليصيح كل من يراها: " بنت الوز عوام"!