أكاد أقسم - غير حانث - أن الكارهين للشيخ محمد العريفي سيخطئونه مهما قال، سواء أشاد بمصر أو دعا شعبها لنصرة الشعب السوري.. وهذا ما حدث في خطبته الأخيرة من منبر عمرو بن العاص بالقاهرة، التي حوت الدعوة للجهاد في سوريا، وفي خطبته الأولى على المنبر نفسه، في الإشادة الفريدة بمصر وتاريخها.. ففي خطبته الأولى قرأت فيحا من بني جلدته من إعلاميين معروفين بكرههم الحق الواضح، و"لغوصتهم" حول ما يقول ويدعو إليه، وانتقدوا الرجل كثيرا، مع أنه لم يقل شيئا سوى أنه ذكر المصريين وأهل مصر والعالم العربي كله بتاريخها العظيم وحضارتها المجيدة وعلمائها وشعبها.. والرجل لم يقل هذا وهو على أرض مصر فقط، بل قالها وهو في الرياض قبل أن تطأ قدماه أرض مصر. وفي خطبته الثانية خطئوه حتى قبل أن يرتقي درجات المنبر، وانتقدوه وهو لم يفرغ بعد من خطبته، واستمر نقدهم له وهو بين يدي رب العالمين يصلي الجمعة بالناس، وهم متكئون على أرائكهم الفخمة وسحب الدخان من سجائرهم أو"سيجارهم" تعلو سماء غرفهم، وقد أبت ظهورهم أن تسجد مع المؤمنين الصادقين، لله رب العالمين! وأظن أن الرجل فطن لهذا وهو على المنبر، فقال في نهاية خطبته إنني قلت خطبتي هذه بتمامها في الجامع الذي أخطب فيه في الرياض، وأكررها هنا لاستحثاث شعب مصر، شعب حرب رمضان المجيدة، ومحطم خط بارليف أن ينصروا إخوانهم في سوريا وعدوهم الغاشم يسومهم سوء العذاب، يقتل أبناءهم ويغتصب نساءهم وبناتهم. هل أخطأ الشيخ العريفي وهو يذكرنا بفضيلة الجهاد التي هي ذروة سنام الإسلام؟ هل كان لزامًا عليه أن يترجم ما يقوله عمليًا؛ فيكون في أول الصفوف المجاهدة، ويجمع من في ولايته من إخوانه وأبنائه ليكونوا معهم، ويفعل الفعلة نفسها الدعاة الآخرون أمثاله، الذين يحثون الناس على الجهاد - بشرط أن يكون أهلوهم من القادرين على الجهاد - في مقدمة الصفوف؟ الأسئلة هنا غير منطقية، متى تكون منطقية ومنطقية جدا؟ لوأعلنت القيادة الحاكمة لشعوب العالم الإسلامي والعربي الجهاد في سوريا، فنكص العريفي أو غيره من المشايخ الذين يحثون الناس على الجهاد؛ فهنا سنلقي اللوم عليه وعليهم وعلى كل من يدعو للجهاد ولا يثبت في الصفوف، وسنردعه بالآية الكريمة في سورة الصف: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}؟ ثم نتبعها بملء أفواهنا بالآية التي تليها: {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}! أما مسألة خطبة جمعة ثم مؤتمر صحفي، ثم شعارات عالية ملأت فضاء السماء ثم انفض المولد وراح الناس إلى بيوتهم فلا لوم على العريفي ولا على غيره.. وأنتم تعلمون تمامًا من الذي يستحق اللوم واللوم الشديد؟! دمتم بحب عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.