إن الإختلاف في الرأي هو سنة الحياه. وإن معالجة الإختلافات لن تخرج عن طريقين إما الحوار والنقاش أو بفرض الرأي بالقوة. كذلك طريق التغيير لن يكون إلا بطريقة ديمقراطية سلمية أو بالصدام وإستخدام العنف . وهو الفرق بين المعارضة السياسية المتزنة في جميع دول العالم المتحضر ، والمعارضة العنيفة أو المسلحة الموجودة في الدول المتخلفة فقط. وقد يكون طريق الديمقراطية الأبطأ في بعض الحالات ، ولكنه الأسلم للأوطان والأضمن لإستقرار التغيير حيث أن لكل رئيس مؤيدين ومعارضين. فلو نزل المعارضين لتغيره بالقوة ، لما أستمر رئيسا. فضلا عن تعدي هذا على حق المؤيدين ، وقد يكونوا هم الأغلبية. وما بالنا لو نزل المؤيدين كذلك للمطالبة بحقهم فى استمرار الرئيس ، آخذين فى الإعتبار وجود أطراف أخرى يهمها إحداث صدام بين الجانبين ، وذلك بدفع محرضين فى الجهتين !! لذا فإن طريق الديمقراطية هو الأسلم للأوطان ، والأضمن لإستقرار التغيير ، والمعبر الحقيقى عن الإرادة الشعبية.
إنني من المعارضين لسياسات الإخوان وطريقة إدارتهم لشئون البلاد ، وأوافق على تمرد كوسيله للتعبير عن الرأي وعدم الرضا ، ولكني لا أوافق أن تكون وسيله للتغيير بالقوة. فهي تفتقد 3 نقاط أساسية. أولاها التيقن من صحة التوقيعات والحصول عليها من أصحابها بالفعل ، وثانيها أنه حتى فى حالة صحة هذه التوقيعات فأنه يمكن للطرف الآخر بالدفع ببعض التوقيعات الخاطئة للطعن فى مصداقيتها ، وثالثها معرفة إعداد الطرف الاخر المختلف معها للمقارنة بينهما والتغليب للأكثر. إن الانتخابات ذاتها في حالة عدم وجود إشراف قضائي يشك في صحتها ، فكيف يمكن الأعتداد بتجميع الاصوات التى يقوم بها طرف سياسي واحد وبمفرده وبدون أى رقابة - ولو كان هذا الطرف طرفي - وإعتبارها صحيحه بل ومعبرة عن الإرادة الشعبية !! فهذا لا يتفق مع معاير الديمقراطية والعدالة وإحترام الرغبة والإرادة الشعبية ومحاولة الوصول إليها ولو كانت في غير ما أرغب.
لذا فإنني أقدر كثيرا من شبابنا ممن قاموا بالعمل في تمرد. لما سلكوه من مسلك حضاري سلمي لا عنف فيه ، يعبر عن عدم الرضا عن الواقع الحالي ويعمل على إحداث تحريك في الشارع السياسي. وهو ما قد يدفع بالإخوان – أن كانت رغبتهم بالفعل هى إنتشال الوطن من هاوية السقوط - للإصلاح الجدي وسرعة معالجة التردي الحالي وتغليب مصلحة الوطن والمواطن على مصلحة الجماعة. ولنبدأ في تحقيق نهضة حقيقية وليست إسميه فقط ، ولا أن يكون شغلهم الشاغل هو التغلغل فقط في مفاصل الدولة لإحكام قبضتهم عليها. وإن لم يحركهم هذا فإن نتائج هذه الحركة ستزيد الغضب الشعبي عليهم وستظهر نتائجه في الإنتخابات القادمة.
وبالنسبة لشبابنا فإن تحويل حركة تمرد إلى صدام وعنف سوف تفقدها كثير من مكتسباتها وتعرض الوطن والمواطن للخطر بدلا من العمل على إصلاحه. بل قد تعرض الوطن لحروب أهلية وإنهيار أمني ثاني سيدفع ثمنه الجميع. أما طريق التغيير الذي أقترحه فهو كالآتي :-
1- التركيز على إنتخابات رئيس الدولة الحقيقي وليس رئيس الجمهورية. وذلك لأن طبقا للدستور الجديد فإننا أصبحنا دولة بنظام برلماني معدل. ورئيس الحكومة فيه هو رئيس الوزراء ، وليس رئيس الجمهورية. حيث إنحصرت صلاحيات رئيس الجمهورية في بعض الأمور فقط مثل الأمن والخارجية وليس إدارة شئون البلاد وإقتصادياتها. والتى أصبحت من صلاحيات رئيس الوزراء والذى لا يمكن تعينه الا بموافقة مجلس النواب ولا يحاسب ولا يعزل الا بواسطته. لذا فإن إنتخابات مجلس النواب القادمة ، ليست فقط انتخاب السلطة التشريعية ولكنها يعتبر أيضا انتخاب رئيس الحكومة الفعلى ، وهو ما قد يكون خلال أشهر قليلة. وعند تعيين رئيس وزراء قوى ، فلن يكون لرئيس الجمهورية طبقا للدستور الحالى أى تأثير عليه. 2- الضغط لسن قوانين إنتخابات تعبر نتائجها عن الإراده الشعبية بشكل صحيح ، بما فيها من تعديل حجم الدوائر لإعادتها الى قرب حجمها الطبيعى السابق بالنسبة للفردى ، والذى يمكن أن يكون بزيادة عدد أعضاء مجلس النواب للتغلب على تقسيم المقاعد بنسبة 1/3 فقط للفردى. وكذلك إختيار نظام قوائم مفتوحة وليست مغلقة وغير مشروطة مما يساعد المواطن على تمييز المرشحين وتمكينه من إختيار مرشحه ولو كان فى ذيل القائمة. هذا فضلا عن تقليل عدد الناخبين باللجان حتى لا ينصرفوا بسبب الزحام. 3- إلزامية فتح الإشراف الدولي والداخلي بدون أى قيود. 4- أن ينأى القضاء بنفسه عن أى فكر بالامتناع عن الأشراف على الإنتخابات ، فوجوده هو صمام الأمان لحمايتها. 5- نقل الشباب للعمل الثورى بالعمل على توعية المواطنين بضرورة المشاركة السياسية وأسس الإختيار ودعم الأكفاء من المرشحين ، بدلا من الإنشغال بالإعتصام فى الميادين والصدام اليومى مع الشرطة. 6- تطوع كثير من الشباب فى الرقابة (توكيلات) داخل لجان الإنتخابات لأنها ستمنع أي محاولات للتزوير أو التلاعب أثناء التصويت نهارا أو الفرز ليلا. لأن الفرز سيتم داخل اللجان الفرعية ، أي تحت بصرنا لو تواجدنا.
بالنسبة للإخوان فإنه من المؤكد أن الطريق الديمقراطي سيؤدي إلى خساره لكم ، ولكنها يمكن أن تكون خساره مؤقته بإصلاح الأخطاء التي وقعتم فيها. ولكن عدم إتباعكم للطرق الديمقراطية بمحاولة التلاعب فى الانتخابات ، من المؤكد أنها ستجعل خسارتكم أكبر ونهائيه و لا رجعة فيها.
إن هذا الطريق قد يكون الأطول للجانبين ولكنه الأسلم لهما وللوطن ، والأصلح في إمكانية الوصول دائما للحكم لمن هو أفضل وأصلح ، والأضمن لإستقرار التغيير ، والمعبر الحقيقى عن الإرادة الشعبية الحقيقية. مهندس / عبد القادر أحمد طه رئيس إئتلاف القوى المستقله عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.