أثارت تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي ضد [إيران "الشيعية" وزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، ووصفه "بنصر الطاغوت" كما وصف حزبه ب"حزب الشيطان" بسبب تدخلهما عسكريًا في سورية إلى جانب الرئيس بشار الأسد. واعترف القرضاوي أنه كان مخطئًا عندما ساند في وقت سابق الشيخ حسن نصر الله، وقال "دافعت عن من يسمى حسن نصرالله وحزبه حزب الطاغوت وحزب الشيطان، ووقفت أمام مشايخ السعودية أدافع عنهم ويبدو أن مشايخ السعودية كانوا أنضج مني". وقال الشيخ يوسف القرضاوي في الدوحة في مهرجان تضامني مع الشعب السوري أقامه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه إن "زعيم حزب الشيطان يأتي ليقاتل أهل السنة (...) هكذا يأتي نصر الطاغوت والظلم ليقتل المسلمين من أهل السنة"](الغد 2/6/2013)، ردود فعل واسعة، فأتباع بشار الأسد وخامنئي رأوا فيها نكوصًا وانهزامية وعمالة وظلامية، أما مؤيدو الثورة السورية فرأوا فيها توبة وصدقًا وإنكارًا للذات وجرأة وقوة بالصدع بالحق والاعتراف العلني بالخطأ. وبين الفريقين سجالات ونقاشات لن تنتهي، ولكن أعتقد أن هناك بعض الحقائق لابد من بيانها في خضمّ هذه الحوارات الصاخبة والنقاشات الساخنة، ومنها: 1- من هو الطائفي؟ هل هو القرضاوي الذي سبَح ضد التيار وضد جماعته وأغلبيته السنية سنين عديدة ثم صُدم بإصرار الآخرين على ترويج عقيدتهم وطائفيتهم في أوساط السنة بكل وسيلة حتى وصل بهم التطرف للقتل والحرب الأهلية كما حدث في البحرين والعراق ولبنان واليمن واليوم في سوريا وكل ذلك تحت شعارات علنية: مظلومية الشيعة، نصرة الشيعة، الدفاع عن مراقد الشيعة، الدفاع عن المحافظة الخامسة والثلاثين الإيرانية في سوريا. 2- من هو الممانع والمقاوم؟ ومن هو العميل أهو القرضاوي حين يؤيد ثورة الشعب السوري التي يتآمر عليها العالم كله اليوم حفاظًا على أمن إسرائيل؟ هذه الثورة التي تعتبرها إسرائيل مهددة لوجودها نفسه وليس لأمنها فقط، أم العميل هو النظام الأسدي الذي تبذل إسرائيل في سبيل بقائه الغالي والنفيس؟ أين هي المقاومة والممانعة وجبهة الجولان جثة هامدة منذ أكثر من 40 سنة؟ أين هي الممانعة والمقاومة وإسرائيل تعربد في سوريا ولا أحد يحرك ساكنًا ثم يخرج علينا ناصر قنديل ليقول بأن عدم رد بشار الأسد على عدوان إسرائيل على دمشق هو قمة العبقرية الاستراتيجية، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا إذًا كنتم تخونون الأنظمة العربية طيلة السنوات الماضية؟ 3- من هو الحريص على الوحدة والتعاون؟ هل هو القرضاوي الذي يدعم المستضعفين وينصرهم على عدوهم الظالم والقاتل والذي لم يقدم لشعبه لا أمنًا ولا أمانًا ولا تقدمًا ولا حرية ولا عدالة، أم هو حسن نصر الله الذي يقتل السوريين سواء بدافع مناصرة بشار المجرم الذي سهل له مصادرة لبنان في السنين الماضية أو بدافع حماية أضرحة الشيعة المزعومة في سوريا، والتي في سبيلها لا قيمة لدماء السوريين ولا كرامتهم ولا شرفهم! 4- من الذي ينفذ على الأرض مشاريع التقسيم الغربية والصهيونية؟ هل هو القرضاوي الذي يناصر الشعب السوري بجميع مكوناته على نيل حريته واستعادة كرامته، أم خصومه الشيعة من إيران وحزب الله الذين قسموا اليمن والعراق ولبنان فعليًا على الأرض ويعملون على تنفيذ ذلك في سوريا من خلال دويلة علوية نصيرية. أليست الدولة اليمنية تقف عاجزة أمام دولة الحوثيين غير المعلنة، فشحنات الأسلحة الإيرانية التي تتدفق عليهم هل ستكون لمعركة ممانعة ومقاومة مع إسرائيل! وفي البحرين نتساءل: هل يفكر أتباع الولي الفقيه في طهران بجعل المنامة جبهة حرب ومواجهة مع إسرائيل ولذلك يكدسون السلاح فيها؟ وفي لبنان لم نجد حزب الله يخرق خط الهدنة أو الحدود مع إسرائيل لكنه خرق حرمة السرايا الحكومية في بيروت التي اجتاحها، ونجد الضاحية الجنوبية لا تُطبَّق عليها القوانين اللبنانية سواء على المستوى الأمني أو الخدماتي البلدياتي، كما أن حزب الله لم يتورع عن خرق الحدود لقتال الشعب السوري الشقيق. وفي العراق هل يمكن لأحد أن يجد دورًا حقيقيًا للميليشيات الطائفية الشيعية في مقاومة الاحتلال الأمريكي مقارنة مع جرائمها البشعة بحق إخوانهم العراقيين السنة؟ 5- أمريكا مَن تحارب حقيقة في المنطقة؟ وهل فعلًا أمريكا تقوم بمحاربة إيران وأذرعها؟ نحن نسمع بشكل دائم عن ضربات للطائرات الأمريكية بطيار وبدون طيار ضد تنظيم القاعدة في اليمن، لكن أمريكا لم تضرب الحوثيين هناك برغم تمردهم المتكرر على الدولة وتسلحهم، وعدوانهم على السعودية؟ في الأسبوع الماضي في البحرين توجه موفد الرئيس الأمريكي أوباما من المطار لمقابلة الزعيم الشيعي عيسي قاسم والاطمئنان عليه وتفهم مطالبه، بينما لم يكلف نفسه بمقابلة الطرف السني، لا الشعبي ولا الحكومي، ثم يتشدق شيعة البحرين بشعارات المظلومية ومحاربة أمريكا. وفي الوقت الذي يحاصِر فيه شبيحة حزب الله القصير ويقصفونها ليل نهار ويستنجد أهلها الدعم والإغاثة، تنشغل الأمريكان بحرب جبهة النصرة وأخواتها في سوريا دون اكتراث بدماء السوريين بحسب تصريحات قادة الجيش الحر الذين يئسوا من الدعم الدولي ونفضوا أيديهم منه! 6- ديمقراطية التشبيح! كم كانت سمجة نصيحة الشبيح بشار المجرم للزعيم التركي الشريف والوطني الطيب أردوغان بالاستجابة لمطالب شعبه والتنحي عن رئاسة الوزراء، لأن العقل والمنطق يقتضيان أنه إذا كان يحق لمعارضي أردوغان من الشيوعيين المطالبة برحيله برغم كل الإنجازات التي حققها، فإنه يحق للشعب السوري لا أن يطالب بتنحي الأسد بل يحق لهم (فرم) آل الأسد كلهم الأحياء منهم والأموات على جرائمهم البشعة بحق الشعب السوري.