كنت أجلس بجوار أخي وهو يقود السيارة .. السيارة تجرى بسرعة.. ولكن الوقت ينفد .. لا بد أن ألحقَ بموعد القطار المسافر إلى القاهرة. إشارة المرور حمراء.. أكره الوقوف في إشارات المرور.. أكره الانتظار عموما.. الإشارة ما زالت حمراء.. أسمع صوتاً ملائكياً يقرأ القرآن .. ألتفت بجواري أنه شاب يجلس خلف قائد السيارة التي بجانبي.. الشاب يرتل بصوت جميل.. يقرأ بإحساس. ياااااه!!.. أول مرة أسمع القرآن بهذا الصوت العذب الجميل. أتمنى لو إشارة المرور تظل حمراء . وموعد القطار؟؟ لا يهم .. لا أريد أن أخرج من هذه الحالة الإيمانية الجميلة . الإشارة أصبحت خضراء.. تنطلق السيارة التي تقل الشاب قارىء القرآن.. فجأة تقف في وسط الطريق.. ينزل قائد السيارة ليصلح العطل.. يقترب الشاب من الجهة الأخرى.. ينحني ليصلح العطل. تأتى سيارة مسرعة تصدمه وتلقيه بعيداً.. يتوقف أخي.. أنزل مسرعاً ومعي أخي.. أقترب منه.. أحاول إسعافه.. إصاباته بالغة.. أطلب الإسعاف. تأتي سيارة الإسعاف.. نسيت القطار.. نسيت كل شيء.. لم يعد في ذهني إلا أن أنقذ هذا الشاب حامل القرآن.. أحمله مع رجل الإسعاف.. أضعه في سيارة الإسعاف.. تنطلق بنا السيارة وهو فاقد الوعى تماماً . أسمع صوتاً ملائكياً يأتي من خلفي.. التفت إليه.. أنه الشاب المصاب خلفي!! أنه هو!! المصاب !المغمى عليه!! يقرأ القرآن بنفس الصوت الندي الخاشع وكأنه ليس مصاباً!! وكأن ليس به شيء!! الدم يغطى جسده والجروح تملأ جسده.. والكسور أخذت حظها من جسده.. وما زال يرتل القرآن !! أشعر بقشعريرة تسرى في جسدي.. أحلق بذهني في معاني القرآن.. أتأمل في ملكوت الله. سكت الصوت !! لم يعد يقرأ.. التفت خلفي .. إذ ا بالصوت قد سكت إلى الأبد. وإذا به رافعاً يده ينطق بالشهادة وبصره شاخص إلى السماء.