حلم «أخبار اليوم» يتحقق| قرار جمهورى بإنشاء جامعة «نيو إيچيبت»    محمد فريد يشارك في نقاش مع رواد الأعمال حول مستقبل التكنولوجيا المالية    بعد تهديد ال50 يومًا.. ترامب يجبر أوكرانيا على التفاوض مع روسيا    «سانا»: بدء دخول الحافلات إلى السويداء لإخراج العائلات المحتجزة داخل المدينة    محاضرة فنية من فيريرا للاعبي الزمالك    ظهرت الآن.. رابط نتيجة الثانوية العامة 2025 علمي وأدبي كاملة بالدرجات ورقم الجلوس    «مايقدرش يعنفها».. إنجي علاء تدافع عن راغب علامة بعد قرار إيقافه    أحمد سعد يكشف تفاصيل وموعد طرح أغنية «اتحسدنا» من ألبوم «بيستهبل»    أمين الفتوى يحذر من إفشاء الأسرار    3 أطعمة لخفض الكوليسترول يجب إضافتها إلى نظامك الغذائي    استشارى تغذية علاجية يحذر من هذه المشروبات: ليس لها علاقة بالدايت    بالفيديو.. رقص محمد فراج وريهام عبدالغفور من كواليس "كتالوج" وبسنت شوقي تعلق    رئيس مجلس الشيوخ: حاولنا نقل تقاليد العالم القضائي إلى عالم السياسة    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    أوكرانيا تراهن على الأصول الروسية والدعم الغربي لتأمين الإنفاق الدفاعي في 2026    عروض زمن الفن الجميل في ثاني أسابيع "صيف بلدنا" بالعلمين    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    رئيس اتحاد عمال الجيزة: ثورة 23 يوليو أعادت الكرامة للطبقة العاملة    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    ضبط 4120 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    هل يواجه المستشار الألماني ضغوطا لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل؟    الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    «انتهت رحلتي».. نجم اتحاد طنجة يوجه رسالة إلى جماهيره قبل الانتقال للزمالك    تير شتيجن يغيب عن جولة برشلونة الآسيوية ويؤجل قرار الجراحة    انطلاق المبادرة الوطنية للتطعيم ضد السعار من الإسماعيلية    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    «لوي دراع».. سيد عبدالحفيظ يهاجم وسام أبو علي بعد فيديو الاعتذار للأهلي    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    نقابة أطباء قنا تحتفل بمقرها الجديد وتكرم رموزها    حملات مكثفة على مخابز الوادي الجديد ومتابعة تطبيق مبادرة حقك بالميزان    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    مصر وفرنسا تبحثان سُبل تعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    مصرع دكتور جامعي وإصابة 5 من أسرته في حادث مروع بالمنيا    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    خاص| دنيا سامي: نفسي أعمل "أكشن كوميدي".. ومبسوطة بنجاح مصطفى غريب    تفاصيل تجربة يوسف معاطي مع الزعيم عادل إمام في الدراما    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    طقس السعودية اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025.. أجواء شديدة الحرارة    اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لبحث الوضع الكارثي في غزة    "صندوق دعم الصناعات الريفية" ينظم أولى ورش العمل الاستطلاعية ضمن "حياة كريمة"    نتيجة الثانوية العامة 2025.. بالاسم ورقم الجلوس نتيجة الثانوية العامة بالقليوبية    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    ضبط شخص لإدارته كيانا تعليميا دون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    الخطيب يطمئن على حسن شحاتة في لفتة إنسانية راقية    حقيقة مفاوضات الأهلي مع أحمد حسن كوكا    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    العش: معسكر تونس مفيد.. ونتطلع لموسم قوي مع الأهلي    وزير خارجية فرنسا: ما يحدث في غزة فضيحة.. ولا مبرر لعمليات إسرائيل العسكرية    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    «الداخلية» تعلن شروط قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جعلونى مجرمًا.. فى عهد مرسى
نشر في المصريون يوم 30 - 05 - 2013

في أوائل السبعينيات تم القبض علينا نحن المشتغلين بحقوق الإنسان والتحقيق معنا بواسطة النيابة العامة التي كانت تابعة للرئيس أنور السادات.. وكان وكلاء النيابة في عام 1974 في قضايا أمن الدولة هم "رجائى العربي".. و"صهيب حافظ" و"ماهر الجندي" و"عدلي حسين".. وتطورت بهم الأحداث كما تطورت بنا فأصبحوا بعد ذلك منهم المحافظ ومنهم النائب العام ومنهم من دخل السجن بعد أن غضب عليه الرئيس المخلوع وبعد أن أصبح فى أعلى المناصب.. فكنّا نستدعى للتحقيق من وقت لآخر بسبب وقفة للجنة الحريات بنقابة المحامين.. أو مظاهرة هنا أو هناك.. أو بسبب حضورنا لبعض لقاءات الشيخ إمام في أحد المنازل التي كنّا نظن أنها سرية.. حتى قبض السادات على شخصي المتواضع بتهمة التشهير بسمعة مصر أمام العالم الخارجي.. وبسبب أني كنت أتعاون مع منظمة العفو الدولية للدفاع عن المعتقلين والمعذبين في مصر.. ولكن وللحق لم يكن السادات يبالغ في حبس الناس أو في تعذيبهم بل كان يصدر تعليماته بالحد من التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.. ثم جاء الفصل الثاني على مصر في شكل الديكتاتورية الثانية التي نظمها الرئيس مبارك.. وكالعادة كان لابد من أن أزور السادة المحققين من وقت لآخر.. كما كان لابد من أن أزور السجون من وقت لآخر.. فكنت أحيانًا أمكث سجينًا لعام كامل وكنت في أحيان أخرى أنفق ثلاث سنوات من عمري تنفيذًا لحكم صادر من قضاء عسكري.. ولكني دائمًا كنت أعرف أن وقوفي ضد التعذيب هو المشكلة التي تؤرق سيادة أي رئيس يأتي إلى مصر.. فالديكتاتور دائمًا يلجأ إلى أقصر الطرق في إرهاب الناس.. وأقصر الطرق دائمًا هي إهدار الكرامة الإنسانية واستخدام التعذيب.. وأنشأ الرئيس مبارك لدى النائب العام الذي عينه بنفسه مقبرة صغيرة ليدفن فيها النائب العام وقتئذ كل بلاغات التعذيب التي كانت تقدم له.. ثم تشيع الجثامين لهذه البلاغات بصورة سرية ولا عزاء للضحايا.. ولا أعتقد أن حسني مبارك قد قام بحبسي إلا بسبب التعذيب أيضًا.. فتارة حبسني بسبب الترافع في قضايا الرأي.. ولأن المتهمين على ذمة بعض القضايا السياسية أصروا على طلبي كدفاع عنهم.. فكانت النتيجة أنني عشت معهم في الزنازين لمدة عام.. وفي المرة الثانية تم الصراع بيني وبين وزير داخلية مبارك في البرلمان المصري فواجهته في عدة استجوابات بما يقوم به من تعذيب و من إهدار حقوق الإنسان.. فكانت النتيجة هي إعادة القبض عليّ لثلاث مرات كان آخرها حكم المحكمة العسكرية بسجني لثلاث سنوات.. ولكني دائمًا كنت أشعر بالفخر في كل مرحلة.. وكنت أتمثل القادة العظام من المحامين الذين أنفقوا عمرهم دفاعًا عن الإنسان وحقوقه.. فكنت أستحضر روح المتجرد الراحل النبيل "نبيل الهلالي".. والمحامي الفريد "فريد عبد الكريم".. والصخرة التي لا تلين "عبد العزيز الشوربجي"، رحم الله الجميع، وكنت أستحضر الدكتور العلامة "عبد الله رشوان".. أدام الله عليه الصحة والعافية... وغيرهم كثيرون حتى يصل بك المستقر في مدرسة نقيب النقباء أحمد الخواجة وكل هؤلاء تعرضوا للابتلاء بسبب دفاعهم عن حقوق الإنسان بل إنهم كانوا يدافعون عن التيارات الإسلامية بفصائلها كافة إيمانًا منهم بحق الإنسان في المعاملة الكريمة ودون أن ينتظروا منهم أبيض ولا أسود من القروش أو أخضر من الدولارات ولا تجد قضية من القضايا التي اتهم فيها الإخوان المسلمون وأنا بالطبع كنت متهمًا معهم إلا وتجد عشرات المحامين يدافعون عن حق الإخوان المسلمين في المعاملة الكريمة وينفقون من أموالهم وأوقاتهم من أجل المطالبة بحريتهم ومازلت أذكر جهود الأستاذ رجائى عطية ورفعت إبراهيم ميخائيل وفوزى جرجس ويحيى قاسم وكامل مندور وغيرهم عشرات وعشرات يبذلون الجهد من أجل عرض واحد منّا على طبيب المستشفى أو من أجل أن يدخل أحدنا امتحان الماجستير لقد كانوا جميعًا من النبل بحيث تعلمنا منهم كيف يكون البذل من أجل حقوق الإنسان بل إن زيارات الأستاذ رجاء عطية لنا في السجون فاقت في عددها زيارات أكثر الناس قربًا وولاءً.
.. إلى أن أتت الديكتاتورية الثالثة والتي نعيش بين شوكها الآن.. فإذا الذين كانوا بين الأقفاص يعانون من انتهاك حقوق الإنسان يأتي منهم من ينتهك حقوق الإنسان فإذا ما نبهناه إلى التعذيب قام بفعل ما كان يفعله غيره فيستنكر علينا ذلك ويغض الطرف عن الحق والحقيقة وفى يوم الإثنين الموافق 27 من مايو وفى تمام الساعة العاشرة كانت بداية الصراع بيني وبين الدكتاتورية الثالثة فتم التحقيق معي بمكتب النائب العام حول ما صرحت به في بعض القنوات الفضائية من أن تعذيبًا يجرى على أرض مصر يمس أطفالها وفتياتها وشيوخها وأن سجن العقرب قد عاد من جديد بكل ما يحمله من قسوة ومن تلوث وأن المتهمين في جمعة التطهير قد كان منهم نسبة كبيرة هم أقل من عشرين عامًا وكان منهم نسبة أخرى أقل من خمسة عشر عامًا وما كان لهؤلاء الصغار أن يحبسوا في الأقسام أو يضربوا أو يتعرضوا للتعذيب ولم يكن من الضباط من يشفق لحالهم. إلا أن أحد الضباط المصريين أشفق لحال أحد المقبوض عليهم وكان مصدر شفقته هو خوفه من السفارة الأمريكية وليس خوفه من الله فقام بإثبات التعذيب الذي وقع على المواطن الأمريكي الوحيد الذي كان من بين المقبوض عليهم واسمه "أندرو" أما بقية المصريين سواء من الأطفال أو من الشيوخ فقد نالهم من البطش ما نالهم.. المهم أيها السادة الكرام أننى حينما تلقيت مكالمة من السيد الفاضل المحامى العام قمت من نومي منشدًا "حي على الجهاد" وظللت أتغنى بنشيد "والله زمان يا سلاحي" فلطالما أرعب هذا السلاح الرئيس حسنى مبارك وقد لاحقته به في الاستجوابات التي قدمتها في البرلمان المصري عام 87 وطعنته به في المظاهرات التي قدمتها نقابة المحامين تأبينًا للمرحوم عبد الحارث مدني الذي قتلته سجون مبارك وواجهته به يوم أن أجبرت على حضور له فلم أقف ولم أصفق له ولم أؤيده ما حييت.
"والله زمان يا سلاحي" عبارة أفتخر بها فالجبابرة والطغاة لا يخافون إلا من سلاح الكلمة ومن اللسان الحر الذي لا يشتريه منصب ولا يبيع الآراء والمبادئ في سوق الهوان تحت أقدام الحكام وكان العزاء وأنا أمام المحقق أنى أمثل الحبة الأخيرة في مسبحة الذين حقق معهم أمام النائب العام بسبب الرأي أو الفكر مهما كانت الاختلافات بيننا وتعجبت أن كل ما أواجه به هو مقال للأستاذ جمال سلطان نقل فيه بعض عباراتي عن التعذيب وأشفقت على أبناء قومي فحينما يكتبون يحاسبون وعندما يصمتون يستعبدون فأي الطريقين أكثر عزة؟!
أما ما أسعدني في هذا الصراع الجميل فهو اهتمام المحامى العام الذي كان يجري التحقيق بما قدمت من مستندات تفيد وتثبت وجود التعذيب في سجون وأقسام مصر وتعطشه إلى الاستماع لمزيد من الشهود والأدلة كما أسعدني حماس مستشار مساعد النائب العام وحرصه على ألا يكون على أرض مصر شيء من التعذيب أو العذاب أو المعذبين وإننى أقول له إنها منظومة كبيرة يا سيدي ولن تنتهي إلا إذا علم الناس والحكام قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.