يقطن الشيخ "سليمان على ندا" البالغ من العمر 99 عامًا قرية "نوب طريف" التابعة لمدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية ويعد أكبر شخص بالقرية بمنزل مكون من ثلاثة طوابق تطغى عليه المدنية الحديثة ويقطن المنزل عائلته من أولاده وأحفاده. كان سليمان محظوظًا لبقائه تلك المدة على قيد الحياة وهو من مواليد عام 1914 بل كان محظوظًا أيضا لمعاصرته الأديب "أنيس منصور" أحد أبناء القرية فهو من قام بتربيته وهو صغير وحمله على كتفه إلى المدرسة فكان يعتبره ابنًا من أبنائه حتى وافته المنية عن عمر يناهز 86 عامًا وظل سليمان على قيد الحياة لينعاه وهو شديد الحزن على فراقه قائلا: "رحمك الله يا منصور". تزوج الشيخ مرتين أنجب خلالهما 22 ولدًا بقى منهم على قيد الحياة 13 جميعهم متعلمون ومنهم من يعمل بوظائف مرموقة بالقاهرة والإسكندرية وعمل سليمان بوظائف شتى ليست بالدقهلية فقط بل عاش فترة من حياته بالقاهرة وعاصر كل من هتلر والسلطان حسين والملك فؤاد والملك فاروق لكنه لم يرض عن حكمهم للبلاد. ولم يدخل الشيخ الجيش لأنه كان الابن الوحيد ولم ينخرط فى السياسة فترة شبابه، ودائما يردد "لقد أنهيت حياتى الدنيا، وبدأت بحياة جديدة أتمنى خلالها لقاء الله على خير، ويكفى أداء رسالتى تجاه أولادي. وتبدو ملامح كبر السن ظاهرة تمامًا على وجه الشيخ إلا أن ذاكرته قوية جدا، حيث استطاع استعادة أحداث سنوات بعيدة بوعى كامل وكان يرويها بصوت عال لمعاناته من ضعف السمع وهو الأمر الذى يصيب كبار السن عادة.
وأوضح الشيخ سليمان أنه عمل فراشا لوالد أنيس منصور "محمد منصور" الذى كان يعمل ناظرًا للزراعة ثم انتقل للعمل بالقاهرة كاتبا مع زوج ابنته " محمد على"، وأن الاسم الحقيقى ل أنيس منصور هو" صلاح " ولكن سماه والده بهذا الاسم وعرف به. وأضاف أنه كان يحمل أنيس منصور على كتفه ويذهب به إلى مكتب والده فكان منصور يناديه بسليمان دون ألقاب وكان يصطحبه أيضا إلى المدرسة ويصطحبه عقب ذلك إلى الكُتاب ليحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ "سيد" الملقب بأبو محمد وكان لذلك الكُتّاب حكايات عديدة حكى عن بعضها فى كتابه "عاشوا فى حياتي". وتابع الشيخ قائلا: " من المواقف المهمة التى لن تمحى من ذاكرتى عندما ذهبت إلى زيارته عندما كان يعمل صحفيا بالأهرام عام 1950 وطلبت من الموظف المختص مقابلته، استهزأ بى ولم يصدق أنى أعرفه شخصيا ولكن بمجرد أن عرف أنيس منصور بوجودى طلب من الموظف مسرعا أن يدخلنى إليه وقابلنى مقابلة طيبة وأتذكر شكل مكتبه حتى الآن فكان يحظى بمكانة داخل الآهرام وتذكرنا أيام طفولته سويا".