كيف تكون مصر هى الرابح الأول؟ ما أن أعلن الفريق أول السيسي أن الجيش لن ينقلب على الشرعية وأنه ملتزم بتأمين الانتخابات لحراسة إرادة الشعب، ومطالبته لجميع الفرقاء بعدم اللعب مع الجيش لأنه نار ستحرق من يلعب بها، حتى فوجئ المصريون باختطاف الجنود، وبالطبع لا نتهم المعارضة وجبهة الإنقاذ بأنها تقف وراء الاختطاف، إلا أننا لا يمكننا تجاهل الشماتة التي ظهرت في الخطاب الصادر عنها، واستغلالها الحادث للنيل والكيد للرئيس، ومحاولة الوقيعة بين الجيش والرئاسة من خلال ترويج شائعات عن خلافات بين الرئيس والجيش حول طريقة التعامل مع الأزمة، بعد أن روج الإعلام أن الرئيس يرفض الموافقة للجيش على القيام بعملية عسكرية لتحرير الجنود. -وبعد أن انتهت العملية دون أن تراق نقطة دم بفضل التعاون بين الرئاسة والجيش والمخابرات، أصبح هناك سؤال مطروح بقوة عن الرابحين والخاسرين من نجاح العملية، كما أن هناك تساؤلات عن النتائج المترتبة عليها. - الرابحون على رأسهم الرئيس والجيش حيث نجحوا فى إنهاء العملية دون التورط فى مواجهات عسكرية مع أشقائنا في سيناء كانت ستسبب جرحًا سيصعب علاجه، كما كان سيفسد العلاقات الممتازة التي أقامها الجيش طوال عقود مع قبائل سيناء كان ولا يزال لها دور كبير في التصدي لإسرائيل ومحاولاتها اختراق سيناء. -أما الخاسرون فهم كثيرون داخل مصر وخارجها مثل أحزاب المعارضة وعلى رأسها جبهة الإنقاذ بعد أن راهنت على استغلال الأزمة لتحريض الجيش ضد الرئاسة والإخوان بحجة أن الرئيس وجماعته يهينون الجيش ويقللون من هيبة الدولة بسبب طريقة تعاملهم البطيئة مع عملية تحرير الجنود، أيضًا الفلول الذين يتمنون أن تغرق مصر فى المصائب بسبب كرههم لمرسي والإخوان، ومازالوا يحلمون بسقوط النظام الحالى على أمل أن يعود نظام حكمهم البائد، كما أن جهاز أمن الدولة "الأمن الوطني" من أكبر الخاسرين حيث كان يحلم بأن تكون عملية اختطاف الجنود بمثابة حصان طروادة ليعود من خلالها إلى سيرته الأولى ليعربد من جديد ويعتقل الناس ويشردهم وينتهك الحرمات تحت ستار حماية أمن البلاد، خاصة وأنه حصل على الدور الأكبر للعمل في سيناء في عهد الرئيس المخلوع على حساب المخابرات الحربية والمخابرات العامة بعد تفجيرات طابا عام 2004. -أما الخاسرون بالخارج فعلى رأسهم إسرائيل التى كانت تأمل فى أن يتورط الجيش فى حرب ضد القبائل مما يجعل سيناء منطقة غير آمنة بصفة مستمرة ليخاف المستثمرون من إقامة أى مشروعات لتنميتها وجذب المواطنين للعمل والإقامة بها حتى تظل خالية من السكان ليسهل إعادة احتلالها في أي وقت، خاصة وأنها تعلم أن عمران سيناء يجعل احتلالها صعبًا، وهو ما ظهر في تجربتها في جنوب لبنان حيث لم ينجح الجيش الإسرائيلي في احتلاله بسبب الكثافة البشرية العالية، أيضًا بعض أنظمة الحكم العربية التي تمول الثورة المضادة في مصر على أمل أن يسقط نظام الرئيس مرسي وتفشل الثورة المصرية التي يمثل نجاحها خطرًا كبيرًا على استمرار هذه الأنظمة. -أما النتائج المترتبة على تحرير الجنود سلميًا فمن بينها أنها ستعطى للرئيس مرسى فرصة جيدة للوصول إلى حلول ترضي أهل سيناء لتنهي المظالم التي يعانون منها منذ عقود ومن بينها المطالب الخاصة بتوفير محاكمات عادلة تتوافر فيها النزاهة والشفافية لأبناء سيناء المسجونين بأحكام صادرة من محاكم أمن الدولة في عهد الرئيس المخلوع، كما ستوفر أجواء مناسبة لتحسين أحوال القبائل السيناوية وهو أمر شديد الأهمية حتى تكون "مصر" هي الرابح الأول, عن طريق: -- حتمية استغلال هذا الموقف الإيجابي بإعطاء أولوية قصوى لمشروع استراتيجي يلتف حوله المصريون وهو "تنمية سيناء" لأنه المشروع الوحيد الذي يعتبر انجازًا هائلًا في جميع المجالات, مثل الأمن القومي في مواجهة أطماع إسرائيل فضلًا عن دعم الموقف العربي والإسلامي بشأن قضية المسجد الأقصى, وكذلك اقتصاديًا لما في سيناء من خيرات معروفة وبالتالي اجتماعيًا وديمجرافيًا لنقل الملايين, خصوصًا الشباب الجالس بالمقاهي, إلى هناك لتخفيف الكثافة بالعاصمة التي تكاد تنفجر.. لو كنت مكان الرئيس لدفعت المصريين دفعًا مع تقديم حوافز هائلة لمن يتجه لهناك فلا جمارك ولا ضرائب ولا حتى مصاريف مدارس أو علاج والمحصلة المالية للدولة ستكون إيجابية. د.حسن الحيوان hassanelha iwan@hotmai l.com