افتتاح مشروعات تعليمية وصحية بجامعة بنها بملياري و350 مليون جنيه    قفزة جديدة ب86 مركزا ضمن Us العالمي.. تصنيف جامعة دمياط 1322 (تفاصيل)    رسميا الآن عبر بوابة الأزهر.. موعد التقديم لمرحلتي رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي بشمال سيناء    مواهب ذوى القدرات تحتفى ب «السيد المسيح» بالأوبرا    محافظ الفيوم: حركة تنقلات موسعة تضمنت رؤساء المراكز والمدن والوحدات المحلية    نواب المعارضة ينسحبون من مناقشات الإيجار القديم.. ووزير الشؤون النيابية يُعيدهم للقاعة    وزير المالية: الموازنة الجديدة تستهدف خفض الدين وزيادة دعم الصادرات والأجور    محافظ كفر الشيخ: بدء إصلاح طريق صندلا- الجوهري فورًا ووفق أعلى المعايير    أردوغان: نتنياهو التهديد الأكبر لأمن الشرق الأوسط    إيران تشيد بمبادرة مصر فى إصدار بيان عربي إسلامي يدين اعتداءات إسرائيل على طهران    باكستان تقرر إجلاء أسر الدبلوماسيين والموظفين غير الأساسيين من إيران    ميسي يعلق على هدية باجيو بعد مباراة الأهلى فى افتتاح كأس العالم للأندية    مواليد 2004.. من هي زوجة ناصر منسي نجم الزمالك؟    إصابة قوية تبعد ميتروفيتش عن الهلال قبل مواجهة ريال مدريد في مونديال الأندية    قبل بالميراس.. 3 أهداف حمراء في مواجهات الأهلي والأندية البرازيلية    إصابة 5 أشخاص في تصادم سوزوكي بعمود إنارة بالسلام    تفاصيل إنهاء سيدة لحياة ابنتها بإحدى قرى كفر الشيخ    صورة- بدء عزاء نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    مصطفى كامل يطرح دنيا وقلابة.. رابع أغاني ألبومه الجديد    هند صبري فنانة مصرية.. إلهام شاهين ترد على مطالب ترحيلها (فيديو)    أكاديمية الفنون تعرض الفيلم المصري الغنائي «أنشودة الفؤاد»    إلهام شاهين عن انتقاداتها على السوشيال ميديا: «عادي أنا متعودة» (فيديو)    أستاذ الدراسات الإيرانية: إيران لن تجلس على مائدة مفاوضات إلا مع توقف العمليات الإسرائيلية    خالد الجندي يروي قصة رمزية عن الحياة والموت: مرآة لحال كثير من الناس    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    هل شرب الزنجبيل قبل النوم ينقص الوزن؟    الصحة: 20 % من عدد المواليد في مصر ناتجين عن حمل غير مخطط له من الأسرة    بيريرا: لم أختر كل شيء في وجودي بلجنة الحكام.. والمجاملات كانت معيارًا أساسيًا    تشكيل كأس العالم للأندية - مونتييل أساسي مع ريفر بليت.. ومهاجم وحيد ل أوراوا    نائبة التنسيقية: انتشار حفر الآبار العشوائي يهدد التربة والمحاصيل وثروات الدولة    غدًا.. أحمد فتحي ضيف فضفضت أوي على WATCH IT مع معتز التوني    وزير الصحة يعقد اجتماعا لمتابعة الموقف التنفيذي لميكنة منظومة التأمين الشامل    القوات المسلحة الإيرانية: سيتم تنفيذ العملية العقابية قريبًا    واشنطن تحشد طائرات التزود بالوقود جوًا في الشرق الأوسط استعدادًا لتصعيد محتمل    براءة الفنان محمد غنيم بعد التصالح مع طليقته    هل تشتعل «حرب» عالمية ؟    شكوك حول مشاركة مبابي في مباراة ريال مدريد والهلال السعودي بكأس العالم للأندية    "قصر العيني" يستقبل سفير الكونغو لتعزيز التعاون الأكاديمي في إطار تدشين البرنامج الفرنسي    مجلس النواب يوافق علي خمسة مشروعات قوانين للتنقيب عن البترول    مصرع شاب في حادث دراجة بخارية بالمنيا    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    في أقل من شهر.. «المشروع X» يفرض نفسه في شباك التذاكر    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    شملت افتتاح نافورة ميدان بيرتي.. جولة ميدانية لمحافظ القاهرة لمتابعة أعمال تطوير حى السلام أول    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    ضبط 18 متهمًا بحوزتهم أسلحة و22 كيلو مواد مخدرة في حملة أمنية بالقاهرة    الجيش الإسرائيلى يعلن مقتل رئيس الأركان الجديد فى إيران على شادمانى    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    الغردقة.. وجهة مفضلة للعرب المهاجرين في أوروبا لقضاء إجازاتهم    مصر تبحث مع وفد مؤسسة التمويل الدولية (IFC) تعزيز التعاون ودعم أولويات الحكومة    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمعة حرّى على رحيل د. عصام الشربيني
نشر في المصريون يوم 15 - 02 - 2010

1- لم أشعر من قبل بشعور "اليٌتم" إلا في يوم الجمعة 6 نوفمبر 2009.. يوم أن وارينا – الثرى – أستاذنا و فقيدنا العظيم د. عصام الدين حامد الشربيني .. لقد مات أبي – رحمه الله – عن عمر يناهز 56 سنة و لم أكن موجوداً عند الوفاة (و لذلك قصة)، ثم ماتت أمي –رحمها الله – و دٌفنت بإمارة الشارقة (ولذلك قصة أخرى)، ثم مات شقيقي المحامي "محمد المؤتمن" – قبل ثلاثة سنوات – رحمة الله – و حٌرمت من حضور جنازته (و لذلك قصة ثالثة)، و لقد تأثرت بغياب أولئك جميعاً، لكن أشهد أن التأثير بموت فقيدنا يختلف: نوعاً و عمقاً.
2- إن عثور المرء على أخ يتفق معك في الرؤى حول الأحداث و المواقف و الأشخاص يٌعد أمراً نادراً في زمننا هذا، فما بالك إذا كان الأمر ليس اتفاقاً في الرأي و حسب و لكنه إتحاد تام: هنا يتجلى حجم المصاب و فداحته.
3- لقد ألزمت نفسي أن أزوره دائماً يوم أن تفرق عنه العاقون !!
و في الفترة الأخيرة كثّفت من زيارتي له، فما من أحد يزورني من خارج الكويت إلاّ و آخذه معي إليه، كان هذا قبل قدوم شهر رمضان ثم العيد و بعده ، جاء – من البحرين – عبد الرزاق المحمود – و كثيراً ما كان يراه قبل الغزو العراقي،و رغم دخوله المجال الصوفي البحت إلا أنه ارتاح له كثيراً .. و جاء من ماليزيا – محمد رسلى – مندوب الحزب الإسلامي .. و جاء من اليمن و من بريطانيا و كان آخر هذا الرهط الكريم – من الكويت – فضيلة الشيخ "أحمد الجمل" – كان آخر من زاره – قبل وفاته – بحوالي عشرة أيام.. و لأنه من بلدته " المنصورة" حيث نشأ – فقد طالت الجلسة و جاء ذكر الرجل العظيم "د. محمد خميس حميدة" عضو مكتب الإرشاد – رحمه الله – و دوره في أحداث عام 1954.. و طلب مني الفقيد أن آتي بالشيخ "الجمل" مرة أخرى.. ليواصل الحديث معه خاصة و أن والد الشيخ كان عضواً في الهيئة التأسيسية لجماعة الأخوان المسلمين.
4- للإمام الجليل و الصحابي المعروف "عبد الله بن مسعود" قول منسوب إليه، يقول: [ من أراد منكم أن يسْتن: فليسْتن بمن قد مات فإن الحي لا تٌؤمن فتنته] و من خلال معايشتي و صحبتي التي امتدت لأكثر من 44 عاماً فإني أشهد أن أخانا الفقيد كان حريصاً على "كمالات السلوك": عملاً و ليس قولاً و تنظيراً، و ينتظم – في هذا – عمله الطبي و عمله الدعوي، و لعل أبرز القيم التي يتحلى بها: قيم الزّهد – الثّبات – الوفاء – قول الحق و عدم السكوت على العوج.
• كان زاهداً – بحق – في المسكن المتواضع و في المأكل و الملبس، و يتحرىّ الحلال في كل ذلك، و لقد صاحبته في سفر و تعاملت معه بالدينار و أشهد أنه من الصادقين. كان معرضاً عما ألفه البعض من زخرف الدنيا، و كانت سعادته في غشيان مجالس العلم،و كم كانت نفسه في حٌبور، يوم زيارة العالم الجليل فضيلة الشيخ "بدر المتولي عبد الباسط"، و كان يحرص على أن أكون معه في ضيافة هذا العالم الجليل، و كان دائماً يذكر بالإجلال و التقدير العلماء الأثبات محمد أبو زهرة، عبد الوهاب خلاف، علي الخفيف، عبد الله دراز، محمود شلتوت، محمد الخضر حسين، و غيرهم، إنه بقدر ما كان عازفاً عن حطام الدنيا، كان نهماً إلى سماع و مطالعة مواريث السماء.
• و في "الثبات"، كان على خط الأمام البنا، و قد عايشه واقعاً و ممارسة.. و كان يرى أن الاجتهادات التي قام بها البعض، قد انحرفت عن هذا الخط، و أنه لابد من تعديل المسار و العودة إلى الأصل، و كم اختلف مع الآخرين، و تحمّل مع غيره ضريبة هذا الاختلاف، و هناك أكثر من شريط يحمل من الأمثلة و الشواهد ما يدل على صدق مقولاته كلها.
• و في مجال "الوفاء" كان في قمة هذه الخصيصة، التزاماً و أدباً، نحو دعوته و رموزها الكبار، فإن ذكر أستاذنا د. حسان حتحوت فيذكره على أنه أستاذنا رغم أن فارق السن لم يكن كبيراً (خمسة سنوات فقط)، و كان يقول لي "يا شيخ مأمون خلّ إخوانك يطالعوا ما كتبه أستاذنا حسان: (أ) "العقد الفريد 1942-1952" (ب) على هذا ألقى الله"، إن هذين الكتابين يهما من المفاهيم ما يعتبر زاداً بعيداً.. بعيداً جداً عن حظ النفس، و كان يصف أستاذنا " د.توفيق الشاوي" بأنه وٌلد كبيراً و عاش كبيراً... و عندما أسرد بعض الأسماء من زيد أو عمرو، و بعضها حطّ من قدر هذا الرجل العظيم – و الكلام مسجّل في شريط – كان يقول "دعك من هذا الكلام.. هؤلاء صغار.. فقط فالحين في التحشيد و التجنيد و الجباية و الخراج"!! ثم يذكر أستاذ الجميع أستاذنا محمد فريد عبد الخالق –آخر عضو مكتب الإرشاد في زمن الإمام البنا – و كان أول رئيس لقسم الطلبة في الجماعة منذ الأربعينات – و الجميع تربّى على يديه – و لكن فقيدنا (حزين)، لأن أستاذ الجميع لازال حياً و لكن البعض يهجره – و لا يزوره و لا يستثمر الكم الهائل الذي يملكه من تراث الجماعة، [أليس هذا بٌعداً عن الصواب.. إن جماعة لديها أستاذنا محمد فريد عبد الخالق و لا تسال عنه هي جماعة في حالة إعياء كحالتي الآن]
• و في مجال قول الحق و عدم السكوت على العوج: فحدث و لا حرج.. فقام ناصحاً و مٌنّبهاً إلى بعض الأخطاء التي تراكمت دون علاج.. ثم مٌحذراً عما تؤول إليه الأمور، لقد جاءت إليه المسئولية، و يوم أن وجدها تحيد – تحت ضغط البعض- تركها و لم يبالي.
• إن قضيتنا المركزية الآن هي مصر – و هنا أسجل له آخر ما قاله:
أ‌- أنا لا أسمح لنفسي و لا أرضى لغيري أن تهاجم بلدي مصر من أي إنسان خارج مصر.. من يريد أن يهاجم و عايز يكون (جدع) فليذهب إلى هناك، و ما يسمى بلجنة إنقاذ مصر في لندن و غيرها أمور خاطئة لا نقرها و لا ندعو إليها.
ب‌- مصر هي القضية المركزية: و لن تحل قضية فلسطين اليوم و غداً إلا إذا حٌلت قضية مصر.. و ذلك بأن تعود (مصر) كبيرة كما كانت.. لقد أهملنا هذا و أخذتنا العاطفة و شحذنا كل الهمم و الطاقات و لم نقصّر في المدد المالي و البشري – و أنت تعلم هذا و شاركت فيه – و نسينا تماماً بلدنا، لابد من إعادة ترتيب جدول الأولويات، و كان الإمام يستطيع إرسال آلاف المتطوعين لفلسطين، و لكنه أرسل الآحاد فقط و ليس من كل الشٌعب، و لماذا؟ لأنه كان يرى أن المعركة الحقيقية ليست هناك في فلسطين.. إنها هنا في مصر، هل يعي إخوانك الآن هذا البعد الاستراتيجي؟ أم أن العاطفة التي نشأنا عليها و ظلت معنا إلى الآن هي المحرك لحركتنا؟
5- لقد استرسلت كثيراً، و الحديث ذو شجون، و لكن حسبي أن اذكر شيئاً مما كان يعتمل في صدر الرجل قبل وفاته مباشرة، لعله يلقى الضوء على بعض ما كنا نجهله من فكر الرجل الذي حركته الأحداث و تطور معها و أصبح يمتلك وضوح المنهج و يمتلك أدواته الصحيحة في آن واحد و من هنا تأتي خسارتنا الحقيقية التي عبر عنها الشاعر:
سأبكيك ما فاضت دٌموعي فإن تغض فحسبٌك منّي ما تٌجّن الجوانح
فما أنا من رٌزء و إن جلّ جازع و لا بسٌرورٍ بعد موتك فارح
كأن لم يمت حيّ سواك و لم تقم على أحدٍ إلا عليك النّوائح
محطات صغيرة:
1- هذا المقال كتبناه و أرسلناه لمجلة المجتمع بناء على رغبة الشاب النشط (شعبان عبد الرحيم) مدير التحرير، و قد تم – للأسف – شطب حوالي تسعة (9) أسطر دون إذن مني أو بلاغ. و اليوم ينشر المقال الأصلي دون حذف لأن أجواء الحرية في صحيفة (المصريون) متوافرة و لله الحمد. و يأتي هذا النشر بناء على رغبة إخوة كرام رأوا أن ذلك أدعى أن يطالعه عدد أكبر.
2- الردود التي كانت على المقال الماضي بعضها يحمل أسماء غريبة و رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه و آله و سلم قد نهى عن تسمية الأسماء التي لا تليق بالإنسان و كثيراً ما غير أسماء لم تكن طيبة – عموماً فلن أرد عليها لأنها لا تليق، و بعضها باللهجة العامية و لن أرد عليها لأن الله تعالى تعبدنا باللغة العربية، و بعضها تأثر كثيراً لفلان دون فلان و نسى الحدث نفسه و هذه طامة كبرى أن نركز على الانحياز للأشخاص دون الانحياز للحق و هذه إحدى ثمرات التربية الحزبية، و بعضها يحمل الدعاء لنا بظهر الغيب، و أبادله كما أشكر "محمد نصر" على رسالته التي تحمل معاني جميلة خاصة في مجال (ترقيق القلوب) و التي نفتقدها وسط عالم السياسة.
و أنبه على بعض القارئين أن يطالعوا ما كتب دون خلفية سابقة، أو تعصب لجماعة، و ليعلموا أن المؤمن و المسلم عامة ينبغي عليه أن يكون وقافاً عند الحق رجاعاً إليه مهما كان مٌراً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.