فور وقوع الإعتداء الإجرامى على بعض المسيحيين فى نجع حماد،هب المجتمع المصرى بجميع طوائفه لإدانة الحادث،وباشرت الدولة مسؤلياتها الدستورية فى التحقيق وضبط الجناة وتقديمهم للمحاكمة، وحفظ الأمن العام والنظام العام . ولكن أعداء الوطن فى الداخل و الخارج لم يعجبهم ذلك ،وراحوا يصطادون فى الماء العكر. و من ذلك تصوير الحادث على أنه حرب أهلية ضد المسيحيين لإنهاء الوجود المسيحى فى مصرحتما، وقد نشرت ذلك صحيفة الجارديان البريطانية على لسان أحدهم ،وأنا هنا أستخدم لفظ "مسيحى" وليس "قبطى"لأن القبط فى اللغة هم سكان مصر ،وبالتعبير المعاصر هم مصريوا الجنسية، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين ،وإن كان هناك خطأ شائعا فى قصر كلمةالأ قباط على المسيحيين فقط. ومن ذلك أيضا محاولات العديد من الصحف الغربية بالاضافة إلى إسرائيل، إظهار جريمة نجع حمادي وكأنها حرب طائفية بين الغالبية المسلمة والأقلية الأقباط.. والمسيحيون المصريون هم أول من يعلم أن هذا التصوير غير صحيح . وتدليلا على ذلك ،فقد أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن عدد سكان مدينة نجع حمادي يبلغ نحو 50 ألف نسمة يشكل المسيحيون منهم نحو 10% من عدد سكانها، إلا أن بعض المسلمين والمسيحيين الذين التقى بهم مراسل الصحيفة،والذين يعملون بأحد مستودعات الأدوية ،أكدوا له أنهم يعملون معا وتربطهم صداقة وليس بينهم مشاكل ولا مخاوف، وإنهم دوما يتناولون الطعام معا ،كما أكد خمسة مسيحيين وثلاثة مسلمين آخرين التقى بهم المراسل أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين طيبة، وأشار محامى مسيحي إلى أن معظم موكليه من المسلمين، في حين أكد رجل أعمال مسيحي أن معظم موظفيه من المسلمين، وان صداقات كثيرة تربط بين مسلمات ومسيحيات. وقد حذر الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية وهو يتحدث و فى جلسة لمجلس الشورى حول هذا الحادث ،من أن هناك قوى شريرة تستغل أحداث مدينة نجع حمادى الأخيرة للنيل من الوحدة الوطنية، بتضخيم واختلاق الأحداث للوصول إلى أهداف تضر بمصلحة مصر ،وقال إننا لاحظنا أن هناك جهات خارجية وأجهزة إعلام كانت تختلق أحداثا وتقوم بتغطية لها لا تتسم بالدقة وغير صحيحة على الإطلاق. وتناول الدكتور مفيد شهاب التحركات التى تمت منذ بداية هذه الأحداث وحتى الآن فقال، إن الرئيس حسنى مبارك أدان بقوة وحزم الحادث الإجرامى، ووصفه بالجرح الذى أدمى قلوب المسلمين والأقباط، وطالب كافة القوى بمحاصرة الأفكار الخاطئة، كما حذر من مخاطر المساس بوحدة الشعب والوقيعة بين المسلمين والأقباط. ومن الذين را حوا يصطادون فى الماء العكر البرلمان الأوربى الذى أعلن أنه سيناقش هذا الحادث !! وقد أعلن الدكتور مفيد شهاب الموقف الرسمى لمصر وهو رفض تدخل البرلمان الأوروبى فى هذا الموضوع ، لأنه يتعلق بشئون داخلية، مضيفا أن مصر هى صاحبة الحق فى الحديث عنه. ومن ناحية أخري، وفى الجلسة العامة التي عقدها مجلس الشعب لمناقشة تقريرلجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس لبحث الأحداث المؤسفة التي وقعت بنجع حمادي بمحافظة قنا ومعرفة ملابساته وما اتخذته الأجهزة التنفيذية والشعبية لحل تلك المشكلة من جذورها، فقد اتهم الدكتور فتحي سرور البرلمان الأوروبي بالتدخل في الشأن الداخلي المصري بسبب الإعلان عن مناقشة حادث نجع حمادي وقال إنه لايجوز اعتبار حادث فردي إجرامي دليلا علي وجود صراع ديني في مصر وانتقد من يروجون لصراع الأديان وكراهية الأجانب في بلادهم ،وأشار إلي رفض أقباط مصر منذ مئات السنين لادعاءات الأوروبيين بأن الأقباط أقلية ويريدون حمايتها حيث تصدي الأقباط بجانب المسلمين في الغزوات الأوروبية التي أسماها الأوروبيون الحروب الصليبية. ونحن نقول للبرلمان الأوربى أنكم بذلك المسلك تؤكدون أنكم أنتم العنصريون وتسعون إلى إثارة الفتن الطائفية فى مصر، فأين كنتم حينما نصبت إسرائيل المحرقة فى غزة مؤخرا تحت شعار أو عنوان" الرصاص المصبوب"؟ وأين أنتم من إعلان اسرائيل أنها ستقوم بنصبها مرة أخرى تحت شعار " الرصاص المصبوب 2" ؟ وأين أنتم من تقرير لجنة التحقيق الدولية التى شكلها المجلس المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف برئاسة القاضى اليهودى الدولي الجنوب إفريقي ريتشارد جولدستون ،الذى قاطعته إسرائيل وهددته هو ولجنته، بينما رحبت به الحكومة الفلسطينية المُقالة في غزة، وتعاونت معه حركة حماس تعاونا أشاد به ،لم تمنعه تهديدات وجهتها له جهات في إسرائيل ويهود من بلده جنوب إفريقيا من أن يجرى تحقيقاته ويقدم تقرير اللجنة النهائي إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان ، والذى خلص في نتائج تحقيقاته إلى القول إن جيش الاحتلال ارتكب جرائم حرب، و جرائم ضد الإنسانية،، وهو التقرير الذى وصفه الخبراء بأنه "الأنزه" في تاريخ التقارير المشابهة الصادرة عن الأممالمتحدة. هل سيقدم مجرموا الحرب الإسرائيليين إلى المحاكمة ؟ بالقطع لا وفي أحسن التوقعات ،فإن هذا التقرير سيضاف للعديد من القرارات الدولية للحفظ في أرشيف الأممالمتحدة ، فهو لن يكون أحسن حظا من القرار رقم 194 الخاص بحق العودة ، وقرار 242 الخاص بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 ،وغيرها . وماذا فعلتم عندما نشرت صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية في 17 أغسطس الماضى تقريراً لمراسلها في الأراضي الفلسطينية المحتلة دونالد بوستروم أفاد فيه بأن جنوداً إسرائيليين قاموا عمدا بقتل شبان وأطفال فلسطينيين لسرقة أعضائهم والمتاجرة بها ، قائلا :" إسرائيل كانت تعتقل شبانا فلسطينيين في الليل وتقتلهم وتستأصل أعضاءهم وتدفنهم بسرية"، حيث رفض وزير خارجية السويد كارل بيلدت أثناء تولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوربى طلب إسرائيل بالإعتذار عما نشرته الصحيفة السويدية؟ أما عن دوافع جريمة نجع حمادى ذاتها،فقد أعلن الدكتور مفيد شهاب أن تحقيقات النيابة حول الحادث أثبتت عدم وجود محرضين أو دوافع دينية وراءه، وقال أن التحقيقات أكدت أن الرصاص الذي أطلقه الخارجون علي القانون جاء بسبب مشاهدة لقطات لاغتصاب شاب مسيحي لطفلة مسلمة، مطالبا في الوقت نفسه بانتظار انتهاء التحقيقات حتي يتم الوقوف علي الحقيقة كاملة وأشاد الوزير بتقريرلجنة تقصى الحقائق ووصفه بأنه موضوعي ،وذكر أن مايثار حول وجود توتر في نجع حمادي لا أساس له من الصحة وهدفه إثارة البلبلة في الشارع المصري وقال أن الحكومة ستضرب بيد من حديد كل من يمس أمن الوطن أو سلامة المواطنين. وقالت اللجنة في تقريرها عن الزيارة الميدانية لمحافظتي قنا والأقصر لمعرفة ملابسات حادث نجع حماديأن وسائل الإعلام اتخذت من الحادث البشع ذريعة لإشعال الفتنة الطائفية في المجتمع المصري دون أن تتقصي الحقيقة،وطالبت اللجنة الإعلاميين سواء في الصحف أو الفضائيات بالتحلي بروح المسئولية وأن يتصدوا للمحاولات المشبوهة لسكب الوقود علي النار وألا ينساقوا وراء الشائعات المغرضة التي لا تستهدف إلا زعزعة أمن وأمان الوطن والوقيعة بين أبنائه. واستعرضت اللجنة في تقريرها لقاءات أعضائها مع اللواء مجدي أيوب محافظ قنا الذي أشاد بالخطط الأمنية لتأمين الكنائس خلال أعياد الميلاد، وأشار التقرير إلي هجوم المحافظ علي وسائل الإعلام التي اتخذت حسب قوله الحادث البشع ذريعة لإشعال الفتنة الطائفية دون تقصي الحقيقة. وعلى الرغم من كل ذلك ، وخلال مناقشة أحداث نجع حمادى بمجلس الشعب.. فقد حمّلت النائبة جورجيت قلينى محافظ قنا مسئولية اضطهاد الأقباط !!و أكدت أن الحادث طائفي !! وقالت إن التقرير الذي يناقشه المجلس يقول إن كله تماما :فالكنيسة تمام، والأمن كله تمام، والمحافظ تمام، فأين المشكلة؟ صحيح : أين المشكلة؟ وإلى الأسبوع القادم إن شاء الله.