يؤسفني جدًا هذا التخبّط الإعلامي الذي تقع فيه الجماعة الإسلامية وفعلًا أشعر بالحزن الشديد على الأداء الإعلامي لهذه الجماعة العريقة الحبيبة إلى القلب ليس فقط في مجال مسيرة العطاء الإسلامي والوطني وإنما لعراقتها أيضًا في الجانب الإعلامي الذي خط معالمه الأولى د. علاء محي الدين المتحدث الرسمي للجماعة الإسلامية في الداخل والشيخ طلعت فؤاد قاسم في الخارج في وقت لم تكن تعرف فيه الجماعات المعارضة هذا التطور لا من حيث السبق ولا الجرأة فقد كان النظام غير مستوعب لفكرة المتحدث الرسمي ولم يرتق فهمه الديمقراطي لإدراك دلالة وجود متحدث لجماعة معارضة كما هو الشأن في كل ديمقراطيات العالم. المهم أن المتابع للجماعة يلمس أن التخبط واضح ليس فقط في تبنيها لخطاب الشيخ عاصم والذي يتنافى مع روحها الفكرية الجديدة والتي قدمت نفسها به في الحياة السياسية وقد يدفعها ذلك إلى دفع فواتير تصريحاته قانونيًا وربما أمنيًا أقول ليست هذه هي المشكلة وإنما المشكلة تكمن في (التشتت) الذي يصيب المتابع للأداء الإعلامي ولعل من أخطر مظاهر هذه التخبط ما صدر أخيرًا حول حملة (تمرد) المعارضة لرئيس الجمهورية فقد صدرت ثلاثة تصريحات تتعاطى مع الحملة ومن المفترض أن تعبر عن رأي الجماعة الإسلامية لا سيما وأن الحملة من أهم قضايا الساعة والتي كان من الممكن أن تصدر الجماعة بيانًا يعبر عن رؤيتها كما فعلت كثير من الأحزاب والتوجهات السياسية بغض النظر إيجابية الرأي أو سلبيته: 1- التصريح الأول كان لخالد الشريف وهو المستشار الإعلامي للجماعة - والنقل من صفحته على الفيسبوك – فقد قال ما نصه (إن حملة «تمرد» تعتبر «قفزًا» على السلطة، وتفتح الباب أمام الفوضى، وليس من حق أي طائفة معترضة على الرئيس المطالبة بإسقاطه، بل يجب انتظار الانتخابات الأخرى.) وكرر ذلك في برنامج مباشر من العاصمة على قناة أون تي في. 2- وفي نفس اليوم وصف الدكتور طارق الزمر - رئيس المكتب السياسي للجماعة- حملة تمرد (بأنها عمل إيجابي وديمقراطي!! مؤكدًا أنه لا يتجاوز عملية استطلاع رأي للشعب المصري بشأن أداء الحكومة والرئاسة. 3- ثم صدر تصريح ثالث للشيخ عاصم عبد الماجد – عضو مجلس شورى الجماعة- يصف الحملة (بأنها حركة تخريبية؛ لأنها تسعي لسحب الثقة من رئيس منتخب بإرادة شعبية حقيقة). نحن بذلك أمام موقفين متناقضيْن للجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية موقف يمثله خالد الشريف والشيخ عاصم والموقف الثاني يمثله الشيخ طارق الزمر ونريد أن نعرف – كمتابعين للجماعة – أي تصريح يعتبره المراقب موقفًا للجماعة؟ وما هو دلالة هذا التناقض الواضح؟ وهل يصح أن يكون هذا هو الأداء الإعلامي؟ وهل هو راجع إلى ضعف المهنية الإعلامية التي جعلت خالد الشريف لا يعرف الفرق بين اختصاصات المستشار الإعلامي والتي تتمحور حول وضع الخطط الإعلامية ومراجعتها إلى جانب رسم الأنشطة التفصيلية وقياس اتجاهات الرأي العام نحو قرارات الحزب أو الجماعة وليس التنقل بين القنوات بصورة مكثفة وأن هذا الظهور هو من اختصاصات المتحدث الإعلامي وليس المستشار الإعلامي؟ أم أن أخانا يعبر عن رأيه الشخصي دون الرجوع إلى الجماعة؟ وهل قام الاخ خالد بإطلاع قادة الجماعة على هذا تصريحه قبل أن يطيره في الآفاق؟ أم أن هذا التناقض مؤشر خطير على أن المشكلة أكبر من كونها (مهنية) مرتبطة بالمنظومة الإعلامية وأنها في حقيقة الأمر راجعة إلى مشكلة مرتبطة بأنماط التفكير لدى قادة الجماعة الإسلامية وطريقة ممارستها للقرارات السياسية نحو القضايا المتعددة ومن ثم فلا يمكن – كما كان سابقًا – أن ننتظر في المستقبل نسقًا محددًا يعبر عن توافق فكري نحو قضايا بعينها وأن تباين التصريحات وتناقضها ليس إلا عرضًا لهذه المشكلة؟ الأمر خطير ويجب على الجماعة الإسلامية أن تتدارك الأمر فلا يصح لجماعة عريقة أن تكون تصريحاتها متناقضة.