كأن مصر التى أشرقت على الدنيا بثقافتها، وأنارت العالم بحضارتها منذ فجر التاريخ نضبت أو عقمت، فلم تعد تولى أمور الثقافة إلا لأصحاب "العاهات" الثقافية. فبعد أكثر من ربع قرن من تولى فاروق عبد العزيز حسنى، جىء بعلاء عبد العزيز وزيرا للثقافة، وما بينهما مثلهما جعلوه فانجعل وأشبه بالسراب والعدم، وزير فشل فى الآثار فأوكلوا له الثقافة، وآخر "خطف" جائزة "الدولة" بما تحمله من "رزم" تقارب ربع مليون جنيه دون أن يهم موضوعها. وجوه الشبه كبيره بين أولاد (شارع عبد العزيز) فاروق عبد العزيز (حسنى)، وعلاء عبد العزيز (مرسى).. الوزيران كلاهما بدأ عمله بمظاهرة من المثقفين ضده. الأول - فاروق حسنى قاد المظاهرة ضده الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوى، ومعه د.نعمات أحمد فؤاد، وعشرات المثقفين عقب إعلان اسمه وزيرا للثقافة، إلى درجة أن د.عاطف صدقى رئيس الوزراء "وقتذاك"، اضطر للقول بأنه وضع خمسة أسماء، وكان فاروق ترتيبه الأخير، إلا أنهم اختاروه، وبالطبع لم يجرؤ أن يقول "الهانم" اختارته. والثانى - علاء عبد العزيز - فوجئ فور إعلان اسمه بمظاهرة حاشدة ضده فى معقل عمله بأكاديمية الفنون "وأهل الأكاديمية أدرى بشعابها" وبه. وقرر أساتذة الأكاديمية عقد مؤتمر حاشد بمسرح قاعة سيد درويش التابع للأكاديمية بالهرم؛ رفضًا للوزير، وقدموا الدعوة لحضور المثقفين والمبدعين وعدد كبير من الشعراء والأدباء والمثقفين والفنانين، ودعا للمؤتمر عدد كبير من أساتذة الأكاديمية، منهم د.سامح مهران رئيس الأكاديمية، ود.أسامة أبو طالب، ود.أحمد يحيى، ود.سيد خطاب. كما أصدروا بيانًا أكد على الدور التنويرى للفن المصرى الذى سيظل دائمًا ثورة قبل وبعد الثورة، واعتبر أن الثقافة المصرية تمر حاليًًّا بابتلاء، ويتهدد الخطر حرية الإبداع، وهو ما دعا أكاديمية الفنون للتصدى لهذا العدوان؛ دفاعًا عن حق كل المواطنين فى ثقافة مصرية حرة تعبر عن ثورتهم، وتحمى معتقداتهم الدينية والفكرية والسياسية، وتصون هويتهم، وتضمن لهم الحق فى حرية التعبير والإبداع. أما عن تنصل المسئولين منه، فقد برر البعض عدم الدقة فى اختياره، بأن الرئيس مرسى وقع على اسمه على عجل وهو يهم بركوب الطائرة إلى البرازيل، وربما لو انتظر حتى عودته لتغير رأيه، خاصة أن أهم موضوع ناقشه هناك هو كيفية مواجهة العشوائيات. وجه شبه آخر بين "المستوزران" يتعلق بتزكية النظام، الأول كان يمسك "بذيل" فستان الهانم، والثانى والده محامٍ إخوانى، وهو كاتب فى جريدة الإخوان. وجه شبه فى أحوال الوظيفة قبل تولى منصب الوزارة، فالأول أقيمت ضده قضية أثناء وظيفته بألا يستحق الدرجة الأولى، حيث حصل عليها بالمخالفة، وأثناء الوظيفة صدر الحكم بأنه فعلاً لا يستحق الدرجة الأولى، وهى من حق الموظف مقيم الدعوى. أما علاء عبد العزيز فقد سبق فصله، وفشل أن ينال درجة أستاذ. أما عن وجه الشبه "الفنى"، الأول زعم أنه فنان فى الرسم، وأثبت أنه لا فارق بين ريشة الفنان وفرشاة النقاش، سوى أن كليهما يمكن أن ينتهى فى الجردل، والثانى قيل إنه ناقد سينمائى، وتبين أنه لا فارق بين شريط السينما وشريط السكة الحديد، سوى أن كليهما يمكن أن ينتهى نهاية درامية. الأول أضاع الثقافة فى مصر، وجعل صورة المثقفين مهزوزة، وكان يفخر بإدخال المثقفين (من وجهة نظره) الحظيرة، والثانى يتوقع أن "يحلق" عليه المثقفون ويدخلونه الحظيرة. وإذا كان الكلام لأهل الذكر، ففى حالة فاروق حسنى قال عنه الفنانون إن لوحاته لا تساوى ثمن الألوان أو "البوية"، ولولا منصبه لما باع لوحاته للمقاولين. وفى حالة علاء عبد العزيز قالوا عنه فى الأكاديمية - ونشرته المواقع الإعلامية - إنه مدرس مونتاج بأكاديمية الفنون بمعهد السينما، ويجب عمل "مونتاج" للمنصب واختيار غيره وزيرا للثقافة، علما بأنه أيضًا ليس بكاتب، وليس عضوا باتحاد الكتاب وليس له ثقل ثقافى. من جهته، قال د.سامح مهران، رئيس الأكاديمية، إن عقد المؤتمر هو تجمُّع لعموم مثقفى مصر؛ ردًّا للعدوان على الحركة الثقافية المصرية باختيار هذا الوزير، مؤكدًا أن الخلل ينبع من الجهل السياسى بضرورة أن تتبع السياسة من الثقافة لا العكس. وأضاف أن الوزير الجديد الذى يكيل الاتهامات للمثقفين فشل أن ينال درجة أستاذ، كما فشل فى المسار المهني، فلا تجد له إسهامًا كمونتير أو ناقد سينمائى كما يدعي، ولفت إلى أنه سبق فصله من الأكاديمية؛ لسوء الأداء، وكان من المفترض أن يمثل أمام النيابة الإدارية فى قضية البلطجة والاعتداء على سيارة رئيس الأكاديمية العام الماضي. وأضاف مهران أنه قدم للنيابة الإدارية "سى دي" مليئًا بالممارسات الفاضحة لهذا الوزير فى قضية استغلال نفوذه كعضو هيئة تدريس بمعهد السينما فى الضغط على طالبة، متسائلاً: كيف يقبل المجتمع بوجود مثل هذا الرجل وزيرًا؟! مؤكدًا أن اتهاماته موثقة، وأنه على استعداد للمثول أمام أى جهة تحقيق. وهكذا تعددت أوجه الشبه بين الوزيرين، ولكن لأنه حتى فى حالة التوائم لابد أن يكون هناك اختلاف فى صفة ما، فنحن ندعو للتفكير معنا عن هذه الصفة المختلفة بينهما.