كان من يمتهن مهنة الفن يسميه الناس مشخصاتي، وينظر الناس إليه أنه يمارس مهنة وضيعة يترفع المحترمون عنها ويحذرون أولادهم من الافتنان بها شفقة عليهم، وحرصًا على دينهم ودنياهم، وكانت لا تقبل شهادتهم لنقض عدالتهم، حتى دار الزمان دورته فأصبحوا علية القوم ويتصدرون المجالس ويشار إليهم بالبنان ويسكنون القصور ويلبسون الرياش والشفوف وصدق فيهم قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع"، وهو من لا وزن له ولا قيمة ولا خلاق له. ولكن كما قال الحسن البصري، رحمه الله،: "إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه". لم يكن الشيخ عبد الله بدر حفظه الله حكيمًا حينما تطاول على هذا الصنف من الناس، ولم يقدر قوتهم في المجتمع وسطوتهم وحب كثير من الناس لهم، فقد تبدلت أخلاق الكثيرين حتى ما عادوا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا إلا ما أشرب من هواهم، وإلا ما متعوا به أنظارهم حلالًا كان أم حرامًا. ظن الشيخ عبد الله بدر أنه يسعه ما وسع الشتامون والبذائيون، ظن أنه قد يُتساهل معه كما تم التساهل مع محرقي المجمع العلمي مثلًا أو سيارات الشرطة أو قاتلي الناس بالخرطوش والزجاجات الحارقة أو مطلقي الرصاص من فوق الأديرة والكنائس، أو مهاجمي مؤسسات الدولة السيادية. لم يدرك الشيخ أن كل أحد في مصر مباح عرضه وكرامته بدءًا من الرئيس حتى أقل واحد في مصر، إلا هؤلاء الصنف من علية القوم و أراذله، فتجرأ ووصف حالًا رآه الناس عيانًا جهارًا في أفلام علنية مصرح بها من هيئة الرقابة على الأفلام التي تصرح بكل فساد وعهر وكأن ما دون المغلظتين مباح حلال رؤيته وتعاطيه. ألم يسع قضاء مصر ما وسعهم في عدم إثبات تهمة على من تم تصويرهم حاملين للأسلحة مجاهرين برفعها والضرب بها صوتًا وصورة وتأولوا لهم، ألم يستطيعوا أن يوازنوا بين الجريمتين جريمة الفسق والفجور والمجاهرة بها وبين وصف حال أو حتى سب من مارس وتعاطى الفجور علانية أم أن تلك المفاهيم الفاسدة قد تسربت أيضًا إلى بعض هؤلاء الصفوة ، وهل أصبحت العدالة عمياء بكماء صماء على الجميع كما ترسم على جدران المحاكم إلا على أخطاء من يسمون بالإسلاميين. ألم يسع الداخلية أن تغض الطرف عن ملاحقة الشيخ كما غضت عن فلان وعلان وهم مطلوبون للعدالة معروفون بأعيانهم بل ويتحدون الجميع في البرامج الحوارية المسائية وعلى عينك يا تاجر، أم أنهم لا يغمض لهم جفن ولا يستطيعون السكوت على تطبيق العدالة إلا على الإسلاميين. لو كان جميع الناس تطبق عليهم العدالة على السواء ما رفعنا صوتنا وما نبسنا ببنت شفة، وما دافعنا عن شيخ بل وألف شيخ ما دام قد ثبت خطأه وهو يتحمله على أي حال، أما أن تكون الأمور في مصر بهذا التفلت حتى على أرفع مسئول في الدولة ثم لا يعرفون تطبيقًا للقانون إلا على كل ما هو إسلامي وينتظرون سقطته ويحصون عليه أنفاسه فهذا ما لا يقبله عقل ولا يقره منطق. إننا ننتظر من رئيسنا الإسلامي الذي أسقط جميع البلاغات عن الإعلاميين الذين شتموه وتنقصوه وخاضوا فيه بأحط ما يوصف، فما زادهم حلمه إلا سفاهة و ضلالًا، أن يجد لهذا الشيخ مخرجًا وأن ينصره كما نصر البطالين. إننا نخشى أن يذوق الإسلاميون في عهده ما لم يذوقوه في عهد سابقيه، فهل بانت بوادره باستدعاءات أمن الدولة للإسلاميين فقط ؟، بل أخشى أن يضحي بهم من أجل إثبات أن القانون يطبق على الأقربين قبل غيرهم، فهلا يا سيدي أجريت ذلك على الجميع، أم أن الإسلاميين لا بواكي لهم. صبرًا يا عبد الله بن بدر، فمحنة تزول قريبًا بإذن الله، وكل ما هو آت قريب، وإن الله ليجعل في كل محنة منحة، وأعظمها أن تحيي في قلوبنا معاني عظيمة وعبادات قلبية وعملية جليلة من الصبر والرضا واليقين والتوبة والإنابة وكثرة السجود والذكر والدعاء والتضرع والخلوة مع الله.