إنه سُعَار آخر يستبد بانفصاليي الصحراء المغربية على خلفية قرار مجلس الأمن رقم 2099 الذي يمدد مهام قوات المينورسو دون توسيعها إلى مراقبة حقوق الإنسان، بند حقوق الإنسان الذي عارضه المغرب الرسمي والشعبي أن تعتمل فيه يد السياسة مدخلًا لاقتحام القرار السيادي والتأثير فيه، هنا تكون نتيجة تأثر الداعمين للبوليساريو بهذا القرار توجيه ضربة ضد الاستقرار في الأقاليم الجنوبية المغربية ولما لا أن يشعلوا نار الفتنة بالبلاد ككل،و ذلك بتحريك أياديها لتعبث بالأمن كتهديد و إجراء تكتيكي لجر السلطات المغربية إلى استعمال العنف لمواجهتهم وهذا ابتغاء استغلال الموقف لمحاربة المغرب على جبهات عديدة انطلاقًا من شق خرقة لحقوق الإنسان. هذا المغرب الذي يحاول بشتى الوسائل و حسب الإمكانات المتاحة كسب النقط في ملف حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي الذي انخرط فيه منذ زمن بعيد قبل رَجَّة 2011 التي حدثت على طول جغرافيا الدول العربية، وهذا شيء يحتمل عدة تقاطعات في التقييم حسب النظرة و الوجهة لكن الذي يهم هو هذا العزم والنضال في الاستمرار نحو تعميق أكيد للحق والحرية والانفتاح وممارسة العمل السياسي بشكل أكثر ديمقراطية ومسؤولية رغم ما يمكن تسجيله من كبوات في الطريق وهذا لا يمكن أن يلين من العزم. إن تجنب تحويل الصراع مع البوليساريو ومن يدعمها إلى حرب أوسع نطاقًا تخرج على مستوى الحرب الدبلوماسية و السياسية تخدم الأطراف التي تعتاش من عدم استقرار الأوضاع أمنيًا و سياسيًا و اجتماعيًا مطلبًا استراتيجيًا.. حيث نجد أنه مؤخرًا التحق بركب المناورات الفاشلة ضد الوحدة الترابية للمغرب اللوبي المناصر لانفصاليي البوليساريو داخل دواليب الاتحاد الأوروبي، فيما يخص الاتفاقية الخاصة بالصيد البحري التي من المنتظر أن توقع بين المغرب و الاتحاد الأوروبي في الأشهر المقبلة حيث هناك توصية من البرلمان الأوروبي موجهة إلى اللجنة المكلفة بالمفاوضات حول هذه الاتفاقية تتناول إدماج الاتفاق بندًا يقضي بضرورة احترام المغرب لحقوق الإنسان بالصحراء ووضع آلية قانونية لمراقبة الاتحاد الأوربي لعملية صرف أموال الاتفاق المخصصة للتنمية على الصيادين و لا يخفى أن هذا المسعى يخرج المفاوضات من الشق التقني إلى آخر سياسي يصب في خانة التأثير على القرار السيادي للمغرب. بالرجوع إلى لقطات التاريخ المتوتر بين المغرب و الجزائر نجد أنه من بعد معركة إمغالًا بين يناير و فبراير من العام 1976 التي انتصر فيها الجيش المغربي على الجيش الجزائري و حاصر ما يقارب 5000 عنصر، و بعد الوساطات الدولية من أجل فك الحصار كان الرد انتقاميًا و حاضرًا في ذهنية الجنرالات، حيث احتضنت الجزائر ما سمي جبهة البوليساريو لاستخدامها ورقة ضغط واستعمالها لتناوئ بها المغرب وتضايقه على مستويات عديدة ومحافل عدة من الأممالمتحدة إلى منظمة الوحدة الإفريقية مرورًا بالاتحاد الأوروبي، من ثم ينتقل الصراع إلى دوائر أخرى و عمليات معقدة كان على المغرب أن يتحمل مسؤوليته في الدفاع عن البقاء كاستراتيجية مازالت قائمة إلى الآن، والرغبة في الرد بطريقة تردع شن هجمات محتملة من طرف البوليساريو وأذنابها. في السياق ذاته كيف لنا أن نثق في مركز "روبيرت كينيدي" الموالي بشكل مكشوف لأطروحة البوليساريو ورئيسته كيري كينيدي تروج لشريط فيديو يتضمن مشاهد من أعمال العنف ترجع إلى أحداث ما وقع في تونس من أحداث في خضم ما عرف (بالربيع العربي) وأخرى تعود إلى مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين في الدارالبيضاء استعمالها على أنها صور لانتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء المغربية؟ أليس هذا هو العبث بقيم و مبادئ سامية والزج بها في مناورات ودسائس من أجل تقسيم البلاد و اجتزاء أطرافها بدعوى أكثر من كاذبة إنها تزييف للحقائق وضحك على الرأي العام الدولي من أجل التضييق على المغرب. لقد أساءت تلك الأطراف حساباتها مرارًا وتكرارًا، وبالغت في استعراض قوتها في أوضاع مماثلة، لذا فإن احتمالات وقوع تصعيد ستكون كبيرة وما هذه الهجمة على المغرب من منطلق ضرورة احترامه لحقوق الإنسان سوى لبنة في بناء خطة متكاملة الأركان للتأثير على قرار تشبث المملكة بمبادرة الحكم الذاتي واللعب في اتجاه إعادة تقويمها ولما لا إعادة النظر في صيغتها بما يخدم الأجندة الخارجية أكثر مما يخدم مصالح المغرب على المدى البعيد. عندما يربط المبعوث الشخصي للأمين العام لأمم المتحدة في النزاع كريستوفر روس الخطوات المقبلة للبحث عن الحل بمباشرة مجال حقوق الإنسان وتتفاعل معه وزارة الخارجية الأمريكية مدفوعة بمركز كندي زائد توصية البرلمان الأوروبي بخصوص اتفاقية الصيد البحري وربط هذا كله باحترام حقوق الإنسان،نجد أن الأمر يتجه في إحكام الحلقة من أجل تجاوز المبادرات السابقة بأخرى يتم طبخها في عواصم أوروبية وإفريقية ودول لها مصلحة في الصحراء المغربية، ونتساءل عن ملامح هذه المبادرة الجديدة ألا يمكن أن تتعدى السيادة المغربية المباشرة لإنشاء منطقة دولية. لكن نطرح على المناضلين في دعم هذا الاتجاه هل الدولة المغربية أخفقت في أداء واجباتها ومسؤولياتها تجاه مواطنيها حتى لا يتم اعتبار سيادتها على أقاليمها؟ التكتيكات التي يستخدمها الانفصاليون بدعم من المتدخلين في القضية الصحراوية الآن هو فتح جبهات وحروب جانبية ترهق المغرب لخلق بؤر من التوتر والارتباك واستفزاز السلطة وجرها إلى مواجهات لا يمكن التكهن بمداها، لابد إذن من مواجهتها سياسيًا ودبلوماسيًا وبحكامة جيدة في تدبير الملفات التي تهم ساكنة الصحراء خاصة و كافة مناطق المغرب بشكل عام و اعتبار أمنها الروحي و الغذائي و الاجتماعي ضرورة و أولوية قصوى في ترتيب الأمور الداخلية و بمشاركة الجميع بلا إقصاء. إن المقاتل الحقيقي يستطيع أن يضع سلاحه جانبًا في أي وقت بشجاعة و ثبات و بلا عقد نفسية بحثًا عن السلم و دفاعًا عنه واضعًا في اعتباره مصلحة أجيال من الناس ينشدون الاستقرار، فصناعة السلام أكثر مسؤولية وأكثر إلحاحًا حتى يبقى الحلم جامعًا مانعًا خفافيش الظلام من العبث بأمن البلاد و العباد.