نحن في مواجهة نموذج جديد من المتطرفين البلطجية أشد خطرا على الاستقرار الاجتماعي من المسلحين الذين يستخدمون العنف وسيلة لتحقيق أهدافهم. قمة التطرف والبلطجة أن يحدث انقلاب على السلطة القضائية فلا تُحترم أحكامها ويرمى بها عرض الحائط باستهانة وسخرية وامتهان لقيمتها التي تجعل الناس يهرعون للمحاكم بحثا عن العدل ورفع الظلم. يجسد رفض وزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات نموذج المتطرفين الجدد، بموقفهم المتعسف مع حكم المحكمة الإدارية العليا لصالح المنتقبات. البلطجية العاديون والمسلحون المتطرفون يهربون من القانون ويتوارون عن الأنظار، أما المتطرفون الجدد فيواجهونه بوجه لا يغطيه برقع الحياء، يتحدونه بصلف، ويجتمعون لخنقه، مستندين إلى قوة تحميهم وتبطش بالمظلومين، وتبرهن أننا لا نعيش دولة قانون ولا مؤسسات، بل كل من يملك السلطة "يدلع" نفسه كما يريد! وزارة التعليم العالي أصرت على حصول كل منتقبة على حكم خاص بها للسماح لها بدخول الامتحانات، وهذا ما فعله عمداء ووكلاء كليات جامعة عين شمس، التي قام الأمن فيها بمساعدة وكيل كلية العلوم لشؤون الطلاب باحتجاز منتقبة بغرفة الحرس لمدة ساعة كاملة لكي يجبروها على أن تخلع نقابها أو توقع تنازلا عن دخول الامتحان. 107 طالبات منتقبات تم طردهن من لجان الامتحانات. ورفض الدكتور حسام كامل رئيس جامعة القاهرة وعمداء كلياتها دخول أي طالبة منتقبة، فأرسل إليهم المحامي الذي حصل على حكم لصالحهن انذارا على يد محضر. المتطرفون الجدد تصرفوا في جامعات الاقاليم بنفس الطريقة. وضعن المنتقبات بين اختيارين لا ثالث لهما.. خلع النقاب أو الحرمان من الامتحان. لا أعرف أين المادة الثانية من الدستور التي تعوم عليها حملات العلمانيين ودعاة المدنية ودكاكين حقوق الانسان، فالحملة ضد أي زي إسلامي سواء كان حجابا أم نقابا لا تستند على أي مرجعية إسلامية! تجاوز الأمر عندنا ما يحدث في فرنسا التي تحتج بأن النقاب يناهض مبادئ الدولة العلمانية، لكنها تحترم دستورها وأحكام قضائها. إذا لم يكن هناك قضاء يحترم في بلادنا فليس أمام هؤلاء الناس سوى الشكوى إلى الله، لكن هل سيرتعدون وترتعش أوصالهم كما فعل السادات عندما سمع ذلك من الأستاذ عمر التلمساني عليه رحمة الله، فظل يتوسل إليه أن يسحب شكواه. لا أظن..!