«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون ترسم خريطة منتزهات الفقراء في شم النسيم
نشر في المصريون يوم 04 - 05 - 2013

حديقة الحيوان تحولت إلي أشباح.. والقناطر الخيرية تحت سيطرة عصابات التوك توك
"شم النسيم".. هو أقدم احتفال شعبي عرفه القدماء المصريين منذ أكثر من خمسة آلاف سنة، وتحديدا عام 2700 قبل الميلاد، ورغم أن جذوره فرعونية إلا أنه امتد عبر العصور، وأضيفت له الطقوس ودخلت عليه بعض المعتقدات الأخرى، فصار احتفالا ترفيهيا وروحيا، حيث كان القدماء المصريون يعتقدون أن هذا اليوم هو بدء خلق الكون، ولذلك أطلقوا عليه الكلمة الفرعونية "شمو" والتي تعني عيد الخلق أو بعث الحياة.
وقد توارث المصريون طقوسا خاصة للاحتفال بعيد شم النسيم منها الحرص على تناول أطعمة بعينها ومنها البيض والفسيخ والبصل والخس والملانة.
وكان لكل نوع من أطعمة مائدة الربيع تفسير، فالبيض يرمز في عقيدة الفراعنة إلى خلق الحياة بخروج الحياة من البيض، أما البصل فقد دخل ضمن القائمة الربيعية في عهد الأسرة السادسة بعد يقينهم بأنه أحد النباتات المقدسة التي تطرد الأرواح الشريرة.
أما الخس فهو من النباتات المفضلة التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها، وقد دخل في المائدة الربيعية منذ عهد الأسرة الرابعة، وظهرت صوره في سلال القرابين بورقه الأخضر الطويل، أما الأسماك المملحة فتعني الخير والرزق، ومن الأطعمة التي حرص قدماء المصريين على تناولها أيضا في المائدة الربيعية نبات الحمص الأخضر، وهو ما يعرف عند المصريين باسم "الملانة"، وقد جعلوا من نضوج ثمرة الحمص وامتلائها إشارة إلى مقدم الربيع.
وفي هذا العدد نتجول في أشهر الأماكن التي اعتاد المصريون على الاحتفال بشم النسيم فيها.
* "حديقة الحيوان" تبحث عن التصنيف الدولى المفقود منذ 10 سنوات.. و6 آلاف حيوان يبحثون عن راع
* 9 أطباء فقط لرعاية 6 آلاف حيوان وطائر، وأجر البيطرى 6 جنيهات، والأطباء لم يدرسوا فى الجامعة الحياة البرية
حديقة الحيوان.. هي المتنزه الأقدم والأعرق في حياة المصريين.. كان واحدا من أهم الحدائق الضخمة في أفريقيا والشرق الأوسط، وكان نتاجا طبيعيا لعلاقة المصريين التاريخية بالحيوانات الأليفة والمتوحشة، والزاحفة والطائرة.
تستقبل حديقة الحيوان سنويا أكثر من مليون زائر منهم أكثر من 300 ألف زائر في شم النسيم فقط.
أنشأت حديقة حيوان الجيزة عام 1891، بأمر من الخديوي إسماعيل، على مساحة 85 فدانا في قلب العاصمة المصرية، وبالقرب ممن ضفاف نهر النيل، وافتتحت في عهد الخديوي محمد توفيق ابن الخديوي إسماعيل، وبدأت بعرض أزهار ونباتات مستوردة غير موجودة في الطبيعة المصرية، وتضم الآن قرابة 6 آلاف حيوان ينتمون إلى 175 فصيلة أو نوع، بالإضافة إلى انتشار جداول مائية وكهوف وشلالات مائية وجسور خشبية وبحيرات الطيور المعروضة ومتحف تم بناؤه عام 1906، يحتوي على مجموعات نادرة من الحيوانات والطيور والزواحف المحنطة، حتى أطلق عليها "جوهرة التاج".
ورغم عراقة حديقة الحيوان ومكانتها التاريخية إلا أنها تراجعت عن مكانتها وفقدت عراقتها ولم تعد المكان المفضل للطبقة المتوسطة من أبناء الشعب المصري، الذين لا يجدون متنفسا إلا هذه الحديقة التاريخية، وهو الأمر الذي ترتب عليه صدور قرار الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان، ينص على استبعاد مصر من عضويتها نتيجة لوجود عدد كبير من السلبيات التي انتهكت حياة الحيوان وعدم الأخذ بتوصيات الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان، أهمها الاهتمام بالشكل المطلوب والنظافة وتفشي أمراض أودت بحياة حيوانات نادرة، وعدم توفير حياة طبيعية تناسب بيئة الحيوان والمعاملة السيئة للحيوانات.
"المصريون" تجولت داخل الحديقة لتتعرف على أهم السلبيات والمشاكل التي أدت إلى نفور المصريين من حديقة الحيوان.
بدأنا الرحلة المريرة مع ماهر محمد نصير قائد حرس حديقة الحيوان، سألته عن أمن الحديقة، فأخبرني أن أمن الحديقة مسئوليته ويساعده في ذلك 12 فرد أمن فقط صباحا و20 خفيرا مساءً، وهم جميعا يتبعون وزارة الزراعة، وبرغم من أنهم المسئولون عن تأمين أكثر من 85 فدانا، إلا أن مرتبات الحكومة لا تكفيهم ولكن الحوافز تعوض بعض الشيء.
اصطحبني إلى الكوبري المعلق، الذي صممه المهندس الفرنسي غوستاف إيفل، عام 1911، ويربط بين جبلين بمدخل في الأسفل ومخرج عند قمة الجبل، وأخبرني دليلي أن هذا الكوبري يتبع اليوم هيئة الآثار التي أغلقته تماما وأصبح مكانا محظورا، لأن حالته متهالكة جدا، وهناك خطورة في الصعود إليه، خاصة وأن سلوك الكثير من الزوار هو السبب المباشر في الحالة التي وصل إليها، لأنهم يحبون أن يحصلوا على جزء من الحديد أو الأخشاب كتذكار.
ثم توجهنا إلى بيت السباع المفتوح، والتقينا ب "عم أحمد" حارس السباع الذي أكد أنه لا يوجد سوى أسد آسيوي أبيض واحد، أما باقي الأسود فهم أفارقة الأصل، ونمر واحد، قائلا إن البيت ينقسم إلى جزأين، أحدهم للعرض داخل الأقفاص الخمسة، والآخر مفتوح للنزهة اليومية ويتسع لأكثر من فدانين مليء بالأشجار وفروع الشجر الخشبية، لكي تشعر السباع بأنها تعيش وسط الحياة الطبيعية.
وأضاف أن أكبر أسد في الحديقة يبلغ 20 عاما ومتوسط عمره في الحياة البرية 14 عاما، ورغم أنه المسئول عن السباع في حياتها اليومية منذ أكثر من 18 عاما، ورغم أن المسئولية خطيرة، إلا أنه لم يتلق أي نوع من التدريب قبل العمل مع السباع، ومع ذلك فهو يقدم لها المياه في أحواض واللحوم من خلف القفص ويقوم الأسد بشدها من الخارج بفمه.
تركنا بيت السباع، وسرنا فوق أوراق الأشجار التي تغطي الأرضية، وصادفنا أنواعا كثيرة من الأشجار الأرز والنخيل القديم، ومررنا على أنواع كثيرة من النسانيس والنعام واللامات والوعل، توقفني بيت جديد فارغ من الحيوانات وعندما شعر قائد الحرس باستغرابي، قال لي: إنه بيت إنسان الغاب الجديد، تقدمت لأشاهده من الداخل، فوجدته يضم 4 حجرات للعرض وحديقة صغيرة مفتوحة، كانت مفاجأة أن أراه أمامي في أحد أقفاص العرض وحيدا، فعلمت أنه محبوس داخل قفص العرض لأنه انتقل إلى بيته الجديد أمس فقط، العجيب أنه فهم حديثنا ومد كفه الكبيرة خارج القفص، يشكوا من غربته ووحدته ويرجونني، أن أعيد له زوجته، فسألت حارسه عن سبب حرمانه منها فقال: إن هذا الوضع مؤقت ومقصود حتى يشعر بالوحدة ويبحث طويلا عن زوجته "تيتي"، وعندما تنتقل إليه ويجدها يسعد "بانتو" ويشعر بأنه في بيته ويتعايش معه.
وأحضر حارس إنسان الغاب قارورة شاي بالعسل الأسود، وراح يسقيه قائلا، "بانتو" صغير السن يبلغ من العمر 18عاما، يبدأ يومه بتناول اللب والسوداني والبلح في وجبة الإفطار، أما وجبة الغداء فتتكون من الجوافة والتفاح والموز.
تركنا "بانتو" وصوته ما زال يتردد متوسلا لعودة زوجته، لاحظت أحد أفراد النظافة وهو ينظف الحديقة مستخدما جريدة من النخل، قائلا: إنها الوسيلة الوحيدة التي لم يجد غيرها، مؤكدا أنهم اشتكوا كثيرا من عدم وجود أدوات للنظافة ولم يستجب لهم أي مسئول، توقفت أمام جبلاية القلعة التي تعد أصل الحديقة، والتى صممها المهندس التركي سايبوس عام 1867، مكسوة بالشعب المرجانية والأشجار المتحجرة والأحجار ويغطي طرقاتها الزلط الملون.
أما جبلاية القلعة فهي واحدة من خمس جبلايات توجد بالحديقة، بالإضافة إلى جبلاية الشمعدان وجزيرة الشاي وجبلايتي الكوبري المعلق، وجبلاية القلعة عبارة عن استراحة خاصة للخديوي إسماعيل، في حديقة الوالدة باشا، ليستقبل فيها ضيوفه من الأمراء والوزراء، وهي مصممة على شكل بيضاوي من الداخل ويوجد بها كنبة مرسوم عليها علم مصر، كانت مخصصة للخديوي وزوجته، وأخرى في أقصى اليمين وغيرها في أقصى الشمال، مخصصة لضيوفه من الأمراء، بالإضافة إلى أربع كراسٍ للوزراء، كما يوجد حوضان كبيران كانا كحوضين للسمك الملون، وفي منتصف السقف يوجد منارة صغيرة تعظم الصوت وتجعل له صدى، كما يوجد كرسيان على باب الاستراحة للحرس.
صعدنا إلى أعلى الجبلاية ذات التصميم الفريد وبلا درجات سلم على الإطلاق بل مصمم بها مطالع منحدرة، المشهد البديع للجبلاية جعلني أتعجب من عدم استغلالها سياحيا، وعلمت أنها أصبحت تتبع هيئة الآثار منذ سنتين تقريبا، ولكنها كانت تستقبل قبل أن تغلقها هيئة الآثار، الكثير من الزوار المصريين والأجانب نهارا، كما كان يستغلها أبناء رموز النظام السابق في إقامة حفلات أعياد الميلاد، ولفت انتباهي أن جدرانها مصممة على أشكال الحيوانات رغم أنها أنشئت قبل أن يفكر الخديوي في تحويلها إلى حديقة حيوان، ليكون تصميمها دليلا على حبه الشديد للحيوانات، كما علمت أنه كان يصل إلى قمة الجبلاية خط من النيل لتروي الجبلاية نفسها في صورة شلال طبيعي، ويوجد في خلف الجبلاية حوض كان يستخدمه الخديوي كحمام سباحة وتحول الآن إلى حوض للبجع الأبيض.
انتهيت من رحلتي إلى الجبلاية، لأتوقف أمام بيت الفيل وتقدمت من عم محمد الذي يعمل منذ 23 سنة كحارس للفيل، وأخبرني أن الحديقة لا يوجد بها سوى اثنين من الفيلة، أحدهما أنثى هندية الأصل، وجرت العادة أن تنتقل كل صباح إلى قفص العرض، حيث يلتقي بها جمهور الحديقة، ثم تعود مساءً إلى بيتها بمفردها دون حرس، ومن الملاحظ أن هناك سورا من سياج الحديد، يفصل الحارس عن الزوار، وأوضح الحارس أن هذا السور هو الأمان للزوار، خاصة وأن الحيوانات لها مزاج خاص، فإذا لم تسترح للإنسان يمكنها أن تأذيه، مشيرا إلى أن الفيلة الأخرى أفريقية النوع وتظل في البيت لا تخرج مثل الهندية، وهي صغيرة السن وتبلغ 28 عاما، ولكن قوة خرطومها مخيفة.
ما لفت انتباهي أنه لا يوجد بالحديقة فيل من الذكور، وعلمت من عم محمد أن هذه الفيلة جاءت مع فيل ذكر ولكنه توفى منذ أكثر من 10 سنوات، وأوضح لي أنها يمكنها الزواج مرة ثانية، ولكن الفيلة لا تتآلف على ذكر آخر بسهولة، ويمكن أن يقتلوا بعضهما البعض، ورغم خطورة التعامل مع الأفيال كانت الشكوى الوحيدة لعم محمد أن إدارة الحديقة لا تصرف لهم بدل خطورة، رغم وجودها في قانون العمل، بالإضافة إلى عدم تخصيص أي مستشفى خاصة للعاملين، ليلجئوا إليها في حالات الإصابة بالعدوى من الحيوانات أو الحوادث التي يمكن أن تحدث لهم، رغم علم خبراء الطب البيطري وجود 200 مرض مشترك بين الإنسان والحيوان.
حملنا كل هذه الهموم والمشاكل إلى مجلس إدارة الحديقة لنعرف منهم الأسباب الحقيقية التي أدت إلى خروج الحديقة من الاتحاد الدولي لحدائق الحيوانات في العالم وأهم التوصيات والمطالب التي طلبها للعودة إلى الاتحاد من جديد.
تقول الدكتورة منى صابر رئيس وحدة تكنولوجيا المعلومات، إن الحديقة من أقدم الحدائق في العالم، وإنها كانت نتاجا طبيعيا لتطور العلاقة الحميمة التي تربط المصريين بالحيوانات، موضحة أنه عندما قرر الخديوي إسماعيل إنشاء الحديقة وإهداءها إلى الشعب لتجميع الحيوانات الغريبة، التي أهداها له الجنود والأمراء وعرضها، إلا أن الحديقة تطورت لتكاثر الحيوانات وازدياد عددها مما اضطر الحكومة لإنشاء مركز للبحث العلمي لتغطية احتياج الحيوانات للعلاج والوقاية، وأكدت أن 70% من أسباب خروج الحديقة من تصنيف الاتحاد الأوروبي ناتج من السلوكيات الغير طبيعية للزائرين سواء في عدم النظافة أو في معاملتهم للحيوانات.
وأضافت أن انعزال الحديقة عن المجتمع الدولي لحدائق الحيوان تماما منذ 1995 وحتى 2004، لسبب مجهول سلكته الإدارة السابقة لحديقة الحيوان، أدى إلى تأخر الحديقة عن مثيلاتها في العالم، خاصة وأن الإدارة التي كانت مسئولة عن الحديقة في هذه الفترة كانت معدومة التخصص، الأمر الذي أدى إلى تأخر وصول بعض العلوم التي تحتاج إليها الحيوانات مثل علم الإثراء الطبيعي الذي يوحي للحيوانات بأنهم في بيئتهم الطبيعية، وكذلك علم توفير البيئة لممارسة الحيوانات لسلوكياتها.
أما عن المشاكل التي يواجهها العاملون بالحديقة، فأوضحت الدكتورة منى أن الميزانية المخصصة للحديقة غير كافية، حيث إن طعام الحيوانات يكلفنا نحو 5 ملايين جنيه سنويا، بالإضافة إلى الأدوية وبعض الأجهزة، مبينة أن الإيرادات المحدودة للحديقة قد تكون كافية، ولكن المشكلة أن يد الإدارة مغلولة في التصرف فيها، فلا يحق لها أن تشتري أحد الأجهزة التي تحتاج إليها الحيوانات حتى لا تموت إلا بعد تقديم ثلاثة عروض وتقوم بعمل مناقصات، وأخيرا تأتي النتيجة برفض المناقصة، إما للأسعار أو طبقا لقانون المناقصات وتقديم إجراء على آخر، وهذا نتاج لمخالفة القوانين التي تحكم حدائق الحيوان في العالم والتي لا تتبع ميزانيتها للدولة.
وأضافت أنه لا يمكن أن يكون الطبيب البيطري يعمل كطبيب وكمعالج وكلاف متعلم، ورغم ذلك لا يحصل سوى على 6 جنيهات يوميا، وتداركت قائلة: إن الإدارة بدأت في عمل العقد التأميني ليحصل حديثي التخرج على 300 جنيه شهريا، بالإضافة إلى أن الإدارة تقوم بتعويضهم بالحوافز وبعدم اتخاذ موقف قوي من أخذ بعض العاملين النقود من الناس، الذين يعطون لهم إكرامية، لأنهم لا يحصلون عليها من الناس بالإجبار.
ومن جانبها ترى الدكتورة مها صادق رئيس قسم الوقاية والعلاج، أن الإشكالية الكبيرة التي تواجه الأطباء البيطريين، أن كلية الطب لا تتضمن دراسة الحياة البرية، لذلك يضطر أن يدرس السلوكيات والبيئة الطبيعية للحيوانات ويتدرب على يد العاملين الأقدم منه ويدرس على الحيوانات الموجودة بالحديقة، أثناء عمله حتى يتمكن من توفير البيئة التي تناسبهم بقدر الإمكان، بالإضافة إلى أنه يضطر للعمل بدور الكلاف المتعلم لعدم وجود هذا التخصص في مصر، مبينة أنه رغم وجود أكثر من 170 نوعا أو فصيلا من الحيوانات والطيور والزواحف، إلا أنه لا يوجد تنوع في تخصص الأطباء، هم جميعا أطباء بيطريون، ورغم وجود أكثر من خمسة آلاف حيوان إلا أنه يوجد 27 طبيبا بيطريا في الحديقة ولا يتعامل مع الحيوانات سوى 9 فقط.
وأضافت الدكتورة مها، أن عدد الأطباء الذين يعملون في حدائق الحيوانات الأجنبية لا يزيد على طبيبين، ولكنهم يعوضون هذا الأمر بوجود فئة الكلاف المتعلم الذي يتخرج من كلية العلوم ودارس لعلم البيولوجى، أما كلاف حديقة الجيزة فهو جاهل ولا يعلم سوى التعامل مع الحيوانات، معللة عدم وجود هذه الفئة لانعدام الثقافة المصرية التي تجعل المتعلم لا يقبل أن يكون عاملا في النظافة، ورغم جهل الكلاف المصري إلا أن أهم تعليق جاء في تقييمات الاتحاد الأفريقي للحديقة أن تعامله مع الحيوانات ممتازة.
أما بخصوص المشاكل التي واجهت الحديقة في الوقاية أكدت الدكتورة مها، أن المشكلة التي واجهتهم وأجبرتهم على غلق الحديقة لأكثر من شهرين كان نتاج عدم اعتراف الحكومة المصرية بدخول وباء أنفلونزا الطيور إلى مصر، الأمر الذي جعل الحديقة بلا استعداد وبالتالي حدثت إصابات كثيرة جدا في أكثر من نوع من الحيوانات، مضيفة أنهم اضطروا إلى إعدام الأنواع الرخيصة من الحيوانات المصابة، أما الأنواع الغالية الثمن فقد عولجت ومازالت تنتج وتتكاثر، وبالتالي أصبح يوجد بالحديقة برنامج تحصيني وهو تحصين الحيوانات مرة كل ستة أشهر.
ولوجود أكثر من مرض مشترك بين الإنسان والحيوان أشارت الدكتورة مها إلى أن العمال والأطباء لا يحتكون بالحيوانات إلا بعد أن يمروا على غرف لاستبدال ملابسهم بزي الحديقة، بالإضافة إلى وضع مطهر على الخيش على كل مداخل الحديقة، ورش بعض الجير على مداخل أقفاص الحيوانات حتى لا تنتقل أي عدوى محتملة.
ومن جانبها قالت الدكتورة مها عدلي ناشد أخصائية المعمل البحثي بالحديقة، إن المعمل يقوم بفحص دوري لعشر عينات من كل نوع من الحيوانات يوميا، أي أكثر من 1700 حالة تفحص يوميا من الإصابات الطفيلية، بالإضافة إلى الحالات المرضية التي لا تنتظر الفحص الدوري، بل تؤخذ منها العينات فورا وتفحص طفيليا وبكتيريا ويقوموا بعمل صورة دم.
أما عن الكشف على أطعمة الحيوانات فقالت: لدينا وحدة سموم كاملة يتم فيها فحص جميع الأطعمة مثل الذرة والشعير وغيرها، مؤكدة أن هذا الفحص لا يقتصر على الشك في بعض الأطعمة بل يتم يوميا.
أما عن المشاكل التي تواجه معمل الأبحاث بالحديقة فقد أشارت الدكتورة مها إلى أنه رغم أن المعمل يهتم بأكثر من خمسة آلاف حيوان وأكثر من 170 فصيلة مختلفة ما بين طيور وزواحف إلا أنه لا يوجد بالمعمل سوى 3 أخصائيين معامل فقط، أي بمعدل 566 عينة لكل أخصائي، كما لا يوجد تنوع في الأخصائيين خاصة وأن أمراض الحيوانات والطيور والزواحف متعددة وغير محددة.
* شادية والعندليب وفاتن حمامة أشهر روادها
* حديقة الأسماك سقطت من حسابات الحكومة..و"الجناين" للعشاق فقط
رغم أنها من أقدم المتنزهات التي أنشأت في دول أفريقيا والشرق الأوسط، إلا أنها تعاني من كارثة كبيرة وهي أن أكثر من 90% من المواطنين الذين يسكنون مدينتي القاهرة والجيزة يؤكدون على أنهم لم يرتادوها بعد أن أصبحت حكرا على العشاق واللقاءات الغرامية وهجرتها الزيارات العائلية.
تنفرد حديقة الأسماك بتصميم غاية في الإبداع والفن، حتى أنك لتشعر وأنت داخل الحديقة بأنك داخل أحد تجاويف قاع المحيطات، وأن الأمواج قامت بأكبر إبداع في نحتها، وتصميم الحديقة بهذا الشكل يجعلك تشعر بأن صوت الرياح وهو يجوب بداخل التجاويف كأنه صوت الموج داخل المحيط.
أنشئت عام 1867 في عهد الخديوي إسماعيل، الذي أمر باستقطاع قطعة من حدائقه الخاصة تبلغ 9.5 فدان لإنشاء هذه الحديقة، بغرض جعلها استراحة خاصة به، وطالب من مديرة متنزهات باريس إحضار أحد الخبراء لتصميم الحديقة على شكل جبلاية، ومن هنا سميت بحديقة الجبلاية نسبة إلى أحواضها التي تأخذ شكل الجبلاية، وأصبحت قيمة معمارية فريدة، وافتتحت الحديقة لأول مرة للجمهور في 21 نوفمبر 1902، وتحول اسمها من حديقة الجبلاية إلى حديقة العشاق لكثرة ما كان يتردد عليها من العاشقين، ولقد نال الحديقة بمرور الوقت فترات من الاهتمام وفترات من الإهمال والتخريب إلى درجة إغلاقها لفترة طويلة، حتى أصبح اسمها يدل على مكان مهجور يرمز لذكرى قديمة.
توجهنا إلى الجبلاية لنرصد عن قرب أحواض الأسماك القليلة المتنوعة، واكتشفنا أن الجبلاية تمثل بانوراما الحياة البحرية بالكهوف.
الممرات الضيقة للحديقة تحتوى على 32 حوضا للسمك، جزء منه يحتوي على كائنات بحرية حية والجزء الآخر يحوى على كائنات بحرية محنطة، وأمام كل حوض تقف أسرة تشاهد محتواه من الأسماك، والبعض يهتم بقراءة الورقة التي يكتب عليها النوع الموجود داخل كل حوض، وتمتعت الأحواض التي يوجد بها الكائنات البحرية الحية بأكبر قدر من المشاهدة، خاصة من الأطفال التي كانت تتابع ببهجة كبيرة الأسماك وهي تلعب داخل الأحواض، بل وتحاول إمساك كل سمكة تقترب من زجاج الحوض.
أما الأحواض التي توجد بها الكائنات المحنطة فيمر بها الزوار مرور الكرام، على الرغم من وجود 200 نوع من الأسماك المحنطة التي تم تجميعها منذ عام 1902 وحتى اليوم، ومن أكثر الكائنات البحرية المحنطة مشاهدة من الزوار هي أسماك القرش وسبع البحر والترسة المائية، وعلمت من "أحمد عبد التواب" أنهم يرون الكائنات المحنطة كائنات جميلة ولا يمكن مشاهدتها حية بسهولة ولكنها لا تشد الانتباه مثل الكائنات الحية التي يراها الجميع تلعب وتأكل أمامهم مباشرة.
وتتكون الجبلاية من فتحتين تشبهان فتحتي الخياشيم للسمكة، وخلفهم منطقة البهو، وعلى جانبي الفتحتين توجد زعنفتان جانبيتان خلفهما الممرات الأربعة، فالطابق الأرضي يحتوي على بهو واسع يتفرع منه طرقتان يعرض بهما 49 حوضا للأسماك.
أما الخنادق الصغيرة التي كانت دائما ما تزعج الأمن وتخدش حياء البعض، لأن بعض من المستهترين العاشقين يستخدمونها استخداما سيئا، فلم تجد إدارة الحديقة سوى غلق أبواب تلك الخنادق بسلاسل حديدية، الأمر الذي وضع حدا لهذه التجاوزات التي تنافي أبسط التقاليد المصرية العريقة.
الحقيقة أن أحواض السمك التي توجد داخل الجبلاية لا تمثل وسيلة المتعة الوحيدة في حديقة الأسماك، فحول الجبلاية توجد مساحات خضراء رائعة تحتوي على نباتات نادرة وبعض الأشجار التي يزيد عمرها على مئة عام كالنخيل المملوكي والكازورينا والفوانكس البلدي والإفرنجي وأشجار الصنوبر واللويزة، وبعض الأشجار التي يعود أصل جذورها إلى أستراليا ومدغشقر وتايلاند حيث الغابات النادرة التي تتميز بها هذه المناطق.
وعلمت أن وسيلة الري الوحيدة المتوفرة لتلك المساحة الخضراء الواسعة هي بعض الآبار التي توجد منذ القدم، والتي حفرت خصيصا لأن المياه الجوفية قريبة من سطح الأرض، وكانت توجد بعض الأسر التي تفترش العشب الأخضر وتتظلل بالأشجار، في حين كان يحاول بعض الصبية تسلق النخيل والأشجار المختلفة.
تجولنا داخل المساحات الخضراء، ويبدو أن الملاحظة البديهية التي تراها هي قلة الزائرين، رغم الاهتمام الكبير الذي طال الحديقة من بعض النجوم الكبار مثل الفنانة شادية والفنانة فاتن حمامة، إنما كان الاهتمام الأكبر من العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذي كان منزله يواجه الحديقة مباشرة، ولأنه كان مغرما بالمكان كان دائم الجلوس على الشرفة التي تطل على الحديقة، ودائما ما كان يلتقط لها صورا بكل الزوايا والمناسبات والأوقات المختلفة، ورغم أن الاهتمام السينمائي عاد يلقي الضوء على الحديقة من خلال الفيلم الذي لاقى ضجة في الأوساط الفنية، وهو فيلم "جنينة الأسماك"، ورغم أن الكثير من الزائرين أبدوا إعجابهم بحديقة الأسماك وبالوقت الممتع الذي قضوه داخل الحديقة، إلا أن الحديقة لم تعد تتمتع بكثافة الزائرين، حتى أن كاميرا "المصريون" لم تستطع أن تلتقط تجمعا كبيرا داخل الحديقة.
* "القناطر الخيرية" تحولت من منتزه محمد على باشا إلى موقف للتوك توك
"يا سواق يا شاطر.. ودينا القناطر".. يبدو أن تلك الأغنية الشعبية القديمة لازالت موجودة في عقول المصريين، الذين ارتبطوا وجدانيا برحلة القناطر الخيرية في مناسبات بعينها وفي مقدمتها "شم النسيم وأعياد الربيع"، منذ أن أنشأها محمد على باشا حتى يحتفل فيها المصريون.
يتوافد على القناطر الخيرية أكثر من مليون مواطن سنويا، للاحتفال بشم النسيم والتمتع بالحدائق التي تقع على ضفاف النيل، خاصة وإنهم يمكنهم التنزه برًا تحت الأشجار وفوق الحشائش أو التنزه في المراكب النيلية والتمتع بالنسيم العليل.
أما أكثر الطرق ازدحاما هو كوبري المشاة المؤدي إلى الحدائق، ورغم المعاناة التي يعانيها الجميع للوصول إلى الحدائق، إلا أن تعدد الزهور بألوانها البديعة ورائحتها العطرة ومظهر النيل تفتن المشاعر حتى ينسى الجميع معاناتهم في الطريق.
القناطر الخيرية تلك المدينة التي يعود تاريخها إلى عصر محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة، الذي وضع حجر أساسها في إبريل عام 1843، والتي تبلغ مساحتها 500 فدان، وكان الهدف الأساسي في ذلك الوقت من إقامتها، أن تحجز بواباتها مياه النيل الزائدة حتى لا تحدث فيضانات تغرق الأراضي الزراعية، ومن ثم يتم توزيعها فيما بعد عبر الرياحات الثلاثة لتصل إلى جميع أراضي الدلتا.
وللأسف الشديد لم تعد القناطر الخيرية تلقى الاهتمام الكبير الذي كانت تحظى به في عهد الخديوي إسماعيل، الذي أبدى اهتمامه بها عندما ظهر خلل في بعض عيون القناطر سنة 1867 بسبب ضغط المياه، وقتها أصر على إصلاحها في عهده، وعهد إلى فطاحل المهندسين في عصره وهم موجيل بك المهندس الفرنسي، ومستر فولد المهندس البريطاني، وبهجت باشا ومظهر باشا، وبالفعل تم إصلاح الخلل في عهد الخديوي إسماعيل.
الحقيقة أن ذلك المتنزه كان ولا يزال نزهة اليوم الواحد عند المصريين، وعادة ما يكون هذا اليوم هو يوم عيد الربيع، حيث تلهو الأسر في حدائقها وشوارعها الواسعة، تلك الشوارع التي ينطلق فيها الأطفال باللعب بالعجل وبالكرة.
المشكلة التي تواجه معظم الشباب في عيد الربيع منذ قيام الثورة هي أن الأهل أصبحوا يضيقون الخناق عليهم، ولا يسمحون لهم بالخروج في هذا الحشد خوفا من الانفلات الأمني الذي تعاني منه مصر كلها، وفي هذا تقول "ريهام صابر" إنها اعتادت على الخروج مع مجموعة من الصديقات والقدوم إلى القناطر الخيرية حتى يتمتعن بركوب إحدى المراكب النيلية، ولكن منذ اندلاع الثورة وتفشي الانفلات الأمني، جعل والديها لا يسمحان لها بالخروج في هذا اليوم الذي يخرج فيه ملايين المصريين إلا معهم.
الكارثة التي تواجه هذا المتنزه الذي يعد أحد المتنزهات التي يلجأ إليها فقراء مصر للترويح عن أنفسهم، هو زحف العشوائيات على الجناين وزحف مواقف السيارات والتكاتك على الطرق، الأمر الذي انتزع الكثير من جمال القناطر الخيرية ومن قدرة الفقراء على الاستمتاع بعيد الربيع، الغريب أنه لا يمكن محاسبة المسئول على تحول القناطر الخيرية من أكبر وأجمل متنزه إلى حدائق تضغط عليها العشوائيات، خاصة مع وجود أكثر من جهة تشرف على القناطر الخيرية، فالمنطقة المدنية تشرف عليها محافظة القليوبية، أما منطقة الحدائق فتقع تحت إشراف وزارة الري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.